آخر حروب بوش الإجرامية الفاشلة | رجوع
بدأ بوش ولايته بالحرب على الإرهاب وكان هدفه محاربة الشعوب العربية والإسلامية حتى تخضع للشروط الأميركية ــ الإسرائيلية، وهو ينهي أيامه الأخيرة في هذه الحرب الوحشية، حوربت حكومة حماس المنتخبة ديموقراطيا من اليوم الأول الذي ربحت فيه الانتخابات عام 2006، حيث رفض بوش نتائج تلك الانتخابات لأنه يريد ديموقراطية تأتي بحكومة عميلة تقبل بشروط التسوية التي تقدمها اسرائيل. وجرت اتصالات واسعة بين دول الاعتدال العربي وواشنطن وتل أبيب ورام الله, لبلورة التسوية التي ترضى عنها اسرائيل، ولكن فوز حماس عرقل ذلك المخطط, وبدأوا البحث عن وسائل لضرب "حماس" وإخراجها من السلطة.
وعندما أحست "حماس" بالتآمر عليها تحركت بسرعة وبقوة للقضاء على تلك المؤامرة, وتطهير القطاع من الأجهزة الأمنية المتعاونة مع العدو الإسرائيلي. ومنذ ذلك التاريخ 17/6/2007 وعباس وجماعته يتحدثون عن الانقلاب الذي قامت به "حماس", والسبيل الوحيد لاستعادة وحدة العمل الفلسطيني لا يتم إلا بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه. ولما رفضت "حماس" ذلك الحل تمت اقالة حكومتها المنتخبة وإلقاء القبض على عشرات النواب من "حماس" وزجهم في سجون الاحتلال، وفرض عليها الحصار بتشجيع من أميركا وإسرائيل ودول الاعتدال العربي لتجويعها وحملها على التراجع. ولما فشلت سياسة الحصار لجأت إسرائيل, بتشجيع من بوش, إلى الخيار العسكري للقضاء على "حماس" وتسويق مشروع التسوية المرضى عنه أميركيا وإسرائيليا، الذي تم الاتفاق عليه بين السلطة وتل أبيب وواشنطن ودول الاعتدال العربي، والذي يسكت عن قضايا الصراع التي ترفضها اسرائيل, مثل القدس وحق عودة اللاجئين والتعويض التاريخي والإبقاء على المستوطنات تحت السيطرة الإسرائيلية.
لقد أظهرت هذه الحرب طبيعة إسرائيل الإجرامية على حقيقتها التي حاولت أن تخفيها وتعرف العالم عن قرب على تلك الطبيعة المرضية، التي لا تتردد في ارتكاب المجازر وحرب الإبادة ضد المدنيين. انزعج العالم من تلك الجرائم التي تفوقت على جرائم النازية وهب يستنكر غاضبا تلك المجازر الوحشية، ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي ــ الاسرائيلي نشاهد مظاهر الغضب لدى الشعب الأوروبي ضد إسرائيل وتعاطفهم مع الشعب الفلسطيني. وتحدثت الصحف الغربية عن السقوط الأخلاقي للمجتمع الغربي الذي انساق وراء حروب بوش الإجرامية وتصنيفاته للعالم بمعسكر خير وشر، ويضع إسرائيل ضمن معسكر الخير أما أطفال غزة فهم في معسكر الشر.
ويبدو المشهد العربي مؤلما، حيث لم يخجل بعض القادة العرب من الكشف عن تواطئهم مع العدو الاسرائيلي وتغطيتهم لجرائمه وتحميلهم المسؤولية لحكومة "حماس", ورأى محللون إسرائيليون ان تلك التصريحات العربية تخدم الرواية الاسرائيلية, وأن قادتهم لا يستطيعون أن يقولوا أفضل منها. وقالت ليفني في باريس: "ان أنظمة عربية ترى أن وجود حكومة "حماس" الإسلامية المتطرفة يهدد أمنها ومصالحها"، ويقول أولمرت: "ان بعض القادة العرب يحثونه على مواصلة الحرب حتى تهزم "حماس" ويأتي حاكم على دبابة إسرائيلية لينفذ المشروع الصهيوني». وفي المقابل نرى المواقف المشرفة لبعض قادة المنطقة أمثال الرئيسين التركي والإيراني والسيد حسن نصر الله. أما الجماهير فقد هبت لمساندة الشعب الفلسطيني مستنكرة موقف أنظمتها وإعلامها المضلل. وبذلت أنظمة الاعتدال كل الجهود لمنع مظاهر التأييد للشعب الفلسطيني، فأدلة التواطؤ واضحة في غزة.. جيش الاحتلال يقتل الشعب الفلسطيني, وفي دول الاعتدال يعاقب جنودها الشعوب التي تعادي اسرائيل وتساند الشعب الفلسطيني. إن هذا التواطؤ لم نشهد له مثيلا في التاريخ العربي, حتى في عهد الاحتلال الأجنبي أو حتى في العصر الجاهلي.
إن صمود المقاومة لأكثر من اسبوعين أمام جيش الاحتلال المغرور بدباباته وطائراته وبوارجه ومن يسانده (أميركا وبعض الأنظمة الغربية والعربية) لهو صمود بطولي, بينما لا تملك المقاومة سوى إيمانها بالله، وعدالة قضيتها، وأن لا خيار أمامها سوى المقاومة أو الاستسلام لهذا العدو، الذي يريد تصفية القضية بطريقته الخاصة وحرمان الشعب الفلسطيني من كل حقوقه. إن هذا الصمود معجزة في حد ذاته, وقد آعطانا أملا في تحقيق نصر للمقاومة شبيه بالنصر الذي حققه حزب الله عام 2006.
1/15/2009
|