الكويت بحاجة لهذا المشروع الحيوي، وبحاجة لكل مشروع يساهم في تحقيق التنمية. لقد شعر الكويتيون أن دول الخليج تتقدم بينما أصيبت الكويت بالجمود. فنادوا بالإصلاح وعقدوا المؤتمرات المتخصصة لتحقيق هذا الهدف. ومن أهم ما توصلوا إليه لتحقيق تلك الأهداف تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي، وإعطاء القطاع الخاص دورا مهما في عملية التنمية. ونادى الكويتيون بهذا المشروع الوطني قبل عشرين عاما، وتبنته الحكومة وأصبح من أبرز أهداف الخطة التنموية الجديدة. ويتطلب تحقيق هذا الهدف إقامة مشاريع تنموية جديدة، وإصلاح الجهاز الإداري، وتخليصه من البيروقراطية والفساد وتطوير التعليم لإعداد المواطن الكويتي لتقبل العمل في القطاع الخاص ومستلزماته. ويعد ميناء مبارك من المشاريع التنموية الجديدة التي تساعد في تحقيق أهداف التنمية، وفي مقدمتها تحويل الكويت إلى مركز مالي، وتتوقع الكويت بتحولها إلى مركز مالي عالمي أن يزداد حجم التبادل التجاري بينها، وبين جميع دول العالم. وعليها أن تستعد لهذا التحول الذي تعتقد أنه سينقل الكويت نقلة نوعية نحو التقدم.
وتبين الوثائق الكويتية أن فكرة إنشاء هذا المشروع جاءت ضمن الخطط المتصلة بتطوير جزيرة بوبيان التي بدأت منذ عام 1983، وأقرت عام 1996، وقد بدأ تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع عام 2004. وكان الجانب العراقي على دراية بالمشروع منذ سنوات، ولم يبد أي اعتراض. فلماذا هذه الحملة المفاجئة التي يثيرها بعض السياسيين والنواب والإعلاميين العراقيين ضد هذا المشروع، ويصورونه بأنه مشروع استفزازي وسيخنق العراق؟ ويبدو أن الكويت مصرة على الاستمرار في المشروع، ولن تلتفت لتلك الأصوات العالية. وخاصة بعد أن أكدت الكويت والأمم المتحدة على أن الميناء واقع ضمن الحدود الإقليمية الكويتية، وبعيدا عن الحدود العراقية. كما قدمت الكويت الدراسات التي توضح أنها أخذت بالاعتبار جميع الاشتراطات البيئية التي تؤكد أن المشروع لا يضر بالبيئة البحرية. وهذا ما أكدت عليه المنظمة الإقليمية للبيئة البحرية. وجاء تصريح وزير الدولة العراقي علي الدباغ الذي أعلن فيه أن الحكومة العراقية تطلب من الجانب الكويتي إيقاف العمل بإنشاء ميناء مبارك لحين التأكد من عدم تأثر حقوق العراق في المياه المشتركة، وخطوط الملاحة والإبحار الحر مستغربا. وأعلنت الكويت أنها لن تقبل أن تكون مصدر أذى لجيرانها، وفي الوقت نفسه لن تقبل المساس بسيادتها.
ومما يدعم رأي الكويت أن وزارة الخارجية العراقية، ووزارة البيئة، وجامعة البصرة أكدت في تقاريرها بعدم وجود تأثير للميناء ملاحيا واقتصاديا وجيوسياسيا في العراق. كما أكد قائد القوة البحرية العراقية على عدم تأثير الميناء في حركة قواته العسكرية. ولكن من يؤجج الأزمة هادي العامري وزير النقل المسؤول السابق عن منظمة بدر، والمقرب من إيران وأعضاء من حزب الله العراقي الذي يعتقد أنه مرتبط بالحرس الثوري الإيراني الذي يقول إنه لن ينسى موقف حكومة الكويت الداعم لصدام في الحرب ضد إيران، ولن ينسى الآن قيامها ببناء ميناء يخنق العراق. لذا نخشى أن تكون إيران وراء الأزمة لخلق فتنة بين البلدين، كما خلقت فتنة في البحرين ولبنان وفلسطين