الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
كيف نواجه أخطار الخطاب الفئوي؟ | رجوع
يجب مواجهة هذا الخطاب لخطورته على وحدة الدولة ولدعوته الصريحة لتفكيكها والغاء وجودها، ولا نعرف من غرس هذه البذرة الخبيثة في مجتمعنا، ونعتقد أن هناك لاعبين ماهرين مارسوا دورا مهما في تنمية هذه الظاهرة. قد توجد اطراف خارجية لا تهمها مصلحة الكويت او تعادي نظامها الديموقراطي فغذت هذه النعرات لافشال نظامنا الديموقراطي، ولكن الأشد خطورة من ذلك ان توجد اطراف من الداخل لا تدرك خطورة هذه الظاهرة فتعمل على تشجيعها ظنا منها انها تخدم مصالحها في اللعبة السياسية. 
المهم ان هذه الظاهرة البغيضة بدأت بالنمو والتكاثر واصبحت تتحدى قرارات الدولة السياسية ونظامها الأمني والقضائي، ولعبت وسائل الاعلام الخاصة دورا فعالا في نشر فلسفة هذه الظاهرة والترويج لأفكارها ونشر ثقافتها، ظنا منها ان قيامها بهذا الدور سيدعم مكانتها ويزيد من مساحة انتشارها بين الجماهير. وبالفعل استطاع ذلك الاعلام على الرغم من حداثته وضعف امكاناته، وخاصة المادية مقارنة بالامكانات المتاحة للاعلام الحكومي، استطاع ان يهمش الاعلام الحكومي الذي أصبح عاجزا عن تطوير ذاته وفاشلا ندر ان يستمع اليه احد. 
مثل هذه المظاهر الغريبة على مجتمعنا تمثل مساسا بأمن البلاد واستقرارها واساءة للوحدة الوطنية وانتهاكا صريحا للقانون فلا يجوز التهاون ازاءها ولا السكوت عنها. فاذا كانت هذه المظاهر بهذه الخطورة، فان هذا يعني ان اخطار هذه الظاهرة قد تجاوزت الخطوط الحمراء في ما يخص امن الدولة وسلامتها، ووصل خطرها الى العمق والعظم. لذا لا يجوز السكوت عن هذه الظاهرة ولا ينبغي ان يترك امر التصدي لها للجهات الحكومية وحدها، فالحكومة لا تستطيع ان تتصدى لهذه الظاهرة منفردة، بل يجب ان يكون للمجتمع المدني دور مهم وفعال في مواجهتها وكشف من يساهم في نشر هذه الثقافة وتعريته، على ان يتم ذلك باتباع اسلوب التعقل والحكمة، ولا ضرر من اتباع اسلوب الحزم اذا اقتضى الامر، على الا يخرج عن اطار القانون وأحكام الدستور كما تفضل صاحب السمو اثناء توجيهاته للسادة الوزراء. 
ان اصطفاف الناخبين حول المرشحين اصحاب الطرح الفئوي وتجاوبهم معهم واقتناعهم بتلك الاطروحات، تعني ان هؤلاء الناخبين لن يصوتوا للكويت كدولة وكيان ولا لمن سيحترم قوانين الدولة ونظمها السياسية والاقتصادية والتربوية، بل سيصوتون لمن يخدم مصلحة القبائل والطوائف والفئات حتى لو تعارضت مع مصلحة الدولة. ان هذا الفكر المتخلف يريد العودة بمجتمعنا الى الوراء قرونا طويلة وصولا الى عهد ما قبل نشأة المجتمعات البشرية عندما كان الانسان يعيش في كنف الاسرة والقبيلة والعشيرة لتوفر له الحماية وما يحتاج اليه من متطلبات الحياة. 
ولكن تطور فكر الانسان وحياته العلمية وتعقد ظروف الحياة اقنعت تلك العشائر والقبائل التي كانت تحيا حياة العزلة والتفكك، اقنعتها ان مصلحة الجميع تحتم عليهم ان يندمجوا في كيان واحد حتى يستطيعوا ان يكونوا كتلة سياسية قوية موحدة تتمكن من خلال تعاونها وتضامنها من استغلال ثروات الدولة بصورة افضل وان تدافع عن ذلك الكيان من الطامعين. وكلما عادت المجتمعات الى حالة التعصب القبلي الطائفي اشتعلت فيها الفتن وضعفت وسهل على الطامعين فيها استغلال تلك الظروف للسيطرة عليها. 
ولقد عانت دول كثيرة التعصب الطائفي القبلي، ومن ضمنها اوروبا التي اشتعلت فيها طيلة عقود كثيرة حروب دينية وقبلية انهكتها واوشكت ان تقضي عليها لولا ان تمكنت من محاربة تلك الظاهرة. ونرى اليوم ان هناك اطرافا خارجية تستغل الخلافات العرقية والمذهبية الموجودة في بعض الدول العربية لتثير فيها الفتن والانقسامات كما يحدث في العراق ولبنان والسودان ومصر وبعض دول الخليج، مما يدل على خطورة هذه الظاهرة. لذا نتمنى ان نجتهد في محاربة هذه الظاهرة ولا نيأس، خصوصا أن نتائج الانتخابات كشفت أن غالبية الفائزين هم ضد الطرح الفئوي ويميلون الى معالجة الظواهر السلبية في نظامنا الديموقراطي، خصوصا تدني لغة الحوار والتخاطب. الدور الآن على الحكومة التي نتمنى أن تأتي تشكيلتها بحيث تكون قادرة على ادارة الأزمات التي تواجه الدولة بقوة ونجاح. 


5/27/2009
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com