الحاجة إلى تكوين الدولة القوية الديموقراطية العادلة | رجوع
يقول ابو بكر الصديق في اول خطاب وجّهه للأمة بعد اختياره للخلافة، «القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له». إنه اراد ان يسخّر ما تملكه الدولة من قوة للمحافظة على المجتمع المدني الذي تأسس في الإسلام، وخير وسيلة لذلك نشر العدالة والمساواة بين أفراده، فالعدل أساس الملك. فيجب أن يشعر الجميع بقوة الدولة وعدالتها. ومع علمنا بأن تكوين مجتمع قوي عادل كالذي تأسس في عهد الخلافة الراشدة من الامور الصعبة، لاختلاف الزمان والمكان ولاختلاف البشر حكاما ومحكومين. ومع ذلك نريد أن نجعل من تلك المقدمة إطارا لمعالجة الاعتداء على قناة «سكوب» وتداعيات ذلك. لا شك ان وزارة الاعلام كانت مخطئة في توجيه تهمة التحريض على قلب نظام الحكم لقناة «سكوب» ومالكتها. فهذه تهمة خطرة لا يعقل أن تقوم بها إنسانة فاضلة مثل الاستاذة فجر. وكان من الواجب أن تنتظر عرض القضية على النيابة والمحكمة، وتدافع عن نفسها ضد هذا الاتهام، وبكل تأكيد ستحصل على البراءة بكل سهولة، لأن القناة ومالكتها اشتهرتا بحب النظام والدفاع عنه. ولكن ما وجّهه الاخ طلال السعيد، شقيق الاستاذة فجر، عبر قناة «سكوب» من إهانات وإساءات لأسرة المالك الصباح، بحجة أن من وقع على صحيفة الاتهام من أسرة المالك، وأنه يدافع عن شقيقته، يُعد أمرا معيبا في حق الشعب الكويتي والإعلام الكويتي الحر الذي بدأ يتفتح ويزدهر، وجرما يعاقب عليه القانون. وأيضا ما قام به افراد من اسرة المالك ومَن تعاطف معهم في الاعتداء على قناة «سكوب» يُعدّ جرما أكبر، لأنه يمثل إهانة لكرامة الدولة وإلغاء لوجودها واعتداء على سلطاتها القضائية والأمنية، وتشجيعا على نشر الفوضى والفلتان الأمني. نتمنى أن تكون لدينا القدرة على فهم حقيقة هذه القضية وأبعادها ومعالجتها بحكمة، وأن نخرج منها بدروس تساعدنا على مواصلة بناء المجتمع الحر الديموقراطي. ليست المشكلة أن نخطئ، فكل المجتمعات تمر بأخطاء. ولكن الخطورة معالجة الخطأ بغضب، مما قد يؤدي الى اضرار اخطر. لذلك يجب الا تدفعنا تلك الاحداث، مهما كانت بشاعتها، إلى ان نستمع الى تلك الاصوات المعادية للحرية، والذين يطالبون بتغليظ العقوبات ووضع الرقابة الصارمة المسبقة على وسائل الاعلام، ليعيدونا الى الوراء. إننا بحاجة إلى الاعلام الحر ليساهم في بناء مؤسسات المجتمع المدني ومحاربة اوكار الفساد. لفشل الاعلام الحكومي الخاضع لهيمنة الدولة وبيروقراطيتها ومخابراتها. كما كشفت هذه الازمة عن فرح جماعة الطغيان لما حدث لقناة «سكوب»، تلك المجموعة التي تريد أن تضع نفسها فوق الشبهات، فهي التي يحق لها النقد ولا تسمح لغيرها بالنقد. فكشفت قناة «سكوب» عن مساوئها الكثيرة، فأصبح لهذه القناة وجود شعبي، لان تلك الجماعة كانت مكروهة لطبقة عريضة من الشعب. ونتمنى لقناة «سكوب» بعد عودتها أن تستفيد من هذه التجربة، وتمارس دورها بذكاء وتصغي إلى صوت محبيها. وأخيرا علينا أن نحترم نظامنا الديموقراطي، وما تمخض عنه من إفرازات ثقافية واجتماعية، وأن نحترم نظامنا القضائي ونعده الجهة المخولة لتسوية مختلف المنازعات. وقد يبدو القضاء في المجتمع الديموقراطي ضعيفا، ونتمنى إبعاد العدالة عن المنافسات السياسية والصراع الاجتماعي والنفوذ الحكومي.
2/11/2010
|