الرد على فتوى تحريم انتخاب المرأة | رجوع
إن هذا الرأي لا يسيء إلى المرأة فحسب، بل يسيء للإسلام كدين ولمن يتبناه. فالإسلام لا يحتقر الإنسان، بل كرمه كرجل وامرأة. لذا، نقول لأصحاب هذا الرأي ان فقهاء الأمة كانوا يرون أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يوجد نص صريح وصحيح في تحريمها، وان الإسلام أعطى للمسلمين مساحة واسعة من الحرية لتطوير حياتهم العملية. لذلك، قد يشرع بعض المبادئ العامة ويعطي المسلم الحرية ليجتهد في التفاصيل ليتوصل إلى أفضل النظم الإدارية والتربوية والسياسية والاقتصادية المناسبة لظروف الزمان والمكان. أما بالنسبة للمرأة ودورها في الحياة العملية، فهناك من يعتقد أن المرأة ضعيفة العقل والتفكير، من هنا يرون ابعادها عن مواضع الرأي، ولكن من خلال دراسة الطبيعة البشرية يثبت أن طبيعة الإنسان تكاد تكون واحدة في الرجل والمرأة، فالله تعالى، وهب كلا منهما كثيرا من المواهب والقدرات مما يؤهلهما للقيام بالتصرف في شؤون الحياة. لذلك، لم يميز الإسلام بين البشر إلا بالتقوى، فهناك رجال ونساء صالحون وصالحات ومفسدون ومفسدات، لذلك وحد بينهما الإسلام في قانون العقوبات والحقوق والواجبات، وان أوجد بعض التمييز ذكر الحكمة منه وفرض واجبات تعادل ذلك التمييز، ويذكر القرآن بعض القصص يتضح منها ان وضع المرأة التاريخي كوضع الرجل، فعندها ثقة بالله وسلامة في الرأي كما عند الرجل. فيبين أن الله تعالى اصطفى امرأة عمران وتقبل من مريم أن تقوم بأمور تتصل بشؤون العبادة وخدمة الأماكن المقدسة كالرجل. ويذكر أم موسى وأخته وصيرهما وحسن تدبيرهما وابنة شعيب زوجة موسى وقوة فراستها وإدراكها شخصية موسى القوية، وامرأة فرعون التي زهدت في قوة الملك وقالت «رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين»، وبلقيس ملكة سبأ فقد أثنى القرآن على سداد رأيها في حسن التدبير وتقدير العواقب. وفي العهد الإسلامي، برزت المرأة عنصرا فعالا في ترسيخ الدين، فشاركت في الدعوة والهجرة والابتلاء والمعارك ونشر العلم والرواية. نذكر من ذلك أم المؤمنين خديجة بنت خويل، وأم سلمة ( ر)، ودورها في حفظ كيان الجماعة. وذلك بعد توقيع معاهدة صلح الحديبية، ورأى بعض الصحابة أن في شروطها غبنا للمسلمين، وجادلوا الرسول، صلى الله عليه وسلم، في تلك الشروط. فدخل النبي عليها صائحا: هلك المسلمون يا أم سلمة، أمرتهم فلم يمتثلوا. فقالت اعذرهم يا رسول الله، فاشارت عليه أن يخرج عليهم، وقالت: ابدأ بما تريد، فإذا رأوك فعلت ذلك تبعوك. وانشرح قلب النبي لهذا الرأي الناضج. ونسيبة بنت كعب التي شهدت معركة أحد وثبتت ودافعت عن النبي وهو يشهد فعلها ويثني على شجاعتها. وهكذا كان للوجود النسائي دور مهم في تثبيت دعائم الدين الجديد ونشره، فأمرها بالدخول في الإسلام وكلفها كل التكاليف، بل وأن تشارك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إيمانا منه بأن نهضة المجتمع لا تتحقق إلا بمشاركة الإنسان سواء كان رجلا أو امرأة. أما بالنسبة للنهضة الكويتية فقد كان للمرأة الكويتية دور فعال فيها، حيث شاركت في كل مجالات الحياة وحققت نجاحا باهرا، ففي التعليم العام والعالي تفوقن على كثير من الطلاب مما يدل على ارتفاع مستوى ذكائهن، وحققن نجاحا باهرا في الحياة العلمية، واستطعن أن يصلن إلى مناصب مرموقة ويحققن نجاحا كبيرا. عملت وكيلة وزارة ووزيرة ومديرة جامعة وعميدة كلية واثبتت كفاءتها. فعلى سبيل المثال د. فايزة الخرافي عملت 8 سنوات مديرة جامعة كانت فترة إدارتها من أفضل الفترات. ونقرأ لصحافيات يكتبن افضل المقالات ونستمع لمحللات يقدمن آراء متميزة. لا شك أن القيادة الكويتية كان أمامها كثير من المعطيات أقنعتها بأهمية اعطاء المرأة حق الترشيح والتصويت. وأن الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد كان حريصا كل الحرص على ألا يتخذ قرارات مخالفة للشريعة. خاصة أنه رأى أن معظم المجتمعات الإسلامية منحت المرأة حقوقها السياسية وأن المرأة في تلك المجتمعات بعد حصولها على حقوقها السياسية لم تتخل، كما يتوهم البعض، عن ثوابتها وقيمها الدينية. فنأمل أن تؤدي مشاركة المرأة في الحياة السياسية إلى معالجة كثير من الظواهر السلبية المسيئة للديموقراطية، خاصة أن د. اسيل أثناء حملتها الانتخابية وعدت بالتصدي لتلك الظواهر، وفي مقدمتها تدني لغة الحوار. فهل نحن بحاجة إلى تشريع قوانين تعاقب من يسيء إلى المرأة وينظر إليها نظرة دونية، أو المسؤولين الذين يحرمون المرأة من حقها في الترقية لمجرد كونها امرأة ويفضلون عليها الذكور حتى لو كانوا أقل منها كفاءة في الذكاء والإخلاص للعمل؟! فهناك مجتمعات تعاقب من ينظر إلى المرأة هذه النظرة الدونية. أذكر أن زميلا فاضلا كان إمام مسجد في اسبانيا قد ألف كتابا عن الزواج في الإسلام وأشار فيه الى أن الإسلام أعطى للزوج حق تأديب زوجته وضربها، فرفعت الجمعيات النسائية دعوى الإساءة للنساء، وصدر حكم أولي بسجنه، لكن برأه الاستئناف، وأخذوا عليه تعهدا بعدم تكرار هذا الموضوع.
5/17/2009
|