المشهد في فلسطين بعد النكبة والنكسة | رجوع
لقد كان المشهد على ارض فلسطين المغتصبة في الذكرى الـ61 للنكبة مأساويا، لقد احتفل الصهاينة بهذه المناسبة التي يطلقون عليها عيد الاستقلال او تحرير ارض الميعاد، فهم يزعمون ان قيام اسرائيل جاء تنفيذا لاوامر إلهية، وهكذا ساهمت قراءة بعض النصوص التوراتية في مأساة الشعب الفلسطيني، فقدمت الدول الغربية المشروع الصهيوني على اساس انه مشروع الهي، لاكساب هذا المشروع مبررات اخلاقية ولتغطية دوافعهم الاستمعارية والاقتصادية، ولتبرير المذابح التي سترتكب لتحقيق هذا المشروع. لقد تحولت ارض فلسطين بعد ان استوطنها الصهاينة الى بؤرة للحرب في المنطقة، فقد تم الاستيلاء على 78% من ارض فلسطين في عامي 48 و49 ثم العدوان الثلاثي على مصر 56،وحربي 67 و1973، وتدمير المفاعل النووي العراقي واجتياح لبنان 1982، واجتياح مناطق الحكم الذاتي للسلطة الفلسطينية 2002 والحرب على لبنان 2006 والحرب على غزة. علينا ان ندرك ان احتلال العراق واشعال الفتن في سوريا ولبنان ومصر والسودان جزء من المخطط الصهيوني، حيث يخطط القادة الاسرائيليون لتقطيع اوصال الدول العربية الكبرى، لان هذا التقطيع يساعد في تحقيق طموحاتهم لبناء اسرائيل الكبرى، ويتأكد هذا من خلال الاطلاع على خطط اسرائيل الاستراتيجية المنشورة منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي. من هنا نعتقد ان المنطقة العربية والاسلامية لن تعرف الاستقرار ما دامت اسرائيل قائمة وتتطلع الى تحقيق طموحاتها الكبرى، ان الصراع العربي الاسرائيلي بطبيعته يؤكد لنا انه صراع معقد تتداخل فيه عوامل متعددة، وانه صراع قائم بين الصهيونية وبين ما تمثله من نظرة عنصرية تنظر فيها الى ذاتها على انها شعب الله المختار ومليئة بالاحقاد على شعوب المنطقة، ولديها نزعة شديدة وميل للسيطرة على الارض والمال والاقتصاد. لهذا نرى ان المشهد في ارض فلسطين في ذكرى النكبة والنكسة كان مأساويا بالنسبة لنا كعرب ومسلمين، حيث احتفل الصهاينة في هذه المناسبة وهم يعتقدون انهم الدولة الاقوى في المنطقة ولا يوجد من يجرؤ على تهديد وجودها وامنها، انها قوية بديموقراطيتها ومحمية بجيشها وتحالفاتها الدولية، وقوية لضعف اعدائها وانقساماتهم، لقد انتخب الاسرائيليون حكومة يمينية متطرفة يعتقدون انها تستطيع ان تتحدى دول العالم في ان تفرض عليها التراجع عن التوسع في مشاريعها الاستيطانية، لقد اصبح اعداد الصهاينة على ارض فلسطين اكثر من 6 ملايين نسمة، بعد ان كان عددهم عام 48 لا يصل الى 700 الف نسمة، وهم تواقون لجلب المهاجرين الجدد ويبنون المستوطنات لاستقبالهم واستيعابهم، لقد طاف الصهاينة المتطرفون في ساحة الاقصى يطالبون بهدمه وتشييد الهيكل وهم يحملون خريطة اسرائيل الكبرى. كما كان المشهد على الساحة العربية في هذا العام مأساويا، حيث نرى الدول العربية منقسمة ليس لديها استراتيجية واضحة في اسلوب مواجهة هذا العدو، انقسمت الى دول اعتدال وممانعة، واختارت دول الاعتدال خيار السلام مع العدو والتفاوض معه، وبعد اكثر من 16 عاما لم يفض هذا الخيار الا الى طريق مسدود، ولم يستفد الشعب الفلسطيني منه سوى تكريس الانقسام، وتحولت ارض السلطة الى سجن كبير يتحكم فيه العدو دخولا وخروجا وتموينا واقتصادا، وتحولت اجهزة السلطة الامنية الى جهاز يخدم امن اسرائيل ويعاقب المقاومة. واعترفت بعض دول الاعتدال العربي بإسرائيل وهنأتها بعيد التحرير والاستقلال، وهذا يعني اعترافا من هذه الدول بأن ما قامت به اسرائيل وما ستقوم به في المستقبل من مجازر وجرائم ضد الشعب الفلسطيني والعربي انها كانت على حق لانها كانت تحرر وطنها من المغتصبين العرب. بل ان بعض هذه الدول تحاصر المقاومة وتضيق عليها الخناق حتى تستسلم لشروط اسرائيل. وتحاول بعض هذه الدول ان تحل الخطر الايراني بدلا من الخطر الصهيوني. لتعلن اسرائيل ان ايران بسبب ملفها النووي هي العدو المشترك بينها وبين العرب. ولكن بالرغم من هذا المشهد المأساوي فإننا قد نجد املا واشراقا يبرزان على الساحات العربية. ويتمثل ذلك في كل من المقاومة اللبنانية والفلسطينية والممانعة السورية والتحولات في الساحة الايرانية والتركية. ولقد استطاعت المقاومتان اللبنانية والفلسطينية حرمان العدو من تحقيق نصر حاسم وسريع ضدهما كالذي كان يحققه العدو على الجيوش العربية، فاضطر العدو ان يوقف النار من جانب واحد من دون ان يحقق اهدافه من الحرب ضدهما. كما انه لم يستطع ان يحمي جبهته الداخلية من وصول نيران صواريخ المقاومة التي ظلت تمطر جبهته الداخلية لساعات بعد وقف اطلاق النار. لهذا نراه في مناوراته الكبرى التي يجريها هذه الايام يخصصها لكيفية حماية الجبهة الداخلية. مما يدل على ان الصراع قد تغير في المنطقة.
4/6/2009
|