ظواهر سلبية في مجلس جديد | رجوع
لا خيار أمامنا سوى الحفاظ على الديموقراطية مهما ظهر في المجلس من مساوئ وعيوب. لأن هذه العيوب من الممكن معالجتها، اما التخلي عن الديموقراطية فهذا يعني الاعتداء على حقوق الشعب، وسيجر الدولة الى حالة من عدم الاستقرار والفوضى. وهذا المجلس الذي لم يمض على دور انعقاده سوى ايام ظهرت فيه انماط من الظواهر السلبية القاتلة تجب مواجهتها لتخليص نظامنا الديموقراطي من العيوب. ومن هذه الظواهر ما سمعنا منذ اسبوع ان احد الاعضاء قد اعتدى على احد رجال الامن في مقر عمله. ولقد استنكر المجتمع هذه الحادثة استنكارا شديدا لاعتقادهم ان عضو المجلس يجب ان يكون قدوة حسنة في احترام القوانين لا ان يكون اول من ينتهكها ويدوس عليها. وبعد هذه الحادثة ترددت آراء تؤكد ان هذه الحادثة ليست الاولى، ولن تكون الاخيرة. اذ تعود كثير من الاعضاء على دخول مكاتب المسؤولين من دون مواعيد ولا استئذان وبيدهم معاملات، ويطالبون بانجازها، ويهددون من لا يستجيب لاوامرهم بالانتقام. ولا شك انه لا يجوز لنا ولا لاحد ان يجعل من نفسه قاضيا ليحكم في هذه القضية ويدين احد الاطراف، الا اننا نعتقد ان هذه ظاهرة خطيرة تجب معالجتها. وهناك حادثة نشرتها الصحافة منذ يومين مشابهة لهذه الحادثة تفيد بان احد النواب ذهب الى عمادة كلية الحقوق يطلب مسامحة طالبة ضبطت متلبسة بالغش. إننا نعتقد ان معالجة مثل هذه الاخطاء تستوجب مضاعفة العقوبة في حق النائب او الوزير او كبار المسؤولين اذا انتهكوا حرمة القوانين لتحقيق مكاسب شخصية، ظنا منهم ان مناصبهم القيادية تحميهم من المساءلة. فلا يجوز لهم ان ينظروا الى انفسهم هذه النظرة المتعالية ويتصوروا انهم اصبحوا فوق القوانين. بل يجب ان يكون الجميع متساوين امام القانون. بل نعتقد ان العدالة تتطلب مضاعفة العقوبة في حق القياديين لانهم خانوا الامانة التي منحتها الامة لهم. وهذا امر طبيعي قد نجده في الديانات والدول التي تحترم نفسها، يقول القرآن مخاطبا نساء النبي «يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا» فهذا نص صريح واضح بمضاعفة العذاب لنساء النبي، لان المكانة الكريمة التي هن فيها لكونهن نساء النبي وامهات المؤمنين تفرض عليهن واجبات ثقيلة. واذا اخطأن تضاعف عليهن العقوبة. ولذلك يذم العالم العاصي اكثر من الجاهل والشيخ اكثر من الصبي. وهناك ظاهرة سلبية اخرى ظهرت مبكرا في المجلس، وتتمثل في الاستجواب المقدم من التكتل الشعبي لوزير الداخلية بعد مرور اقل من اسبوعين على دور انعقاد المجلس. فهذا التوقيت المتسرع للاستجواب يكشف عن الدوافع الشخصية لدى المستجوبين. فهم لا يريدون استجوابه عن اعمال تخص وزارته الجديدة، لان الوقت ما زال مبكرا للحكم على الوزارة الجديدة. بل يريدون استجوابه لتصديه للانتخابات الفرعية، وهو في هذا الموقف كان يقوم بواجبه ويحمي القانون. فمن يخالف القانون يريد ان يحاسب من يحميه. وقد اقسم بعضهم اثناء حملات الترشيح انه سيستجوب وزير الداخلية اذا اعيد الى منصبه، فالاستجواب كان جاهزا اثناء الحملة الانتخابية. وحاول المستجوبون اضافة محاور على الاستجواب لتغطية الدوافع الشخصية كالسؤال عن تقدير المبالغ التي دفعت على لوحات اعلان الانتخابات. ولا شك ان هناك مبالغة كبيرة في تقدير تلك المبالغ، وكان من الممكن معالجة الموضوع عن طريق توجيه سؤال برلماني وتشكيل لجان تحقيق برلمانية، واحالة الموضوع الى النيابة. ولكن ماذا نقول لشخصيات لديها مرض نفسي وهوس في حب الاستجوابات، وتتلذذ وتستمتع بإهانة المسؤولين، ويتصورون انهم يتحولون الى ابطال لإدخالهم الدولة في ازمات وليس لديهم اي مشاريع للاصلاح. ويرى كثير من ابناء المجتمع اننا لم نستفد من تلك الاستجوابات سوى تعطيل عمل التنمية والانشغال بها عن اصلاح التعليم والصحة والخدمات الاخرى. وثالثة الظواهر السلبية ما شاهدناه من تدن في لغة الحوار بين بعض الاعضاء في جلسة الثلاثاء الماضي، حيث تلفظ بعض الاعضاء بألفاظ نابية مس فيها سمعة عائلات وشخصيات كويتية كريمة، كان لها دور مشهود في تاريخ الكويت. يجب التصدي لهذه الظواهر السلبية ولا يجوز ان نردد الكلمات التي سئمنا سماعها، مثل ان الدستور كفل للعضو الحرية فيما يقول وتقديم الاستجواب وقت ما يشاء، لان هذه الكلمات قد تتحول الى كلمات حق يراد بها باطل اذا اسيء استخدامها، فيجب ان يكون لرئيس المجلس ومكتب المجلس وجميع الاعضاء دور ايجابي وفعال في التصدي لهذه الظواهر، ومعالجتها لانها تؤثر تأثيرا سيئا على سمعة الاعضاء وعلى العملية الديموقراطية برمتها.
6/23/2009
|