الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
التضخيم في خطاب الجويهل | رجوع
كتبت مقالاً في الأسبوع الماضي، ولكني فوجئت بردود الفعل الغاضبة على ذلك المقال. ووصفه بعض القراء بأنه مقال عنصري. ومع احترامي لمن شاركني تلك الآراء أو عارضها، لأننا نعيش في مجتمع ديموقراطي ومن الضروري أن يوجد تنوع في ذلك المجتمع.. ولكن يبدو أن هناك ظاهرة طغيان جديدة بدأت تظهر على الساحة السياسية منذ سنوات. جماعة لا تريد أن يرتفع في المجتمع سوى صوتها، تريد أن تنشر قيمها وثقافتها الضالة والمضللة، لديها عقدة من بعض الأسر الكريمة التي ساهمت في بناء الوطن، وتبذل كل جهد لتشويه سمعتها. وتسمي عدوانها كفاحاً ودفاعاً عن حقوق الأكثرية، وتصف من يعارض أسلوبها الخاطئ بعدو الله والوطن وانه يمزق الوحدة الوطنية. لا شك أن استمرار هذا النهج والأسلوب في المجال السياسي يعد خطراً على الأمم والشعوب لما يلحقه بها من أذى من خلال قدرته الفائقة على تشويه سمعة الشخصيات الوطنية وتزييفه، وتحريف تاريخ الوطن وتدمير قيمه. 
كان من الضروري أن يتصدى أحد لهذه الظاهرة الخطيرة قبل أن تنمو وتصعب مواجهتها. وخاصة أن الطغيان سيصبح أشد خطورة على الأمم والشعوب عندما يتمنطق الطاغية بالعصبية القبلية ويعلن من نفسه أنه أصبح وكيلاً للقبيلة ويتحدث باسمها. وتصفه الجماعات التي خضعت لقيادته بأنه رمز الأمة وضميرها. كان من المفروض أن يتصدى لهذا الطغيان مجموعة متسلحة بالعلم وخاصة علم النفس والاجتماع والاعلام والتربية، قادرة على فهم نفسية وعقلية الجماعات التي تقاد بالألفاظ والخطابات الفارغة والشعارات الرنانة، وتتحرك بالأوهام الخاطئة والأحلام الضالة، حتى تستطيع أن تعالج الانحرافات التي أنتجتها تلك الظاهرة بأسلوب علمي. ان عجز المجتمع عن اظهار مجموعة علمية تتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة بأسلوب علمي، جعل الساحة السياسية تعيش في فراغ فلم يملأه سوى قيادات تلك الجماعات التي ازدادت غروراً وازداد خطابها عنفاً وتطاولاً وتهديداً للوزراء والمسؤولين اذا لم ينفذوا مطالبهم. في مثل هذه الظروف ظهر الجويهل، وهو مواطن بسيط لا يملك المقدرة على مواجهتهم بأسلوب علمي، ولكنه اثبت أنه قادر على مواجهتهم بالأسلوب الذي يستخدمونه، وقادر على أن يتفوق عليهم في ذلك الأسلوب. انه لم يبدأ العدوان عليهم، ولكنهم هم الذين بدأوا، فوصفوه بألفاظ بذيئة كالساقط واللاقط وأبو يعل. وأساؤوا الى كثير من الأسر الكويتية الكريمة بما فيها الأسرة الحاكمة. 
وبالرغم من استنكارنا للخطاب العنيف الذي استخدمه الجويهل في برامجه وما اشتمل عليه من بعض الألفاظ البذيئة، وتعرضه لبعض الشخصيات الكريمة، فاننا نرى أنه لم يبدأ الاساءة وانما رد الاساءة بمثلها وأقوى منها، وهو أسلوب مقبول ومشروع تقره الأديان والشرائع، يقول تعالى «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» (البقرة: 195)، ويقول «لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم» (النساء: 148)، ويقول «وجزاء سيئة سيئة مثلها ولمن عفا وأصلح فأجره على الله انه لا يحب الظالمين، ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل» (الشورى: 39 و40). فيجب التصدي للمسيء ومقابلته بمثل اساءته لكي لا يتبجح الشرير وينتشر الطغيان اذا لم يجد من يردعه. واذا حث الاسلام المسلمين على طلب العفو عن الاساءة ابتغاء الأجر من الله ولاصلاح الجماعة وابعادها عن الأحقاد، فان العفو والتسامح لا يكونان مقبولين ولا محمودين الا اذا كان المظلوم قد عفا وهو قادر على الرد، ليشعر المعتدي أن خصمه عفا وهو القوي، أما اذا شعر المعتدي أن العفو جاء نتيجة ضعف فسيزداد شراً وطغياناً.


11/1/2010
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com