الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
أخطاء الحملة على باقر وأضرارها | رجوع
«يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» يوجه الله المسلمين في هذه الآية الى ان يسلكوا سلوكا حضاريا رفيعا، فيطالبهم بان يتثبتوا من صحة الاخبار التي تصل اليهم ويتأكدوا من سلامة مصادرها، ونهاهم عن التسرع في اتخاذ مواقف عدائية ضد جماعة او افراد بناء على اخبار لم يمحصوها ويدققوا في صحتها، اننا بحاجة ماسة الى التمسك بهذه الآداب الراقية لنضمن استقرار المجتمع وعدم الوقوع في اخطاء فادحة قد تؤدي الى هدم المجتمع. 
وفي هذا السياق نتساءل عن الجماعة التي تظاهرت في سوق الاوراق المالية ضد وزير التجارة، ومن انتقده في الدواوين واصحاب المقالات الذين انتقدوا آراءه، هل قرأوا ما قاله في الندوة؟ ام ان هناك شخصيات معادية للوزير ولديها قدرة على تشويه الحقائق نقلت تلك الآراء بصورة مشوهة، وتقبلت الجماهير تلك الآراء على صورتها المشوهة من دون تمحيص فكانت لها ردة الفعل العنيفة تلك؟ ومن المؤكد ان من يتحمل اثم هذا الوزر هو من قام بتشويه الحقائق ومن تقبلها من دون تمحيص او تدقيق فكلاهما آثم في حق الله والوطن وحق انسان مخلص لوطنه عمل طوال تاريخه كوزير وعضو في مجلس الامة يدافع عن المال العام ضد من يريد نهبه، فشخص مثله يستحق الدعم والمساندة والثناء. 
وبالرجوع الى آراء الوزير نجد انه قال تلك الآراء في ندوة، ورأى ان الازمة ازمة عالمية مركزها اميركا، وارجع اسباب الازمة الى ثلاثة عوامل رئيسية هي: الربا الفاحش المضاعف، والجشع، وسوء الادارة اما بالنسبة للمجتمع الكويتي فرأى انه جزء صغير من المجتمع العالمي، ومن الضروري ان يتأثر بهذه المشكلة العالمية، ورأى انه من الضروري ان نستخلص الدروس، ورأى ان من مشاكل الكويت تشجيع الاستهلاك والاقبال عليه، واصبح البعض يستهلك اكثر من حاجته ويقترض للحصول على كثير من المظاهر وليست له قدرة على السداد، وضرب بعض الامثلة عن شخصيات غامرت فباعت بيوتها وشردت اسرها بسبب خسارتها في البورصة، ثم اثنى على اجراءات البنك المركزي واوضاع البنوك وشركات الاستثمار الكويتية. 
ومن خلال قراءتنا لآرائه نجد انه طرح فكرا جيدا ورصينا وحلل اسباب الازمة وتداعياتها تحليلا منطقيا ومتوازنا، قد يتفق بعضنا مع هذا الطرح وقد يختلف بعض آخر معه فلا ضرر في ذلك، فمن الطبيعي ان تتعدد الآراء ووجهات النظر، ولكن العيب في تعمد الاساءة الى شخص الوزير وتحميله قولا لم يقله، كاقتطاع جزء من النص ووضعه خارج السياق الوارد في النص، كمن يقول انه وصف المتعاملين في البورصة بانهم مغامرون لا يستحقون المساعدة، والحقيقة انه وصف جزءا محدودا منهم وهم الذين يبيعون بيوتهم ويشردون اسرهم، ان الاستشهاد بالنص على هذه الصورة كمن يستشهد بالآية «ولا تقربوا الصلاة» ويترك باقي النص ليشوه الحقائق. 
اما من ينتقد الوزير بحجة انه قال كلاما يتعارض مع رأي مجلس الوزراء ويدعي ان الوزير اذا اصبح وزيرا عليه ان يتخلى عن مبادئه، اي يطلب منه ان يصبح مجرد موظف في مجلس الوزراء ليست له شخصية، هذا الرأي قد يكون صحيحا في الدول الديكتاتورية التي تحكم من حزب واحد، اما في الدول الديموقراطية عندما يعجز حزب عن تشكيل حكومة لوحده ويستعين باحزاب اخرى لتشكيل حكومة وحدة وطنية فليس من حقه ان يطلب من الوزراء الآخرين ان يتخلوا عن مبادئهم، هذا ما نشاهده في تركيا والهند ولبنان وايطاليا وفرنسا واذكر ان احد وزراء خارجية فرنسا قال كلاما يخالف رأي رئيس الوزراء، ولما لفت احد الصحافيين نظره الى ذلك اجابه: «اني وزير خارجية فرنسا ولست موظفا عند رئيس الوزراء»، ولعل ما يحدث في الكويت شبيه بما يحدث في كثير من الدول الديموقراطية فسمو رئيس مجلس الوزراء رأى ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم التكتلات السياسية والقبلية كافة ليضمن الاستقرار والتوازن في الدولة، وتم اختيار وزير التجارة من التكتل السلفي، وما قاله ينسجم مع معتقداته وقناعاته وهذا امر جيد يستحق التشجيع، لاننا كثيرا ما كنا ننتقد بعض الشخصيات الذين اذا وصلوا الى مناصب قيادية غيروا قناعاتهم واصبحوا يلوذون بالصمت ولا يجرؤون على ابداء آرائهم في الندوات او في اماكن عامة خشية ان يفقدوا مناصبهم، فما قام به وزير التجارة ظاهرة صحية يجب تشجيعها حتى تصبح ظاهرة مقبولة.


6/11/2008
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com