الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
وعود أوباما بالتغيير والإصلاح تتلاشى | رجوع
قد لا يكون أوباما أسوأ من بوش، وليس هذا فضيلة في أوباما، ولكن لأن بوش كان الأسوأ لدرجة أننا لا نتخيل أن يوجد من هو أسوأ منه. وعلى الرغم من سوء إدارة بوش والضجة الإعلامية التي اعقبت فوز أوباما، وجعلت البعض يتنبأ بحدوث تغيير في السياسة الاميركية. فإن هناك من يتشكك في حدوث التغيير المرجو، لاعتقادهم ان التاريخ الأسود لأميركا لم يبدأ مع بوش، بل بدأ مع نشأتها، لقد قامت هذه الدولة على العنف وإبادة السكان الأصليين والتوسع عن طريق الغزو، واستخدام السلاح، ورغبة لا تشبع، في السيطرة على الأرض والشعوب والأسواق لتحقيق حلمها الامبراطوري. وظل رؤساؤها طيلة القرنين الـ 19 والـ 20 يدعون أن أميركا أمة استثنائية وخلقت لتقود العالم.. وأشعل معظمهم الحروب العدوانية للسيطرة على العالم ويبررون أفعالهم الشنيعة بالإشارة الصريحة إلى أن الأمة في رعاية الرب أو اتباع أساليب الخداع كنشر الديموقراطية والحرية والدفاع عن حقوق الإنسان، وأنهم يقاتلون الأشرار. 
لهذا، يعتقدون ان أوباما لا يستطيع تغيير السياسة الأميركية، لأن تلك السياسة لا يصنعها شخص واحد، بل هي وليدة مؤسسات قوية، فهي التي تصنعها وتوجهها لخدمة مصالحها. وبالنظر الى جملة المبالغ التي أنفقت على الدعاية الانتخابية لأوباما سنجد انها قد تجاوزت الـ 600 مليون دولار، فالقوى التي مولت تلك الحملة هي اصحاب المصالح الذين يحكمون اميركا ويضعون سياساتها. انهم هم الذين جاؤوا بأوباما كما جاؤوا ببوش والهدف واحد، هو تحقيق الحلم الأميركي. وكانوا يرفعون شعارات براقة لخداع شعوب العالم. لقد رفع فريق بوش شعار نشر الديموقراطية مبررا لشن الحروب، ولكنهم لم يتقنوا اللعبة فشوهوا سمعة اميركا او اظهروا بشاعة وجهها بصورته الحقيقية. وبدأت كراهية اميركا تظهر بكل وضوح. وأخذت مراكز البحث تبحث عن اسباب هذه الكراهية وأكدت الإجابات ان سياسة بوش وعنجهيته كانتا من أهم الأسباب. 
وبدأ التفكير في البحث عن وسائل تمحو تلك الكراهية. ووسط تكتيك إعلامي، قدم أوباما على أنه المنقذ للعالم من الحروب، ورأت الجماهير في أميركا وخارجها ان انتخابه يبشر بتغييرات هائلة في اتجاه ما تريده تلك الجماهير. ولكن سرعان ما تبين لها انها كانت تعيش في وهم. إذ تبين لهم أن سياسته ستكون استمرارا لسياسة المحافظين الجدد، لقد تأكد لهم ذلك من خلال التصريحات التي أدلى بها بعد انتخابه. ففي مؤتمره الصحفي الاول بعد انتخابه، اكد ان الشأن الاقتصادي الداخلي سيكون هو الأولوية الملحة لديه التي تؤجل اي اولوية خارجية. وقال ان تطوير ايران لسلاح نووي غير مقبول ويجب ان يتوقف دعمها للمنظمات الارهابية، فهو تكرار لموقف بوش من ايران و«حزب الله» و«حماس». وانه اظهر تفهما عميقا، لماذا لا تستطيع اسرائيل القبول بعودة اللاجئين الفلسطينيين. وتعهد بأن يظل الجيش الاميركي اقوى جيش على وجه الارض. 
اما فريقه الذي اختاره ليحكم معه اميركا، فواضح انه يميل الى تثبيت السياسات القائمة، على الرغم من ان المرحلة الراهنة تحتم التغيير للخروج من مستنقع الحروب والأزمة المالية. ويأتي على رأس هذا الفريق جوزيف بايدن نائب الرئيس الذي يفتخر بصهيونيته وصاحب مشروع تقسيم العراق. وهيلاري كلينتون التي ستتسلم حقيبة الخارجية، وهي مؤيدة لغزو العراق، التي كانت تقول اثناء حملتها الانتخابية للرئاسة انها لن تقبل اي جدولة للانسحاب من العراق، واشتهرت بتعصبها وانحيازها المطلقين لدولة اسرائيل. وهددت بمحو ايران اذا عرضت أمن اسرائيل للخطر، وابقى روبرت غيتس وزير الدفاع الحالي في منصبه. وجيمس جونز القائد السابق لقوات شمالي الاطلسي، عينه مستشار الأمن القومي. ورام ايمانويل الكولونيل السابق في جيش اسرائيل رئيس اركان البيت الابيض، وبول فولكر الرئيس الاسبق لهيئة الاحتياطي في عهد ريغان عينه كبيرا لمستشاري البيت الابيض لسياسة تحقيق الاستقرار للاسواق المالية، ويصفه التقدميون بأنه من ألد اعداء الطبقة العاملة، فتيموني غايثنر وزير الخزانة، ولورنس سامرز وزير الخزانة في عهد كلينتون، ولاه رئاسة المجلس الاقتصادي الوطني. 
ويتضح من هذه الاسماء ان غالبيتهم من المؤيدين لغزوي العراق وافغانستان، وسيدعمون سياسة اسرائيل الاجرامية والتشدد ضد ايران و«حزب الله» و«حماس»، اي انهم غير جادين في معالجة هذا الملف، اما بالنسبة للازمة المالية فسيتبع سياسة تؤكد تبعيته للبنوك والمؤسسات العملاقة، اي ان الطبقة الحاكمة لم تدرك حتى الآن خطورة الاستمرار في تلك السياسة، وعلينا ـــ العرب ـــ ان نعقد الآمال على المقاومة العراقية الباسلة واللبنانية والفلسطينية والافغانية والصومالية، ومن ورائهم شعوب المنطقة الرافضة للاحتلال، عليهم ان ينظموا صفوفهم ويستجمعوا قواهم ليلقنوا المحتلين ومن يساندهم من الانظمة والعملاء دروسا ليؤكدوا لهم ان المنطقة ليست للبيع ولا مكان فيها للعملاء.


12/18/2008
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com