تداعيات الاعتداء على أسطول الحرية | رجوع
قد يكون الحدث أقوى من القدرة عن التعبير عنه، لأنه ذو أبعاد متعددة. ومع ذلك أرى أن الكتابة عنه يشرف كل من يتعاطى معه بشكل ايجابي حتى لو أدركت أن ما أملك من مفردات لغوية لا تسعفني في تصويره بالصورة التي يستحقها. إن غزة تعد القطعة الوحيدة من أرض فلسطين التي تحررت من المغتصب الصهيوني بالمقاومة. ويشكل هذا تحولاً خطيراً في طبيعة الصراع العربي ـ الاسرائيلي. لاعتقادهم أن من حرر تلك الأرض قد يواصل الكفاح حتى يحرر أرض فلسطين بكاملها. لذلك تصر اسرائيل ومن يتعاون معها من الدول الكبرى التي انشأتها ومن يرتمي في احضانها من دول الاعتدال على افشال هذا المشروع الوطني التحرري واعادة غزة تحت وطأة الاحتلال الاسرائيلي، كما هي الحال في الضفة الغربية الخاضعة للسلطة التي ألقت خيار المقاومة. ولكي تحقق اسرائيل هذا الهدف فرضت حصاراً على غزة ثم شنت حرباً مدمرة عليها لتدمير المقاومة وكسر ارادتها. ولما فشلت الحرب استمر الحصار ثلاث سنوات، وفضل الشرفاء المقاومة على الاستسلام للشروط المذلة. في هذه الظروف تحرك أسطول الحرية وعلى متنه أكثر من 600 ناشط ينتمون لأكثر من أربعين دولة. وكانوا على علم مسبق بأن اسرائيل لن تسمح لهم بالوصول الى ميناء غزة. ولكنهم أصروا على مواصلة مساعيهم ليؤكدوا للعالم أنه لا يحق لاسرائيل أن تحدد ما هو شرعي وما هو غير شرعي وفق معتقداتها الفاسدة، وليكشفوا للعالم الطبيعة الوحشية لهذا الكيان العنصري. ومن يتواطأ معه. ولكنهم لم يتصوروا أن تكون اسرائيل بهذا الغباء وترتكب جريمتها في المياه الدولية على بعد 130 ميلاً من مياهها الاقليمية، فتعتدي على متضامنين مدنيين لم يكونوا في حالة استعداد للقتال. ولم تكن اسرائيل لترتكب جريمة القرصنة لو لم تأخذ الضوء الأخضر من أميركا الداعمة لارهابها الوحشي. لقد استطاع الشرفاء أن يسلطوا الأضواء على الجريمة الكبرى، جريمة حصار شعب غزة لاركاعه لقبول املاءات اسرائيل. وكان الحصار عربياً بامتياز، فلولا التواطؤ العربي لم تستطع اسرائيل أن تحكم حصارها. ألم يقاوموا قبل عام قافلة شريان الحياة؟ لقد فتح معبر رفح نتيجة للغضب الشعبي، ولكن لمرور المساعدات الانسانية فقط دون مواد البناء لبناء المدارس والمساكن والمستشفيات والمصانع التي دمرتها الحرب. وسيفتح بصورة مؤقتة حتى تنتهي عاصفة الغضب. كما أسعدنا وجود شباب وشابات من الكويت في قافلة الحرية لم يذهبوا للسياحة بل نذروا أنفسهم لنصرة الشعب الفلسطيني. ولقد أوضح النائب الدكتور وليد الطبطبائي مشكوراً في مقالاته، الشجاعة الفائقة التي أبدتها الناشطات الكويتيات وهن مكبلات بقيودهن، فكانت رسالتهن توضح أن الشعب الكويتي يجب أن يقف مناصراً للقضية الفلسطينية، ولن يلتفت الى تلك الأصوات المشبوهة التي تردد الأسطوانة المشروخة التي تقول «ان الفلسطينيين لا يستحقون مناصرتهم، لأنهم وقفوا ضد الكويت أثناء الغزو»، ليعلم هؤلاء أن نصرة الشعب الفلسطيني واجب ديني وقومي، وأن اصطفاف الكويت في الخندق الاسرائيلي سيضر الشعب الكويتي قبل الفلسطيني.
6/6/2010
|