الصراع على أرض فلسطين | رجوع
بدأت المعركة بين الخير والشر مع بداية الخليقة، ولن تنتهي إلا بانتهاء الوجود. والاعتقاد الذي يؤمن بسيادة الخير وانتصاره الحتمي على الشر اعتقاد خاطئ وليس صحيحاً بالمطلق. وقد لا يوجد إلا في مخيلة الأبرياء الذين يتوهّمون بأن قضاياهم العادلة ستنتصر، رغم ضعفهم وقوة أعدائهم، فهذا الاعتقاد تكذّبه حقائق التاريخ، التي تؤكد أن هناك معارك كثيرة انتصر فيها الظلم والباطل فترات طويلة، فالحق لا يملك آليات ذاتية تحقق له الانتصار من تلقاء نفسه، بل يحتاج إلى توفير الأسباب التي تساعد على تحقيق الانتصار. ويؤكد الخبراء في دراسة الطبيعة البشرية أن طبيعة الإنسان تولد محايدة بالنسبة لقيم الخير والشر، فلا وجود لإنسان شرير أو خيِّر بطبيعته، وإنما يكتسب هذه القيم من البيئة المحيطة به ونوع التربية التي تقدم له. في ضوء هذا المنظور سننظر إلى طبيعة الصراع الدائر على أرض فلسطين، الذي امتد أكثر من قرن، يواجه الشعب الفلسطيني فيه ضروباً من العذاب على يد الصهاينة الغزاة. الذين خلت قلوبهم من الرحمة، وغُرس فيها حب الذات والشعور بالتفوق على الآخرين وكراهية الآخر، وبصفة خاصة الشعب الفلسطيني والعربي المحيط بالكيان الصهيوني، وتصويرهم على أنهم غزاة دخلاء احتلوا أرض الميعاد طيلة قرون، وتسببوا بشتات الشعب اليهودي ومعاناته. وتلعب التربية الصهيونية دوراً مهماً في تربية الناشئة على هذا الفكر العنصري المتعصّب وتُعدهم للقتال، فتربيهم تربية عسكرية من رياض الأطفال حتى أواخر مراحل التعليم العام، يتدربون على معرفة جميع أنواع الأسلحة وطريقة استخدامها، وتغرس فيهم حب العنف وكراهية الآخر وعدم الرأفة به والشفقة عليه. وهكذا يتلقى الفرد في هذا الكيان تربية غير إنسانية، بعيدة عن قيم الخير والعدالة. وتبرر له النصوص الدينية التي يتربى عليها وفتاوى الحاخامات قتل الآخر والاعتداء على ممتلكاته، وتتحول تلك الأمور إلى نوع من العبادة يتقرب فيها إلى الله. وينظر إلى الحرب على أساس أنها ضرورة حتمية لإقامة إسرائيل الكبرى، وطبقت هذه التربية منذ أقيمت الكيبوتزات على أرض فلسطين في مطلع العشرينات من القرن الماضي، التي أقامها الصندوق اليهودي بالتعاون مع حكومة الانتداب الإنكليزي. وتخرج منها العصابات التي فتكت بالشعب الفلسطيني في الثلاثينات والأربعينات وأرغمته على الفرار من أرضه. وما يقوم به المستوطنون اليوم بمؤازرة من جنود الاحتلال من طرد الفلسطينيين من ممتلكاتهم وهدم منازلهم وحرق زراعتهم وخاصة شجر الزيتون. وما يصدره الحاخامات من فتاوى تحرض على قتل الفلسطينيين وعدم الرحمة بهم، خصوصا الحاخام عوفاديا يوسف، الزعيم الروحي لحركة شاس أحد الأحزاب الرئيسية في الائتلاف اليميني الحاكم. فما نشاهده من أعمال إجرامية لدى الصهاينة، ما هو إلا نتاج لنظامهم التربوي. فالشعب الفلسطيني يواجه شعباً تربى على الشر، فما أصبر هذا الشعب على تحمّل هذا الأذى، وما أقوى صلابة إرادته.
9/18/2010
|