الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
الأزمة السياسية والحاجة إلى إصلاح سياسي | رجوع
يبدو أنه لا يوجد أمل في إنهاء الخلافات المتكررة التي تحدث بين المجلس والحكومة والتي تؤدي إلى تدهور العلاقات بين السلطتين. ومن أسباب هذا البأس عدم وجود دراسات جادة تكشف الاسباب الحقيقية وراء هذه الأزمات ومن يفجرها. فليس من المعقول أن تتكرر تلك الأزمات أكثر من مرة في كل عام وتقف الدولة صامتة لا تحرك ساكنا، أو تعالجها معالجة سطحية قد تتعمد ايقافها بصورة مؤقتة لتستيقظ مرة أخرى وبصورة أشد، وكأننا أمام خطوط حمراء تحظر معرفة المحرك لهذه الأزمات وما مصلحته في ذلك. 
لقد ظهرت آراء في الساحة الكويتية يعزو أصحابها تلك الأزمات إلى خلافات بين أفراد في الأسرة الحاكمة، ومحاولة بعض منهم تصفية خلافاتهم في الساحة السياسية، وإذا كان هذا صحيحا فالواجب على الحكماء من أبناء الأسرة الحاكمة التدخل لحسم تلك الخلافات. 
ومن ايجابيات هذه الازمة أو من سلبياتها أنها كشفت عن أزمات سابقة لأعداء الديموقراطية الذين خرجوا من جحورهم، كما تعودنا أن نراهم في كل أزمة. ولكنهم في هذه الأزمة كانوا أشد بأسا وأكثر تنظيما وجرأة، خرجوا كالثعابين والعقارب السامة ليلوثوا أجواء المجتمع بآرائهم المملوءة بالغش والدجل والنفاق، نفاق وتزلف لأصحاب السلطة ليغدقوا عليهم بالمناصب والأموال. ومنهم من يعتقد انه لن يستطيع الوصول إلى مناصب عليا مرموقة في ظل مجتمع ديموقراطي. فلم يجدوا أمامهم وسيلة سوى التزلف إلى السلطة وتحريضها على الانقضاض على الديموقراطية، زاعمين انها فشلت في الكويت ولا جدوى منها. 
واتهم بعضهم الشعب الكويتي بانه شعب جاهل بمبادئ الديموقراطية، فهو المسؤول عن المجيء باعضاء جاهلين بمبادئ الديموقراطية ويسيئون استخدام وسائلها ويثيرون الأزمات. لذلك، يقترحون حل المجلس وعدم عودته حتى يرتفع مستوى الوعي بالديموقراطية لدى الناخبين. وطالب بعضهم بمجلس استشاري معين أو يعين الحاكم معظم أعضائه، بديلا عن مجلس الأمة، ويقترح بعضهم تعديل بعض مواد الدستور بحجة ان الدستور ليس قرآنا وأن كثيرا من الدول الديموقراطية قد عدلت دساتيرها، ويسخرون من الشخصيات الوطنية التي تتمسك بالدستور ويصفونهم بالجمود. ولقد تناسى هؤلاء ان الدول الديموقراطية عندما عدلت من دساتيرها جاء ذلك التعديل بناء على نتائج دراسات علمية أثبتت أن التعديل أمر حتمي ولمصلحة الأمة بأسرها. أما ما يقدمونها من مقترحات لتعديل الدستور فإنها تنصب على المواد التي تزعج الحاكم، فيقترحون حذف المواد التي تعطي للشعب حقوقا في المشاركة السياسية والمراقبة، وذلك لتمكين الحاكم من الهيمنة على المجلس وتجريده من قوته الشعبية وإيجاد مجلس عاجز عن مراقبة الحكومة ومحاسبتها على أخطائها واستجواب الوزراء المقصرين والمتسببين في الفساد. 
إننا لا نجادل في أن هناك سلبيات كثيرة قد شابت الديموقراطية الكويتية. فالكل يشكو من تدني مستوى الحوار في المجلس وتطاول بعض الأعضاء على المسؤولين بلغة فظة لا تراعي أدب الحوار، واستخدام بعضهم الاستجوابات والتهديد بها في غير أماكنها الدستورية، ودفاع بعضهم عن الاعتداء على أملاك الدولة وتقديم بعضهم مقترحات تستنزف الثروة القومية. ولكن هذه الأخطاء لا تعالج بأخطاء افدح منها وهي المطالبة بتعطيل الحياة الدستورية، فلا بديل عن الديموقراطية سوى التفرد بالسلطة وهو اشد ضررا من أخطاء الديموقراطية. وقد جربت الدولة حل المجلس أكثر من مرة، وفي كل مرة يحل فيها المجلس وتنفرد فيه الحكومة بالسلطة، يزداد الفساد وتتكاثر السرقات وتنتشر الفوضى حتى تقتنع الحكومة أن لا حل أمامها سوى عودة الحياة الديموقراطية. 
وعلى هذا الأساس، يجب الاعتراف بأن ديموقراطيتنا فيها بعض السلبيات، وأن معالجة هذه السلبيات تتطلب نشر الوعي بمبادئ الديموقراطية عن طريق التعليم وتأسيس الأحزاب الوطنية. وعلينا أن نعترف أيضا بأن ديموقراطيتنا فيها الكثير من الايجابيات. ولقد قرأت بعض المقالات تشيد بالديموقراطية الكويتية وتصفها بأنها أفضل الديموقراطيات في المنطقة. وتستشهد على ذلك بأن المجلس الكويتي استطاع محاسبة الوزراء على اخطائهم واستجوابهم ومعالجة قضايا الفساد إلى درجة وصول الأمر الى استجواب رئيس الوزراء، وأن معظم الدول العربية اتصلت بالكيان الصهيوني وكونت نوعا من العلاقات معه ما عدا الكويت لأن غالبية أعضاء المجلس ترفض ذلك، والحكومة تعمل حسابا لهذا المجلس القوي. 
هذه بعض ايجابيات نظامنا الديموقراطي وسلبياته، نأمل أن نتمكن من الحفاظ على ايجابياته ومعالجة سلبياته، ونأمل من صاحب السمو وهو راعي السلطات الثلاث أن يفتح المجال للإصلاح السياسي المنشود ليتحقق الإصلاح في عهده المبارك.


12/25/2008
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com