الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
جدوى استمرار الجدل | رجوع
جدوى استمرار الجدل
كتب عبدالمحسن حمادة :
دار جدل مطول في الساحة السياسية حول دستورية حل المجلس، وتدل الآراء التي طرحت على عمق ووعي سياسي لم نشهد لهما مثيلا في الساحة السياسية. ويؤكد ذلك الطرح أننا أصبحنا نملك خبرة واسعة في المجال السياسي، وأن مجموعة كبيرة من أبناء المجتمع أصبحت حريصة على التمسك بالدستور وعدم التلاعب به. وستثري تلك الآراء من تجربتنا الديموقراطية وتوجهها إلى مسارها الصحيح. ومع اعترافنا بهذا واحترامنا لتلك الآراء التي نعتقد أنها صائبة ويقولها متخصصون في المهنة ومخلصون لوطنهم ويهدفون الى تجنيب الدولة الوقوع في أخطاء تجرها إلى مشاكل مستقبلية خطيرة، إلا أننا نتمنى أن يكون الحل الذي ارتأته الحكومة، والذي يتمثل في تشكيل حكومة جديدة من غالبية وزراء الحكومة السابقة أدت القسم أمام صاحب السمو لتقوم بتصريف العاجل من الأمور وتشرف على الانتخابات المقبلة هو أفضل الحلول وكفيل لإنهاء هذه الأزمة ووقف ذلك الجدل، لنفكر في مستقبل الدولة ونأتي بمجلس جديد وحكومة جديدة يهتمون جميعا ببناء الدولة والتنمية ومستقبل الأجيال القادمة ووقف نزيف الثروة.
وإذا فكرنا في سبب نشأة تلك الأزمة فسنجد أن الكويت قبل قبول استقالة سمو رئيس الوزراء وحل مجلس الأمة كانت تواجه أزمة حادة لم نعرف لها مثيلا في تاريخنا. فهناك انقسام حاد في الساحة السياسية، وهناك مجموعة من النواب محالة إلى النيابة العامة للتحقيق معهم للاشتباه بتضخم ثرواتهم وعدم معرفة مصادر تلك الأموال التي آلت إليهم. ونواب آخرون متهمون بالتحريض واقتحام مجلس الأمة عنوة وكسر أبوابه والعبث بمحتوياته. يضاف إلى ذلك الانقسام الحاد داخل المجلس وإصرار نواب المعارضة على عدم التعاون مع سمو رئيس مجلس الوزراء وعدم ثقتهم بأن تشرف حكومته على الانتخابات. وسط هذه الأجواء المشحونة ارتأت حكمة القيادة السياسية، لتجنب الدولة حدة ذلك الصراع، أن تقبل استقالة سمو رئيس الوزراء، خصوصاً أنه كان مصراً على عدم التراجع عنها وتم تعيين رئيس وزراء جديد وتم حل مجلس الأمة وتشكلت حكومة جديدة مؤقتة لتصريف العاجل من الأمور ستقدم استقالتها بعد ظهور نتائج الانتخابات، أدت القسم أمام سمو الأمير.
هذه إجراءات ضرورية اتخذتها القيادة السياسية لمصلحة استقرار الدولة وستعرض تلك المراسيم على المجلس في أول جلسة ليقرها ومن ثم ستصبح شرعية بعد إقرارها واعتبارها مراسيم ضرورة. فللضرورة أحكام فالضرورات تبيح المحرمات، هذا مبدأ تقره الشرائع والدساتير، وفي مقدمتها الشريعة الإسلامية، حيث عد الفقهاء المصالح المرسلة مصدرا من مصادر التشريع، كالكتاب والسنة والاجتهاد. ويبين لنا التاريخ أن بعض الخلفاء أخذوا بمصلحة الأمة حتى مع تعارضها مع نص في الكتاب والسنة. من ذلك محاربة أبي بكر (ر) مانعي الزكاة رغم أنهم مسلمون يشهدون أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله ويؤدون جميع الفرائض، ولكنهم أرادوا أن يعطوا الزكاة لفقرائهم بدلا من الدولة. فخاف أبو بكر أن يؤدي ذلك إلى تفكك الدولة التي وحدها الإسلام. كما أوقف عمر (ر) حد السرقة في عام المجاعة وأوقف سهم المؤلفة قلوبهم بعد أن أصبحت الدولة الإسلامية قوية ولديها جيش قوي لا يحتاج الحماية من أولئك الأفراد بل هم بحاجة لحماية الدولة الإسلامية.

د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com



12/18/2011
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com