الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
نجاة مصر من الفتنة | رجوع
كانت مصر عظيمة طوال تاريخها، ضحّت بدماء أبنائها وثرواتها لعزة الأمة والحفاظ على ثقافتها. لن ينسى التاريخ تصديها للغزو الصليبي والتتار، بينما تآمر الشعوبيون والباطنية مع المحتلين. ولن ينسى تصديها للمحتل الأوروبي في العصر الحديث وإفشال جميع محاولاته لطمس وتشويه الهوية والثقافة العربية الاسلامية. لقد استطاعت أن تنتج هذه الثورة الشبابية المليئة بالمبادئ النيرة، كمحاربة الفساد والطغيان والمناداة بأن الدولة هي الباقية والأفراد زائلون، فلا يوجد فرد أهم ولا أعلى من الدولة. استطاعوا خلال أيام قليلة أن ينتزعوا مكاسب سياسية لم تتجرأ الأحزاب السابقة على طرحها، خوفاً من انتقام النظام البوليسي المستبد. إنهم يريدون الوصول الى حياة ديموقراطية حقيقية تحافظ على حقوق الانسان وكرامته في وطنه. نتمنى أن تحقق أهدافها النبيلة، لأن تغير مصر الى نظام ديموقراطي سيؤثر في المنطقة بأسرها. 
على الرغم من كراهيتنا لنظام الرئيس السابق مبارك وتعاطفنا مع مطالب الثورة، وإيماننا بالدوافع النبيلة التي حركت من قام بها، حركهم حب الوطن وإيمانهم بأن مصر لا تستحق أن تُحكم بمثل هذا النظام الفاسد، فإنني خشيت كما خاف كثير من الحكماء المصريين الذين يرون أن إطالة الأزمة قد تؤدي الى أن تقع الدولة في فوضى ولا يعلم أحد كيف الخروج منها، ولا حجم الخسائر التي ستلحق بالدولة نتيجة استمرارها، خاصة أن شباب الثورة ليست لديهم قيادة موحّدة ولا وسائل واقعية واضحة لتحقيق أهدافهم. وامامنا شواهد كثيرة في التاريخ تؤكد سقوط الدولة في الفوضى نتيجة ظهور ثورات غير مخطط لها، كالفوضى التي أعقبت قتل الخليفة عثمان ـ رضي الله عنه ـ وكيف أدى قتله الى الدخول في فتن وحروب أهلية، وأنقذ الله تعالى الدولة من تلك الفتنة، لأنه لا توجد دول كبرى تستطيع أن تستغل تلك الأوضاع لتتدخل في شأن الدولة الاسلامية، لأنها كانت تمتلك أقوى جيش في تلك الفترة، ولتمكن الأمويين من السيطرة على الدولة والقضاء على أذيال الفتنة. وكذلك الفوضى التي أعقبت سقوط نظام سياد بري المستبد، حيث دخل الصومال في حروب أهلية لا يعرف كيف يخرج منها حتى الآن. والفوضى التي أعقبت سقوط نظام صدام وحل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية، فما زال العراق يعاني الفوضى والفساد والخوف من التفكك. 
إن سقوط مصر في الفوضى خطر يهدد أمتنا، لأنها بتاريخها وشعبها تمثل العمود الفقري لهذه الأمة، فإذا سقطت انفرط عقد هذه الأمة وسهلت السيطرة عليها من الأعداء الذين يتربّصون بها، كالصهاينة والمتطرفين الفرس الذين يتطلعون لإحياء الامبراطورية الفارسية. لهذا، يخشى الحكماء من أن تؤدي اطالة الأزمة الى الوقوع في الفوضى. خاصة بعد اتساع التظاهرات الفئوية لرجال الأمن وموظفين وعمال ونقابات في شتى أنحاء الجمهورية يطالبون بتحسين شروط العمل، وانتفض الصحافيون في الصحف القومية يطالبون بطرد رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الادارات وطرد كبار القيادات من مكاتبهم لدعمهم للرئيس السابق مبارك ووقوفهم ضد الثورة. وأعلن مئات الموظفين في اتحاد الاذاعة والتلفزيون المصري انضمامهم للثورة، وهاجم الأهالي أقسام الشرطة وأشعلوا فيها النار وطالبوا بتغيير الضباط. وانفلات الأمن في شمال سيناء، خاصة مدينة العريش. نرجو أن يؤدي تنحي الرئيس السابق مبارك وتسلم القوات المسلحة السلطة والخطوات الجيدة التي اتبعتها الى التهدئة، وتعود مصرنا العزيزة الى طبيعتها وأفضل وأقوى.


2/24/2011
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com