مسؤولية الدولة في تأهيل المفرج عنهم من غوانتانامو | رجوع
أسعدني -كما اسعد كل مواطن وكل انسان شريف يحب الخير ويؤمن بالعدالة ويكره الظلم- سماع الاخبار عن الافراج عن معتقلين كويتيين من سجن غوانتانامو، ومن بينهم المواطن خالد المطيري، الذي وصل الى ارض الوطن بالسلامة، ووليد الربيعة والعودة.. ولم أتشرف بمعرفة المواطنين الافاضل، ولكني اعرف والد الربيعة المرحوم محمود الربيعة الذي كان اثناء مرضه يتمنى ان يرى ابنه قبل ان يفارق الحياة، ولكن قدر الله تعالى ألا تتحقق امنيته. لقدى قضى اولئك الشباب ثماني سنوات من ربيع عمرهم في ذلك المعتقل السيئ السمعة والصيت ولم توجه اليهم اي تهمة طيلة تلك الفترة. لقد افتتح هذا المعتقل في اعقاب هجمات 11سبتمبر على اميركا، وتم اعتقال السجناء بطرق تعسفية تتعارض مع الاعراف الدولية والانسانية. ونقلوا الى المعتقل بصورة بربرية وحشية لا تليق حتى بالتعامل مع الحيوان، مقيدين بالسلاسل ومكممي الافواه، لم يوقع اي قاض على مذكرة اعتقالهم ولم توجه اليهم اي تهمة، ولم يسمح لهم بتوكيل محامين للدفاع عنهم ولم يسمح لاقاربهم بزيارتهم، ومنعت منظمات حقوق الانسان من زيارتهم، وقد تلقى السجناء في ذلك المعتقل انواعا من التعذيب الجسمي والنفسي، ما يندى له جبين الانسانية. وكان يتم ذلك بأوامر من بوش واركان ادارته المتكبرة المتغطرسة، خاصة نائبه ووزير دفاعه ووزير العدل الذي كان يزوّر الحقائق ويزين تلك الاعمال الوحشية ويبررها، وتعاونت قيادة البنتاغون والمخابرات في تسهيل تعذيب السجناء. وقدر الله تعالى ان يستيقظ ضمير بعض الجنود الاميركيين الذين كانوا يعملون في ذلك المعتقل، فبدأوا يسربون الاخبار ويرسلون الصور التي تكشف التعذيب الوحشي الذي يلقاه السجناء من قبل الجيش الاميركي. وألّف الرقيب اريك سار كتابا اسماه «داخل الاسلاك الشائكة» في عام 2005 ألقى فيه الاضواء على المعاملة الوحشية التي يلقاها سجناء المعتقل. وكان هذا الجنــدي يعمل في ذلك المعتقل، واكد في ذلك الكتاب ان من بين 600 معتقل لا يوجد سوى عشرين من الذين يمكن ان يُطلَق عليهم المتشددون الارهابيون، اما البقية فهم من الابرياء الذين لا ذنب لهم، ويقع عليهم يوميا ضروب من التعذيب بلا مبرر اخلاقي ولا سند قانوني. لذلك كثرت محاولات الانتحار من السجناء في ذلك المعتقل، وكذب ما تدعيه حكومة بوش انها ترسل أسوأ السيِّئين الى ذلك المعتقل. وقال سار ان ما شاهده في غوانتانامو غير من نظرته الى بلده. ولقد أدت تلك الجهود التي قام بها الجنود الاميركيون الشرفاء الى ان تتحرك بعض منظمات الحقوق الدولية فبدأت تحتج على تلك الممارسات الوحشية وتستنكرها، ورأت ان في ذلك المعتقل قد انمحت فيه جميع القيم الانسانية وانعدمت الاخلاق، وكانت تتم فيه معاملة السجناء بوحشية وقسوة شديدة، وطالبت بوضع حد لذلك المعتقل واغلاقه بشكل نهائي. واحتج ائتلاف من الموسيقيين والملحنين الاميركيين على استخدام الموسيقى لاغراض غير انسانية كاتخاذها وسيلة لتعذيب السجناء واجبارهم على التعاون والادلاء بمعلومات، واعربوا عن غضبهم واشمئزازهم من تلك الممارسات، واكدوا ان استخدام الموسيقى عند مستوى معين ولمدة ايام او ساعات يشوش الذهن ويمنع الانسان من التفكير. وطالبوا بانهاء التعذيب واغلاق ذلك المعتقل. ومن المعروف ان الرئيس اوباما قد امر باغلاق سجن غوانتانامو في ثاني يوم له بالسلطة. لذلك صرح متحدث باسم البيت الابيض للموسيقيين الغاضبين بان الموسيقى لم تعد تستخدم وسيلة للتعذيب. ووافق الكونغرس ومجلس الشيوخ على نقل معتقلي غوانتانامو كخطوة لاغلاقه. كيف يجب ان نستقبل هؤلاء الابرياء الذين سجنوا ظلما وعدوانا، ولاقوا صنوفا من التعذيب؟ من المؤكد انهم سيكونون في حالة غير طبيعية، مهما كانت قوة شخصيتهم. فيجب عدم اعادتهم الى الحياة الطبيعية الا بعد معالجتهم من الرواسب والامراض النفسية التي علقت بهم بسبب تواجدهم في ذلك المعتقل. يجب الا نخسرهم كما خسرنا زملاء لهم اعدناهم الى الحياة الطبيعية قبل اعادة تأهيلهم، ونتج عن ذلك انهم ذهبوا الى العراق بعد اسبوع وفجروا انفسهم في مواكب انتحارية، لأنهم كانوا يكرهون الحياة ويكرهون اميركا. واتخذ انصار بوش في بلادنا من ذلك دليلا على صدق مزاعم بوش بانهم كانوا حقا ارهابيين وانهم يستحقون العقاب، من دون ان يتعبوا انفسهم ويتعرفوا على الدوافع الحقيقية التي دفعتهم الى الانتحار.
10/29/2009
|