لا شك في ان هناك فرقا بين الدولة المدنية الديموقراطية، والدولة التي يتحكم فيها الشارع بهيجانه وامزجته الانفعالية والعاطفية، حيث يغيب العقل والمنطق، ويبرز اصحاب الخطب الرنانة التي قد لا تخدم وطنا ولا شعبا، مملوءة بالحقد والكراهية لتهييج العواطف وتسمية الاشياء بغير مسمياتها، يسمون العدوان شجاعة وشتم الآخرين بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر لجر الدولة الى الفوضى. نريد ان نعيش في دولة مدنية ديموقراطية يحترم فيها القانون ويطبق على الجميع بدون تمييز، وتتخذ فيها القرارات بعد دراسة وتشاور بين ممثلي الامة للوصول الى القرارات الصائبة التي تخدم الامة ومستقبلها ومستقبل الاجيال المقبلة. ومن الطبيعي ان يختلف الاعضاء في وجهة النظر، ولكن القاعدة الديموقراطية تقرر ان تلتزم الاقلية برأي الاكثرية. واذا رأت الاقلية ان الاكثرية فاسدة ومرتشية فعليها ان تثبت هذا الادعاء امام قضاء عادل ومحايد لا يحابي اي طرف من الاطراف. لا ان تلجأ الى الشارع وتحمس الشباب وتحرضهم على اقتحام المجلس.
ان نزول المعارضة الى الشارع دفع الطرف الآخر في المقابل إلى النزول الى الشارع وبحشد مماثل، فأدى ذلك الى انقسام في الساحة السياسية الكويتية، نحمد الله ان صاحب السمو تدخل في الوقت المناسب لوقف ذلك الصراع. نتمنى ان نستفيد من هذه الازمة ونخرج منها ببعض العبر والدروس، ومن اهمها: ان غالبية المجتمع ترى ان المعارضة قد تكون صاحبة حق فيما تدعيه، ولكنها تختلف معها في الاسلوب الذي اتبعته في معالجة الخطأ، فيجب ان تكون الوسيلة مقبولة ومشروعة. وهناك من يعتقد ان الصراع بين ابناء الاسرة من اهم الاسباب التي حركت هذه الازمة، نتمنى ان يتوقف هذا الصراع. ونتمنى ان تأتي الانتخابات بمجلس تتفهم غالبيته ظروف الدولة الاقتصادية، وتتخذ القرارات التي توقف نزف الثروة، وتبني اقتصادا قويا يراعي مستقبل الاجيال القادمة.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com