الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
تجاهل مستقبل الأجيال القادمة! | رجوع
إذا كان الحفاظ على ثروة الامة وعدم تبديدها والتفكير في مستقبل الاجيال القادمة ومسؤولية الدولة بضمان توفير حياة كريمة لتلك الاجيال، هدفا ساميا تسعى جميع الدول الى تحقيقه، فإن مسؤولية دولة الكويت وحرصها على تحقيق هذا الهدف والالتزام به يجب ان تتضاعف عن سائر الدول الاخرى، نظرا الى ظروفها الاقتصادية الشاذة التي تجعلها دولة تعتمد اعتمادا شبه كلي على مورد وحيد وناضب. ان فداحة هذه المشكلة وضخامتها دفعتا المعنيين بشأن الدولة ان يبحثوا عن حلول لمعالجة هذه المشكلة منذ اوائل الستينات من القرن الماضي. وكان صاحب السمو الراحل الشيخ جابر على رأس المهتمين بمعالجة هذه المشكلة، فعندما كان رئيسا لمجلس التخطيط حظيت معالجة هذه المشكلة باهتمامه الاول، لذلك جعلها من الاهداف الرئيسية لخطتي التنمية الاولى والثانية وجميع برامج الحكومة المتتالية. 
ومن الحلول التي توصل اليها المجتمع شعبا وحكومة لمعالجة هذه المشكلة، منذ مطلع الستينات من القرن الماضي اي قبل نصف قرن، ان تلتزم الدولة بالتقشف ولا تنفق كل العوائد النفطية، بل يجب ان تقتطع جزءا من تلك العوائد لا يقل عن %10 يتم استثماره في الدول المتقدمة، وسمي هذا المشروع بصندوق الاجيال القادمة. وبالفعل تمكنت الكويت من تكوين استثمار جيد كانت عائداته السنوية تقترب من دخل النفط في اواخر الثمانينات من القرن الماضي عند انخفاض سعر النفط. وكانت غرفة التجارة ومنظمات المجتمع المدني تشجع الحكومة وتلح عليها لتبني ذلك المشروع الحيوي، كما كان المجتمع الكويتي بكل فئاته مقتنعا بهذا الحل ولم يطالب احد برفع الرواتب او الاجور، ايمانا منه بأن ثروة الامة ملك للامة لجميع اجيالها الحاضرة والقادمة، وليست ملكا للجيل الراهن يبددها ويستنزفها كيفما يشاء تاركا الاجيال القادمة رهينة للفقر والعوز والضياع. 
من المستغرب ان يكون وعي الكويتيين واحساسهم بالمسؤولية حكومة وشعبا وحرصهم على بناء مستقبل افضل للاجيال القادمة قبل خمسين عاما افضل منه اليوم بالرغم من انتشار التعليم وكثرة التجارب التي مروا بها. قد تكون الحكومة العامل الرئيسي في انخفاض مستوى الوعي والاحساس بمستقبل الدولة في المجتمع. انها فقدت الثقة لتكون قدوة صالحة للمبادئ والمعاني الراقية التي يتطلع اليها المجتمع، تنادي بالتقشف وتتهم بالاسراف والتبذير، تنادي بالاصلاح وتتهم بالفساد، تتبنى خطة للتنمية وتنفق عليها الاموال وتسير عكس اتجاهها. ان الحكومة بصفتها القيادة التنفيذية العليا في الدولة عليها ان تحارب كل مظاهر الاسراف والتبذير في تصرفاتها وتصرفات اعضائها، وعليها ان تسارع في اقرار قانون النزاهة ومكافحة الفساد والذمة المالية المدرج منذ سنوات، والا تشجع على زيادة المرتبات والعلاوات والبدلات المختلفة بطريقة عشوائية وغير مدروسة لتبدد ثروة الامة وتتعمد تجاهل الحفاظ على مستقبل الاجيال القادمة. 


7/3/2011
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com