الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
نمو دور إيران الإقليمي | رجوع
عندما ألغى بعض العرب مبدأ الكفاح المسلح ضد اسرائيل. ووقعوا معها اتفاقيتي كامب ديفيد وأوسلو، دخلت السلطة الفلسطينية في مفاوضات مع اسرائيل، واعترفت رسميا بها والتزمت بكل الاتفاقات الموقعة، وبعد مرور اكثر من ستة عشر عاما على تلك المفاوضات لم يحقق الفلسطينيون اي مكسب منها. فما زالت الضفة الغربية محتلة وتمزق اوصالها المستوطنات والطرق الالتفافية والجدار العنصري العازل والحواجز الامنية التي تقيمها اسرائيل. وتعتدي اسرائيل يوميا على الشعب الفلسطيني فتقتل وتعتقل منه من تشاء، وتسرق اراضيه وممتلكاته وتقيم عليها المستوطنات التي تضاعفت اكثر من ثمانية اضعاف خلال 2008، وتجلب اليها مهاجرين صهاينة جددا، تمهيدا لطرد الشعب الفلسطيني مما تبقى من ارض فلسطين، وإقامة دولة اسرائيل الكبرى التي تخطط لاقامتها على مراحل، وتعمل باستمرار لجلب مهاجرين جدد صهاينة او موالين لها لتغيير الخارطة السكانية للمنطقة. ولما فازت حماس في الانتخابات عملت اسرائيل جاهدة على افشالها، فاتبعت سياسة الحصار والتجويع ضد غزة، ولما فشلت هذه السياسة شنت عليها حرب الابادة الاجرامية. ولم تكتف بعض الدول العربية بأن تقف موقف المحايد في ذلك الصراع، بل ساعدت الدولة الصهيونية لتفرض شروطها على الشعب الفلسطيني. 
في ظل هذه الظروف التي تخلى فيها معظم العرب عن الدفاع عن قضاياهم المحورية، وخاصة قضية فلسطين واحتلال العراق وافغانستان، ظهرت قوة جديدة مضادة في ايران بعد قيام جمهورية ايران الاسلامية، طردت سفير اسرائيل وسلمت مقر السفارة الاسرائيلية للمنظمة الفلسطينية. ونظرت الى اسرائيل على اساس انها كيان مغتصب وغدة سرطانية يجب استئصالها من المنطقة، وحددت يوما للقدس تحتفل فيه احتفالا جماهيريا. وتصاعدت حدة هذه اللهجة مع مجيء الرئيس نجاد الذي انتهز كل مناسبة يعتلي فيها المنابر الدولية ليدافع عن هذه القضية. واخيرا في مؤتمر «دوربان 2» وصف اسرائيل في خطابه بأنها حكومة عنصرية اقامها الحلفاء المنتصرون بعد الحرب العالمية بقوة السلاح، جلبوا مهاجرين وطردوا شعبا من اراضيه. وظل هذا الكيان منذ تأسيسه وحتى اللحظة يرتكب ابشع الجرائم في حق الانسانية. فلا بد من بذل الجهود لمواجهة الصهاينة وانصارهم واستئصال المشروع الصهيوني. واعتبر انسحاب 23 ممثلا للاتحاد الاوروبي كانوا حاضرين من القاعة اثناء إلقاء خطابه عجزا منهم عن المواجهة والرد على حججه. وان الغرب ليس لديه استعداد ان يستمع لاي نقد عن الصهيونية، ولا يريد ان يستمع الا لوجهة نظر واحدة. وهكذا واجه نجاد الغرب في ذلك المؤتمر وحيدا في غياب واضح متعمد لجميع القادة العرب، فتركوا ايران تتولى سد الفراغ السياسي الذي تسببوا به. 
لقد اكد هذا الموقف المثير الذي قام به نجاد شجاعة الدبلوماسية الايرانية وحيويتها، وهو ما نفتقده في العالم العربي لان معظم العرب اعتقدوا ان اميركا هي الاقوى في العالم، ولا سبيل امامهم سوى الخضوع لارادتها، فارتبطوا بالمشروع الاميركي وتداخلت مصالحهم بمصالحه. فأصبح المجال مفتوحا امام نجاد ليعلن للعالم انه المتحدث الرسمي باسم العالم الاسلامي. واستقبله شعبه استقبال الابطال، فتحولت ايران حكومة وشعبا الى دولة مساندة لمقاومة الاحتلال الصهيوني فنما نفوذها ودورها الاقليمي. 
عندما ارتبط بعض القادة العرب بالمشروع الاميركي الصهيوني الرامي الى استعمار المنطقة وتصدوا لمشاريع مقاومة المحتل، اشتركوا مع المعتدي الاميركي والغاصب الاسرائيلي في تسمية حركات المقاومة بأنها حركات ارهابية. فهم دعاة السلام وحماته يرونه افضل خيار للمنطقة العربية. ويتهمون ايران بأن لها مشروعا قوميا فارسيا وبأنها تسعى لبسط نفوذها واجندتها على عالمنا العربي، وادعوا ان المقاومة اللبنانية والفلسطينية ذراع ايران التي يجب بترها، ويحتجون بدور المنطقة التاريخي في مقاومة المحتل ويرون ان ايران تريد ان تسرق الدور العربي. على العرب ان يتأكدوا انهم باصطفافهم مع مشروع الاحتلال الاميركي الصهيوني وتبنيهم لاجندته وتبعيتهم له ومعارضتهم لمقاومته، قد سلموا لايران مفاتيح المنطقة. حيث يؤكد التاريخ ان الارض يرثها من يدافع عن شرفها وكرامتها لا من يستسلم لاعدائها. 
فلينظروا كيف قامت الدولة الاسلامية الاولى والاموية والعباسية ثم العثمانية. فلا يجدي التغني بالامجاد الماضية، فالاحداث لا تصنعها التواريخ الماضية ولا تؤثر فيها الاعتبارات الجغرافية مهما كانت محورية، بقدر ما تصنعها السياسات الراهنة ومدى فاعليتها.


4/5/2009
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com