وجهات نظر حول الصلح مع العدو الإسرائيلي | رجوع
هناك وجهات نظر متعددة تناولت مشروعية الصلح مع الكيان الصهيوني، ومن أهمها اتجاه تتبناه غالبية علماء الأمة، يرى أن فلسطين أصبحت بعد الفتح الإسلامي وقفا للمسلمين لا يجوز التنازل عن جزء منها لمصلحة غير المسلمين. فيجب رفض الضغوط التي تمارَس على العرب، لتفرض عليهم سلاما يتنازلون بموجبه عن جزء كبير من أرض فلسطين لمصلحة الكيان الاسرائيلي. ويرون أن على المسلمين استرجاع فلسطين بكاملها. ولا يجوز التعامل مع اسرائيل إلا على أنها دولة معتدية ومغتصبة. ومن يبرر من العلماء شرعية السلام معها بالاستدلال بالآية «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم» (الأنفال: 61)، يرد عليهم أن مدلول الآية لا ينطبق على أرض فلسطين، لأنها أرض إسلامية استُلبت، فالحكم الشرعي يفرض استردادها. وتصدق هذه الآية على من يحاربهم المسلمون في ديارهم. وهناك اتجاه تبنته بعض الأنظمة العربية المجاورة لإسرائيل، والتي دخلت معها في حروب، ورأت أن تلك الحروب كلفتها ثمنا باهظا. لذا يرون أنه ليس أمامهم خيار سوى عقد معاهدة سلام معها لاسترجاع أراضيهم المحتلة، لعدم قدرتهم على استرجاعها بالقوة. وهذا ما قام به النظامان المصري والأردني. فهذه الضرورة تنطبق فقط على الدول العربية المجاورة لإسرائيل. كذلك من الممكن اعتبار المبادرة الصادرة من القمة العربية في بيروت 2002، التي تعرض على اسرائيل علاقات تطبيع مع جميع الدول العربية مقابل الانسحاب من المناطق التي احتلتها 1967، نوعا من أنواع الضرورة، لخشية القادة العرب من ضياع كل فلسطين ولتخفيف الأعباء والمعاناة عن الشعب الفلسطيني. وهناك اتجاه يتبناه كثير من المثقفين العرب والمسلمين، يرى أن فلسطين كانت عربية قبل ظهور جميع الديانات السماوية. ولما هاجر نبي الله ابراهيم إليها، حل ضيفا على شعبها الذي كان موجودا قبل مجيئه بقرون. والتواجد العبري فيها كان عابرا، وكانوا في تلك الفترة العابرة بمنزلة غزاة مستعمرين. وحتى هذه الفترة المحدودة التي تعتمد بشكل رئيسي على الأساطير الاسرائيلية يتشكك المؤرخون بمصداقيتها، لتعارضها مع حقائق التاريخ الذي يعتمد على قراءة الوثائق التي كتبها مؤرخون من مصر وبلاد الرافدين والشام واليونان والرومان، المتصلة بتلك الفترة. فلم تشر تلك الوثائق إلى دولة بني اسرائيل القوية، مما يؤكد أن تلك الدولة من نسج خيال الحاخامات. كما تؤكد دراسة نتائج الحفريات التي أجراها علماء آثار معظمهم أوروبيون وإسرائيليون طيلة القرن الـ19 والـ20 على عروبة أرض فلسطين وبطلان الرواية التوراتية. لذا يعتقد هذا الفريق أن معاهدات السلام مع إسرائيل ستؤدي إلى عواقب كارثية لأمتنا. ويرى انه إذا كانت الأنظمة العربية ترى أنها مضطرة إلى عقد معاهدة سلام مع اسرائيل، فبإمكانها أن تقدر ما هو ضروري وتعقد معاهدات في ضوء ذلك التقدير. أما الشعوب، فلا يجوز لها التطبيع مع العدو الإسرائيلي بحجة أن حكوماتها قامت بعقد معاهدات صلح معها. فإن تلك المعاهدات لا تلزم الشعوب. وهذا ما يقوم الشعبان المصري والأردني ومنظماتهما المدنية به، فهي تحظر على الأفراد التطبيع مع العدو الإسرائيلي.
10/18/2010
|