الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
علمانية أردوغان نموذج لإصلاح سياسي | رجوع
تصغير الخطالشكل الأساسيتكبير الخط 05/10/2011
علمانية أردوغان نموذج لإصلاح سياسي
كتب عبدالمحسن حمادة :
قال أردوغان في القاهرة: إن الدولة العلمانية لا تعني أنها لا دينية، إنما تعني أنها تحترم كل الأديان وتقف على مسافة متساوية مع الجميع. ويرى أنه إنسان سياسي مسلم، والإنسان قابل للخطأ والصواب، ولكن الدين لا يقبل الخطأ، لذا يرى بضرورة عزل الدين عن السياسة، والعلمانية سوف تجنّب الدولة حدة الصراع المذهبي والطائفي والديني. لذلك، نصح المصريين بصياغة دستورهم الجديد بمبادئ علمانية، وكرر ذلك في تونس وليبيا. وشجبت الأحزاب الدينية تلك النصائح، والحقيقة أن حكومة أردوغان التي شجبت الأحزاب الدينية نصائحه قد حققت الكثير من النجاحات، فعلى الصعيد الاقتصادي تضاعف الدخل القومي ودخل الفرد ما يقرب من ثلاثة أضعاف، من خلال العناية بالتجارة والزراعة والصناعة والسياحة ومحاربة الفساد. وعلى الصعيد السياسي حافظت على الديموقراطية والحريات الفردية. وحرية الرأي والتعبير واحترم الفن والفنانين ككتّاب وممثلين، تاركة لهم الحرية للتعبير عن آرائهم في ظل قوانين معتدلة لا تحرم أموراً كثيرة، على اعتبار أنها ضد الإسلام. لذلك، ازدهر الفن التركي.
إن الأحزاب الدينية العربية ترفض هذا النموذج الناجح لتعارضه مع هدفهم الرامي إلى إعادة نظام الخلافة الإسلامية، الذي كان قائماً قبل قرون. ففي مصر وتونس وليبيا، وهي الدول التي تنتظر انتخابات مقبلة، تكثف الجماعات الدينية جهودها للفوز بالانتخابات لتصل إلى الحكم ثم تفرض آراءها على الدولة، ففي يوم الجمعة 9/23 نظموا في مصر مسيرات وتجمعات، وأعربوا عن استعدادهم لتقديم أنفسهم شهداء في سبيل تطبيق الشريعة الإسلامية، وطالبوا بتوحيد صفوف الحركات الإسلامية ليشكلوا أغلبية في الانتخابات المقبلة، ثم يتوصلوا إلى حكم الدولة ليفرضوا تطبيق الشريعة، غير مبالين بمشاعر المواطنين الذين يرفضون ذلك. ويعتقد كثيرون أن الأنظمة الدينية التي وصلت إلى الحكم في المنطقة قدمت نموذجاً فاشلاً للحكم، ففي أفغانستان أثناء نظام «طالبان» فرض على الدولة ثقافة اللون الواحد وألغي الرأي الآخر، وفرضوا على المرأة الملابس التي ترتديها ونوع العمل والتعليم. وتعاونوا مع الإرهابيين وسموا الإرهاب جهاداً وأدخلوا المنطقة في حروب مع الدول الكبرى. وفي إيران بعد قيام الجمهورية الإسلامية نص دستور الدولة على أن المذهب الجعفري هو دين الدولة الرسمي، فمنعوا بناء مساجد جديدة للسنة، أو ترميم القديمة أو تجديدها، ووضعوا رقابة مشددة على دور العبادة، وحاربوا مكونات المجتمع الإيراني غير الفرس كالأكراد والعرب والبلوش والأذريين. وفرضوا ثقافة اللون الواحد ووضعوا قوانين ورقابة مشددة كي لا يفوز بالانتخابات البرلمانية والرئاسة إلا من ترضى عنه السلطة. وهكذا يفعل «حزب الله» في لبنان، الذي يحتكر السلاح بحجة مقاومة إسرائيل، ولكنه يوجهه للداخل اللبناني، تمهيداً للاستيلاء على السلطة وفرض ثقافة اللون الواحد.
إن هذا النموذج السيئ الذي قدمته الأحزاب الدينية، التي حكمت في المنطقة، وتعصبها لأيديولوجيتها وفرض أفكارها وإلغاء الآخر، أثار النعرات الطائفية والدينية والمذهبية، وفجر صراعات وحروباً أهلية أدت إلى هجرة كثير من المسيحيين، وهجرة الأقباط من مصر ومطالبتهم بحماية دولية، والصراع الدائر بين الليبراليين والجماعات الدينية في مصر وتونس وليبيا والعراق قد يكون أحد الأسباب التي دفعت غبطة البطريرك الراعي ليطالب بإعطاء فرصة لنظام الأسد، خشية أن يأتي نظام ديني متشدد يكون وبالاً على المسيحيين. ولتلافي هذه الأخطار نتمنى أن تصاغ الدساتير في الدول العربية بمبادئ علمانية وحظر الأحزاب الدينية والطائفية.

د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com



10/4/2011
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com