الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
أهداف العدوان الأميركي على الأراضي السورية | رجوع
من الصعوبة تلمس اي اهداف سياسية او عسكرية واضحة وراء العدوان الاميركي على مدينة البوكمال السورية، لكنه قد يعطينا دليلا على ان ادارة بوش ما زالت، وهي في الرمق الاخير، تريد الاستمرار في سياستها العدوانية المتوحشة، تلك السياسة التي جلبت المصائب لأميركا، ان تلك المصائب كانت كفيلة بأن تدفع تلك الادارة، وهي في ساعاتها الاخيرة في البيت الابيض، الى مراجعة تلك الاخطاء لتضع امام الادارة الجديدة ملفات تتضمن حلولا قد تساعد في اخراج اميركا من محنتها، غير ان هذه الادارة بعقليتها المتكبرة اصغر من ان تسلك مثل هذا السلوك الراقي، بل ارادت ان تفرض على الادارة الجديدة ان تتبنى سياستها العدوانية. 
لقد فشلت محاولات الادارة الاميركية في عزل سوريا عن المحيط العربي والاقليمي والدولي لكسر ارادة الممانعة لديها حتى تخضع للاملاءات الاميركية. لقد عقدت القمة العربية بنجاح في دمشق على الرغم من الجهود التي بذلتها اميركا وبعض دول الاعتدال العربي لمنعها. 
وساهمت دمشق بنجاح في معالجة ازمة انتخاب الرئيس اللبناني، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لقيت ترحيبا من فرنسا والدول الاوروبية، كما تعاونت مع المطالب الاميركية فأغلقت الحدود امام الراغبين في الانضمام الى جماعة المقاومة، واقامت سواتر ترابية عالية ونقاط مراقبة لمنع المتسللين الى العراق، وابدت استعدادا لفتح سفارتها في العراق، فأبرزت هذه الدبلوماسية السورية اهمية الدور السوري في حل مشاكل المنطقة، واذا اضيفت الى ذلك نتائج الحرب الجورجية وخسارة المخطط الاميركي ــ الاسرائيلي في تلك الحرب، وبروز النجم الروسي ثم ظهور الانهيار الاقتصادي في اميركا، فأضعف هذا كله محاولات اميركا في عزل سوريا وابرز اهمية التعامل معها، فأبدت اطراف اميركية استعدادها للتفاهم مع دمشق، وظهرت معلومات تفيد ان القائد العسكري الاميركي ديفيد بترايوس ابدى رغبة في زيارة دمشق، وان ديفيد هيل المساعد في وزارة الخارجية كان يدرس طلبا من رايس لزيارة دمشق، فجاءت تلك الغارة لإجهاض تلك المحاولات، مما يدل على وجود انقسام داخل ادارة بوش ازاء التعاطي مع الملف السوري. 
اما عن اسباب الغارة فقال مصدر عسكري اميركي ان قوات خاصة دخلت المنطقة وهاجمت شبكة مهربين تنتمي إلى «القاعدة» تنقل مقاتلين من سوريا الى العراق، يتزعمها بدران تركي المزيدي وهو من مساعدي ابو مصعب الزرقاوي وقد قتل في الغارة. واعلن الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان المنطقة التي ضربت تمثل مسرحا لنشاط تنظيمات ارهابية معادية للعراق. اما بحسب الروايات السورية فقد افادت بأن اربع مروحيات اميركية قامت بانزال مجموعة من الجنود في مزرعة السكرية في منطقة البوكمال الحدودية، وهاجموا مبنى مدنيا قيد الانشاء وخلفوا ثمانية شهداء من العمال، من بينهم زوجة الحارس، ثم عادت الطائرات الى العراق. 
ان هذا الاسلوب الذي استخدمته الادارة الاميركية في عدوانها على سوريا هو الاسلوب نفسه الذي تستخدمه في غاراتها على الاراضي الباكستانية بحجة ضرب مواقع لحركة طالبان وتنظيم القاعدة. وكثيرا ما كانت تسفر تلك الغارات عن سقوط ضحايا مدنيين من النساء والاطفال، فاتت بنتائج عكسية من اهمها زعزعة استقرار باكستان، مما ادى الى سقوط مشرف حليفها ضد الارهاب وتنامي كراهية الشعب الباكستاني لاميركا وتأييده لطالبان والقاعدة. مما يدل على ان شعوب العالم لا تتقبل هذا الانتهاك الاميركي المتكرر على سيادة الدول والاستهتار بالقانون الدولي. 
وفي مقابل ذلك، نرى الموقف المخجل للانظمة العربية التي التزمت الصمت ازاء هذا العدوان ضد دولة شقيقة وقفت طوال تاريخها تدافع بكل ما تملك عن القضايا العربية. والادهى من ذلك ما قرأناه من مقالات عبر كتّابها فيها عن شماتة بالنظام السوري، اما بالنسبة للعراق المحتل فمن الواضح ان الادارة الاميركية تريد تحويله الى قاعدة للعدوان على دول الجوار التي لا تخضع للارادة الاميركية، لذا يجب على الشعب العراقي ان يرفض تلك الاتفاقية التي ستحول ارضه الى قاعدة للعدوان على دول الجوار، اننا نأمل ان توقظ نتائج الانتخابات الاميركية الانظمة العربية من سباتها وتلتفت لمصالح شعوبها بدلا من الخضوع الاعمى لتنفيذ المطالب الاميركية ــ الاسرائيلية. ونأمل من الرئيس الاميركي الجديد ان يطبق مبادئ العدالة في تعاطيه مع شعوب المنطقة. 


12/11/2008
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com