وجهة نظر عن تدريس الموسيقى للناشئين | رجوع
أثار قرار وزارة التربية الكويتية بجعل تدريس مادة التربية الموسيقية مادة الزامية غضب بعض التيارات الدينية. وهدد بعضهم وزيرة التربية من مغبة هذا القرار ورأوا أن هذا الأمر لن يمر بسلام، لا على الوزيرة ولا على رئيس الحكومة. وأنهم لن يسمحوا لوزيرة التربية بأن تجعل من مدارسنا مراكز لتخريج فرق الرقص والراقصات. ورد بعض الليبراليين بتصريحات ومقالات مضادة استنكروا فيها تدخل التيارات الدينية في شأن التعليم ورأوا أنهم لا يملكون المؤهلات التي تؤهلهم لرسم تصورات عن المناهج الدراسية وما ينبغي أن يتعلمه الطلبة أو لا يتعلمونه، لا شك أن التعليم شأن عام يهم جميع أبناء المجتمع، ومن الخطورة أن ينفرد طرف واحد بشأن التعليم ويصبغه بأفكاره وتصوراته الخاصة، فسيؤدي هذا الى اضعاف التعليم وقتله. وهذا ما حدث لأوروبا في بداية العصور الوسطى عندما سيطر رجال الدين على التعليم فعادوا العلوم والفنون اليونانية والرومانية بما فيها الموسيقى والتربية البدنية والفلسفة والجدل والرياضيات. وأغلقوا مؤسسات التعليم التي خرجت العظماء ورجال الدولة والسياسيين والقيادات العسكرية وانتقل التعليم الى الكنائس والأديرة. وبما أن التعليم الديني لا يلتحق به الا من يرغب في أن يكون من رجال الدين - وهم فئة قليلة في المجتمع-لذلك حرمت الغالبية العظمى من الشعب الأوروبي من التعليم طيلة قرون. ونظراً لغياب العلم وانتشار الجهل تغيرت طبيعة الانسان الأوروبي وظهرت عليه بوادر نزعة قبلية شريرة متوحشة، فكثرت الحروب والنزاعات الداخلية وانتشر رجال العصابات وقطاع الطرق وانعدم الأمن الأوروبي. عندئذ بدأ المهتمون بالشأن الأوروبي سواء من السلطة السياسية أو الدينية والاقطاع يخططون لبناء السلم الأوروبي، ومن أهم الخطوات التي اتبعت لاعادة الأمن الى أوروبا الاهتمام بتربية الفرسان الذين سيعهد اليهم الحفاظ على النظام والدفاع عن الأرض ومحاربة اللصوص وقطاع الطرق والخارجين على القانون. وكان من أهداف تربية الفارس تغيير الطبيعة الشريرة المتوحشة التي تكونت لدى الانسان الأوروبي، واهتمت مدرسة الفرسان بتدريس الموسيقى والغناء والأناشيد والشعر والأدب وتدريس أخلاق المجتمع الراقي الى جانب التعليم الديني والعسكري. ورأى المخططون لتلك المدرسة أن يتم تدريس الفارس في السنوات الأولى من 7 - 14 تحت اشراف سيدات معدات لهذا الغرض، فهن أقدر على تغيير الطبيعة المتوحشة التي تكونت لدى القبائل الجرمانية، ثم يتلقى الفارس التعليم الديني والتدريبات العسكرية. ولعب الفرسان دوراً مهماً في اعادة الأمن الى أوروبا فأدى ذلك الى استقرار سياسي وازدهار اقتصادي وتغيرات اجتماعية وثقافية. وعلى هذا الأساس، اذ رأى خبراء التعليم أن دراسة الموسيقى مهمة ومفيدة للطالب، لأنها ستساهم في التهذيب النفسي والروحي وتنمية المشاعر الدينية والوطنية، فعلنيا ألا نتشكك بمصداقية هذه الآراء لأنها جاءت ثمرة دراسات بحثية علمية. خاصة أن تعلم الموسيقى عرفته البشرية منذ فجر تاريخها، حيث كانت تدرس في مدارس اليونان والرومان ومصر وفارس والصين والهند. وقد أدى تحريم تعلم الموسيقى والتربية البدنية وبعض العلوم الى ظهور فساد وانحراف على الطبيعة البشرية. أما بالنسبة للدين الاسلامي فلا يوجد اجماع على تحريمها، فهناك غالبية من العلماء تحرم الغناء والموسيقى، وفريق آخر يبيحها ولكن بشروط ألا يصاحبها فسق ولا فجور وألا تشتمل كلماتها على ألفاظ فيها فحش واثارة. ويرى البعض أن الغناء ظهر في صدر الاسلام. وأن عيسى الذانب الملقب بطويس الذي قلد ألحان الفرس ظهر في عهد عمر رضي الله عنه، أو الخليفة عثمان رضي الله عنه، ويقال ان العاهل السعودي الملك عبدالعزيز كان يستمع الى فرقةالحرس الملكي السعودي في بعض المناسبات وهي تعزف بعض الألحان الغربية مثل الدانوب الأزرق وبحضور بعض العلماء كالشيخ محمد بن ابراهيم. لذا نرى أن تدريس التربية الموسيقية وفق الأهداف المعرفية والوجدانية والسلوكية التي وضعتها وزارة التربية قد يكون مفيدا للانسان.
12/27/2009
|