الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
كادر المعلم كلمة حق يراد بها باطل | رجوع
كادر المعلم كلمة حق يراد بها باطل
كتب عبدالمحسن حمادة :
لا يجادل أحد في أهمية الدور الذي يقوم به المعلم، فمن لا يعرف دوره الكبير في حياتنا الاجتماعية؟ فهو المسؤول عن تحقيق أهداف التربية، والحفاظ على تراث الأمة، ونقله وتجديده وتهذيبه. وهو الذي سيهتم بتربية النشء وإكسابهم القيم والسلوكيات والمعارف والمهارات التي تؤهلهم إلى دخول الحياة في مجتمعاتهم بكفاءة واقتدار. إن الدور الذي يقوم به المعلم قد يكون أكثر تعقيداً من أدوار المتخصصين الآخرين ، كالأطباء والمهندسين والمحامين، لارتباطه بوظيفة التطبيق الاجتماعي للنشء وتنمية عقولهم وتفكيرهم وبناء الشخصية الإنسانية ككل. فهذا الدور يتضمن التزامات واسعة يصعب تحديدها. وهو يتعامل مع أفراد في سن التشكيل والتكوين، تنقصهم الخبرة والدراية، سيأخذ بيدهم ليقودهم إلى معترك الحياة. لهذا يجب أن تقدم الدولة للمعلم الرعاية والدعم المادي والمعنوي، وأن تحسن اختيار المعلمين وإعدادهم الإعداد الجيد، ليتمكنوا من أداء دورهم بنجاح. لقد كتب حول هذا الموضوع آلاف البحوث والدراسات، وعقد له الكثير من المؤتمرات، وما زال في حاجة إلى مزيد من الدراسة لتوضيح أبعاده.
ومع إيماننا بأهمية الدور الذي يقوم به المعلم، وضرورة توفير كل ما يحتاج إليه من رعاية ودعم وحسن اختيار وإعداد، إلا أن هذا لا يفرض على المجتمع أن يغدق عليه الهبات من دون تعقل أو مراعاة لظروف المجتمع وإمكاناته. لقد حذر المتخصصون في الشأنين الاقتصادي والأخلاقي من خطورة السياسة المالية المتخبطة، التي تنتهجها الدولة ككل، حكومة ومجلساً وشعباً، من دون استثناء، فالشعب في مقدمة المسؤولين عن نزف الثروة وتبديدها، حيث شكل مجموعة من الروابط والنقابات المتعددة، والجميع يطالب بزيادة الرواتب والأجور والهبات في كل عام، ويهددون بالإضراب ما لم تستجب تلك المطالب. وسرعان ما يتبنى أغلبية أعضاء المجلس النيابي تلك المطالب، ويدافعون عنها، مع علمهم بعدم عدالتها، وأنها بعيدة عن المنطق، ولا تستند إلى دراسة علمية، ومضرة باقتصاد الدولة ومستقبلها، ولكنهم يتبنونها لكسب أصوات الناخبين. وحكومة ضعيفة عاجزة عن التصدي لتلك السياسات الخطرة. ولكي تتمكن من التصدي لتلك السياسات تحتاج إلى أن تكون قدوة في الإصلاح وأكثر قوة وكفاءة، وأن تبرئ نفسها من تهم الفساد والتبذير. ونظراً لهذه السياسة المالية المتخبطة تضاعف الإنفاق في الميزانية لتصبح من أكبر الميزانيات الاستهلاكية في العالم، حيث بلغت 19 مليار دينار في العام، أي أكثر من 60 مليار دولار، ويعادل هذا ميزانية خمس دول عربية تفوقنا عدداً ومساحة. إن نزف الثروة وتبديدها بهذه الصورة في دولة مثل الكويت، تعتمد اعتماداً على النفط، وهو مصدر ناضب، وأسعاره متقلبة، خطر على مستقبل الدولة، ومستقبل الأجيال القادمة. فمن يستطيع توعية الشعب بخطورة الاستمرار في مواصلة هذه السياسة الخطرة؟ كنا نأمل أن يكون المربون هم من يتحملون هذه المسؤولية، خصوصاً أنهم بحكم أعدادهم ووظيفتهم اللتين تجعلان منهم أكثر الفئات معرفة بمشكلات الدولة، وأكثر الفئات احتكاكاً بالأجيال المقبلة، وهم المسؤولون عن توعيتهم وتبصيرهم بمشكلات دولتهم. ولكن من المؤسف أن تصطف قياداتهم مع القيادات الانتهازية في الدولة، والتي لا تهتم ولا تكترث بمستقبل الدولة.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com



6/23/2011
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com