أبعاد زيارة الرئيس نجاد للبنان | رجوع
يعز علينا انتقاد إيران، ونحن نرى مواقفها الداعمة للقضايا العربية والإسلامية والمعادية للنفوذ الأميركي ـ الصهيوني، لكن هناك من يعتقد أنها تتبنى هذه المواقف لخداع الجماهير للتغطية على تحقيق مشروع قومي فارسي توسّعي لمد نفوذها في المنطقة. ويستدلون على ذلك بتصرفاتها في العراق ولبنان واليمن ودول الخليج، فمن خلال زيارة نجاد للبنان وجدناه يتصرف وكأن لبنان تحوّل إلى ولاية إيرانية، فعندما هبطت طائرته بمطار لبنان لم يشاهد الدولة اللبنانية ممثلة في استقباله، بل كان في استقباله جمهور يدين بالولاء لإيران ولولاية الفقيه، حيث استباحت قيادة هذه الجماهير حرم المطار، فألغوا وجود الدولة، لقد فاقت الاستقبالات الشعبية التي نُظمت لاستقبال نجاد كل توقعات مظاهر الترحيب، لأن الأمين العام لحزب الله دعا الشعب اللبناني إلى أن يقوم باستقبال يليق برئيس دولة جعلت القضية الفلسطينية من أولوياتها، وقدمت مبالغ ضخمة لإعادة بناء البيوت التي هدمتها إسرائيل. لقد لبّت تلك الجماهير نداء القيادة كما يلبي الجند الأوامر. فاصطفت لترحب بالزائر، حاملة الأعلام الإيرانية وأعلام حزب الله وأمل ، هاتفة للضيف والمرشد وزعيم الثورة الإيرانية. وتكرر المشهد في الضاحية وبنت جبيل. لقد بدت تلك الحشود وكأنها منسلخة من النسيج اللبناني ومتعالية عليه. وتجلى ذلك عندما تصاعدت لهجة الاستهجان من تلك الجماهير حين ذكر نجاد اسم الرئيس الحريري في مهرجان ملعب الراية وبنت جبيل، ولم يبادر أحد من القياديين لتصحيح هذا السلوك، مع علمهم أن ذلك يعبر عن احتقار للطائفة السُّنية. لقد قال نجاد في خطابه، الذي ألقاه وسط الجماهير، «إنني أعلن من لبنان، مدرسة المقاومة والصمود، عن تشكيل جبهة مقاومة الشعوب في فلسطين ولبنان وسوريا وتركيا والعراق وإيران». وقال في بنت جبيل، وهو قريب من الحدود الإسرائيلية، «إن الكيان الصهيوني يتدحرج اليوم في مهاوي السقوط». لقد بدت الدولة اللبنانية ضعيفة أمام هذا الخطاب والتصرف، وهل تسمح إيران لرئيس دولة يزورها بأن يخاطب السُّنة أو الأقليات الإيرانية؟ وهناك من يعتقد أن تأثير هذه الزيارة كان واضحاً في سلوك حزب الله من خلال الاعتداء على المحققين الدوليين، الذي قامت به نسوة من الحزب قدمن في 7 حافلات بينهن رجال متنكرون بأزياء نسائية، فاعتدوا على المحققين وسلبوا ما لديهم من أجهزة ووثائق. بالرغم من أن صاحبة العيادة قالت إنها اتبعت الإجراءات القانونية لاستقبالهم، ثم يعلن الأمين العام لحزب الله مقاطعة المحكمة الدولية، لأنها سياسية وأداة لأميركا وإسرائيل، ويصف من يتعامل معها من اللبنانيين بالعمالة لأميركا وإسرائيل. وفي هذا تهديد مبطن لجميع اللبنانيين، مسؤولين ومواطنين، لفرض إرادته، لاعتقاده بأن ما يمتلك من سلاح ومهارات قتالية يمكّنه من سحق من يعارض فرض إرادته، رغم أنه كان يزعم أن هذا السلاح سيوجَّه ضد إسرائيل، ولكن أصبح الآن يوجَّه للداخل اللبناني لقمع من يعارض سياساته كما حدث في 7 مايو، فما مدى قدرته على قمع هذا الشعب الذي تعوّد على التنوع والحرية؟ إننا نخشى أن تتسبب هذه التصرفات في حرب أهلية يكون ضحيتها الشعب اللبناني ويستفيد منه العدو الإسرائيلي.
9/11/2010
|