الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
مستوى الوعي بمستقبل الكويت الاقتصادي | رجوع
مستقبل الكويت الاقتصادي بعد نضوب النفط كثيرا ما اقلق ابناء الكويت المخلصين، وعلى رأسهم صاحب السمو الراحل جابر الاحمد الذي اهتم بمعالجة هذه المشكلة وجعلها احد اهداف خطة التنمية الاولى والثانية. وشجعه على ذلك اهتمام غرفة التجارة بدراسة هذه المشكلة فاستعان بخبراء اقتصاديين عرب واجانب وابناء الكويت. وتتمثل الحلول، التي توصل اليها مع هؤلاء الخبراء لمعالجة المشكلة، بضرورة ان تلتزم الدولة بالتقشف وتقتطع جزءاً من العوائد النفطية يتم استثماره في الدول المتقدمة، وهذا ما سمي بصندوق الاجيال القادمة. وبالفعل تمكنت الكويت من تكوين استثمار جيد كانت عائداته السنوية تقترب من دخل النفط في سنة الغزو. 
ولقد تسبب الغزو بضياع مبالغ كبيرة من تلك الثروة، ولكن المشكلة في تبديد الثروة لا تكمن في الغزو لانه لم يستمر اكثر من 7 اشهر، بل تكمن في انهيار القيم التي اصابت المجتمع الكويتي. حيث انخفض مستوى الوعي بمستقبل الدولة. فلم تستطع الحكومة ولا الشعب تقديم مشاريع جيدة ونافعة للمستقبل. فالحكومة مسرفة مبذرة ولن تتمكن بسبب تشكيلها القائم على المحاصصة العائلية والطائفية والقبلية من ان تفكر بروح الفريق الواحد الذي يمتلك الفلسفات والرؤى التي تستطيع ان تخطط للمستقبل. وكذلك الحال بالنسبة لمجلس الامة الذي جاء نتيجة افرازات طائفية قبلية، لذا اهتم اعضاؤه بمصالح القبيلة والطائفة ومصالحهم الخاصة، وقل اهتمامهم بمستقبل الدولة، بل ويقدمون المقترحات التي ستنهب الثروة. فبالرغم من الازمة المالية التي ادت الى تراجع سعر النفط الى اكثر من النصف فإن بعض الاعضاء لا يتردد من تقديم المقترحات الهابطة كإسقاط القروض وزيادة الرواتب وإقرار قانون الدواوين التي ستقام على ممتلكات الدولة وغير ذلك من المقترحات التي تنهب المال العام وتنتهك حرمة القانون. 
فلماذا كان احساس الكويتيين بالمسؤولية قبل خمسين عاما افضل من اليوم؟ أليس غريبا ان يتدنى مستوى الاحساس بقضايا الوطن المصيرية بعد انتشار التعليم وانخفاض مستوى نسبة الامية وزيادة نسبة حملة الشهادات العليا؟. يجب ان نعيد اهمية التفكير في مستقبل الاجيال المقبلة الى الحياة مرة اخرى، لان حاجتنا اليوم للتفكير في المستقبل يجب ان تتضاعف عما كانت عليه خاصة بعد استنزاف الثروة النفطية حيث بدأ يظهر الحديث عن اقتراب نضوبها. لقد قال صاحب السمو امير البلاد في النطق السامي الذي القاه في افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الـ12 «لقد حذرنا من أن متحصلات الفوائض المالية التي ينعم بها اقتصادنا قد تكون مؤقتة وخادعة، وان مستقبل الامة واجيالها مرهون بحسن استغلال هذه الفوائض في مواضعها وترشيد انفاقها وتوجيهها الوجهة الصحيحة التي تكفل تأمين مقومات الاقتصاد القوي الراسخ». اننا بحاجة الى تحول هذه الآراء الى واقع، لذا يجب البحث عن وسائل تساعدنا على ذلك. 
يجب ان تكون الحكومة رائدة وقدوة للاصلاح السياسي والاقتصادي، فإذا نادت بالتقشف فيجب ان تطبق هذا المبدأ على نفسها حتى لا تجد من يتهمها بالاسراف والتبذير. وقد يكون اصلاح التعليم من اهم الوسائل التي تساعد على غرس القيم السليمة التي تساهم في تنمية التفكير السليم والاحساس بالمسؤولية تجاه الوطن. وتكوين مجتمع مدني قوي يشعر افراده بتحمل المسؤولية، لا يلقون بالاخطاء على الحكومة ويتنصلون منها. يجب تأسيس جمعيات النفع العام والتكتلات السياسية التي تحمل افكارا ومشاريع وطنية تنشر قيما سياسية وتنموية مفيدة وتحارب قيما ضارة، كالمحافظة على الثروة وتنميتها ومحاربة الاسراف والاستهتار والعنف والتعصب الطائفي والقبلي. 
يجب الارتفاع بمستوى الاحساس بالمسؤولية لدى ابناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة التي هي الطبقة الكبيرة في المجتمع والتي تستطيع اذا ارتفع وعيها ان تحافظ على المجتمع وتصونه، يجب ان يتنبه ابناء هذه الطبقة ويشعروا بانهم اشد حاجة من الطبقة الغنية للتفكير في تأمين مستقبل الاجيال القادمة بعد النفط والحفاظ على ثروة الدولة. لان ابناء الطبقة الغنية لديهم استثماراتهم في الخارج ستعينهم بعد النفط اما ابناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة فلا يملكون شيئا خارج الكويت، لذلك ليس امامهم خيار سوى الحفاظ على هذه الثروة. عندئذ تنمو دولة الحداثة والنهضة وتموت المقترحات الهابطة التي تنادي بنهب الثروة الوطنية والتعصب القبلي والطائفي.


11/20/2008
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com