إبعاد تعديلات الدستور عن الأهواء | رجوع
على الرغم من أن مبدأ تعديل الدستور مبدأ مقبول، وتشجع عليه كثير من الدساتير، فان هذا لا يعطي حرية مطلقة لأي سلطة لتجري تعديلا على الدستور وفق مشيئتها، بل ان الدساتير وضعت جملة من القيود يجب الالتزام بها حفاظا على سمو الدستور وعلو مكانته. وليراعي التعديل مصالح الأمة لا مصالح أفراد، وذلك لأن الأمة، كما تنص الدساتير، هي صاحبة السيادة ومصدر السلطات، ومن الشروط التي وضعتها الدول لقبول مناقشة اقتراح التعديلات الدستورية أن يكون المقترح مقدما من رئيس الدولة أو من ثلث أعضاء البرلمان، على ألا تمس التعديلات بعض المواد التي قد يؤدي تعديلها إلى إحداث فتنة أو تتعارض مع مبادئ الحرية والعدالة. وتعد التعديلات الدستورية التي أجريت في فرنسا من النماذج التي يستشهد بها لقبول مبدأ تعديل الدستور، حيث عرضها رئيس منتخب ووافق عليها برلمان منتخب وعرضها على استفتاء شعبي. وكان من مبررات التعديل معالجة حالة عدم الاستقرار التي تواجهها فرنسا. كما تشهد الساحة التركية الراهنة حالة مماثلة، حيث وافق البرلمان التركي على حزمة تعديلات دستورية مقدمة من حزب العدالة والتنمية الحاكم والبالغ عددهم 336 عضوا. وقد وعد رئيس الوزراء أثناء انتخابات 2007 بإعداد دستور مدني جديد ليحل محل الدستور الذي وضعه الانقلابيون في 1980 ليجعلوا من أنفسهم أوصياء على الدولة والشعب. ويرى أن تركيا قد تجاوزت عهد الانقلابات العسكرية، وحان الوقت لتعزيز الديموقراطية التركية ووضع نهاية لتحكم الجيش المستتر وغير الشرعي في شؤون الحكم. أما بالنسبة للكويت، فقد جاء دستور 1962 نتيجة لمناقشات مطولة أجراها المؤسسون المشهود لهم بالشجاعة والنزاهة وحب الكويت، وبعد الموافقة عليه فرح الشعب بميلاد الدستور الذي أعطى للشعب حق المشاركة في إدارة الدولة، وهو حق مشروع طالب به الأجداد عبر تاريخهم، كما أعطى للحاكم سلطات واسعة تمكنه من حكم الدولة بحزم دعماً لاستقرارها. لذلك يحرص الشعب على التمسك بالدستور ويرفض تغييره. ولكي يكون مقترح التعديل مقبولاً للمناقشة يجب أن يكون نابعاً من فكر مجموعة من أعضاء المجلس لا يقلون عن الثلث. لا أن يقدم من فرد واحد أو أفراد قليلين مهما كانت قدراتهم ونزاهتهم وخاصة إذا كانت التعديلات المقترحة تهدف إلى تقليص دور المجلس الرقابي وقدرته على محاسبة الحكومة. على الرغم من ظهور استياء شعبي من تدني أداء المجلس نتيجة لتعسف بعض الأعضاء في استخدام الأدوات الدستورية، وتدني لغة الحوار لديهم، واهتمامهم بالمصالح الخاصة وتركيزهم على قضايا هامشية، وتدخلهم غير المبرر في شؤون السلطة التنفيذية وعرقلتهم لمسيرة التنمية، فلا ينبغي ان نوجه اللوم للمجلس وحده، ونتناسى دور الحكومة في تدني الأوضاع، فبصفتها تمارس سلطتها التنفيذية فإنها أيضاً تمثل ثلث المجلس، فلو كانت تتمتع بالقوة والعدالة والنزاهة والالتزام بالقانون لقادت الدولة نحو التقدم.
9/5/2010
|