المشهد العراقي بعد الانتخابات | رجوع
لن تستطيع الانتخابات أن تغير الأوضاع المأساوية التي يشهدها العراق منذ الاحتلال الأميركي، لقد كانت نتائج العملية السياسية التي خطط لها المحتل ونفذها مع أدواته كارثية. فمنذ ان أسس بريمر مجلس الحكم وفق المحاصصة الطائفية والعرقية، وأراد أن يتخذها العراق مبادئ ثابتة للعملية السياسية اللاحقة، ثم وافق مجلس الحكم على قرار حل الجيش العراقي ووافقت حكومات الاحتلال على دستور يشجع الطائفية وتقسيم العراق، وقاتلت تلك الحكومات المقاومة العراقية، وسمح للميليشيات الطائفية المسلحة بأن تأخذ مكان الجيش الوطني، لتدمر مدن العراق بالتعاون مع جيش الاحتلال، وأنشأوا السجون السرية وأسالوا دماء العراقيين حتى بلغ عدد ضحاياهم أكثر من مليون شهيد وأضعاف هذا العدد من المشردين والأرامل والأيتام، ان هذا المشهد المأساوي يفرض علينا أن نتذكر الأقــلام العربية والسياسيين الذين باركوا الاحتلال. وتوقعنا أن يقاوم العراق المختــل ومطاياه، لأن تاريخه يثبت ذلك. ولكن المحتل وأدواته أسرفوا في استخدام وسائل تعذيب الشعب العراقي وإرهاقه حتى أوشكت المقاومة على التوقف. ومع ذلك، أجبرت هذه المقاومة المحتل أن يعلن عن فشله ورغبته في الانسحاب من أرض الرافدين من دون أن يحقق أحلامه. جاءت نتائج الانتخابات ببرلمان معلق تتصارع فيه أربع كتل عملت مع الاحتلال. ورفض المالكي نتائج الانتخابات ووصفها بالتزوير، وطلب من المفوضية العليا للانتخابات إعادة عد الأصوات وفرزها يدوياً للحيلولة دون انزلاق الوضع الأمني في البلاد وعودة العنف، ويتضح من هذا التصريح تهديد المفوضية وتشجيعها على تزوير النتائج لمصلحة قائمته. ومن خلال نفوذه على القضاء صدر قرار قضائي بإعادة الفرز اليدوي في بغداد وتحوير تفسير المادة التي تنص على تكليف القائمة الفائزة بأكثر المقاعد بتشكيل الحكومة، لتضمن له وللقائمة التي سيتحالف معها رئاسة الوزارة بصفتهما القائمة الكبرى التي ستتشكل عند انعقاد المجلس. وبعد ان أكدت عملية إعادة عد الأصوات وفرزها يدوياً، النتائج نفسها من دون إحداث تغيير، أرسل المالكي وفداً لإيران لتساعد في تشكيل كتلة برلمانية تضم المالكي والصدر والحكيم، ويقال إن إيران وضعت ثقلها لتشكيل هذا التحالف الذي يتضح منه الاصطفاف الطائفي. لذا اتهم الأمير تركي الفيصل المالكي ببذل محاولات للاستحواذ على نتائج الانتخابات التي فاز بها علاوي، وقال إن نتيجة هذا العمل قد تكون حرباً أهلية يسفك فيها مزيد من الدماء. استذكر المالكي هذا التصريح وقال إن العراقيين هم الذين يقررون في الشأن الداخلي العراقي وعلى الآخرين أن يتوقفوا عن ذلك، واستنكر لجوء علاوي الى الجامعة العربية والأمم المتحدة، في حين يبارك التدخل الإيراني. وسكتت حكومته عن تصريح الرئيس الإيراني عندما اعلن أنه لن يسمح بعودة «البعثيين» الى الحكم مهما حاول الغرب. وهكذا تتضح مساندة إيران لجهود اجتثاث «البعث» لإقصاء أي عقبات تعرقل النفوذ الإيراني داخل العراق. وكنا نأمل ان تساند إيران وحدة الشعب العراقي ليقف معها العرب والمسلمون في محاربة النفوذ الأميركي في المنطقة.
5/26/2010
|