خطابا بوش ونجاد في الأمم المتحدة | رجوع
أكد الأمين العام للأمم المتحدة في خطابه الذي ألقاه في افتتاح الدورة الـ63 لأعمال الجمعية العامة، ان التحدي الذي يواجه العالم يكمن في حاجة عالمنا إلى التعاون بين الأمم بدلاً من المواجهة، فلن تستطيع الأمم ان تحمي مصالحها وتطور حياة شعوبها من دون شراكة، فالعالم بحاجة إلى تشكيل قيادة عالمية لمواجهة الأزمات المالية والسياسية ومشاكل الفقر والطاقة والغذاء الخطيرة التي يعاني منها العالم. ان هذا الطرح يتناقض مع السياسة التي انتهجتها الإدارة الأميركية خلال السنوات السبع الماضية، بقيادة بوش واليمين المحافظ، التي ترفض مبدأ الشراكة والقيادة العالمية وتصر على الانفراد بقيادة العالم والهيمنة عليه، وتقسِّم العالم، حسب تصوراتها إلى محوري خير وشر، فمحور الخير الذي تكون هي فيه ومن يخضع لإرادتها وينفذ سياساتها الهوجاء المتوحشة، اما محور الشر فهو الذي يعارض تلك السياسات البشعة والفاشلة. وألقى بوش خطابه الذي لم يستغرق أكثر من عشرين دقيقة، لكنه كان مملا يردد الأفكار التي سمعها العالم منه قبل سنوات وسئموا من سماعها، لانها تخرج من إنسان كاذب مزدوج المعايير يقول ما لا يفعل.. يمتدح الديموقراطية في الدول الفاشلة التي يحتلها، كالعراق وأفغانستان أو الخاضعة لنفوذه، كجورجيا وأوكرانيا ويتهم سوريا وإيران برعاية الإرهاب، وامتدح خطته لإنقاذ بورصة نيويورك، وهاجم روسيا واعتبر حربها على جورجيا تخالف ميثاق الأمم المتحدة الذي يمنع الدول الكبرى من الاعتداء على الدول الصغرى، وتجاهل جرائمه وجرائم اسرائيل في العراق وأفغانستان وباكستان والصومال وفلسطين. اما نجاد فكان خطابه مدويا ومثيرا اثار حفيظة كثير ممن سمعوه، منهم: رئيس كيان اسرائيل الذي رد غاضبا، وكثير من طلبة الجامعات الاميركية والأساتذة الذين دعوه للحوار ومناقشة أفكاره، لقد اتهم نجاد الصهيونية بالظلم والاستبداد وتنبأ بزوالها السريع، نتيجة للسياسات الخاطئة التي ترتكبها. ورأى ان الإدارة الأميركية هي المسؤولة عن الأزمة المالية الخطيرة، وعلى الشعب الأميركي ان يحاسب تلك الإدارة عن سياساتها الفاشلة، وعلى الشعوب العربية ان تتساءل: أين الأنظمة العربية المذعورة من تمدد النفوذ الإيراني في العراق وفلسطين وسوريا ولبنان وسائر العالم العربي؟ لماذا لا تدافع تلك الأنظمة عن الحقوق العربية، كما دافع الرئيس الإيراني؟ ولماذا تسكت عن جرائم أميركا وإسرائيل ضد الشعبين العراقي والفلسطيني، وتساعد اسرائيل في حصارها للشعب الفلسطيني وابتلاع أراضيه؟! ان الأمة الأميركية أمة عظيمة وقوية سياسيا واقتصاديا وعسكريا، لم تعرف البشرية طوال تاريخها أمة تتمتع بمثل هذه القوة والعظمة، ولكنها ابتليت بإدارة حمقاء فاشلة طويلة اليد واللسان قليلة العقل والحكمة، خاضت حروبا عبثية غير أخلاقية على شعوب ضعيفة لإقامة امبراطورية تحلم بها. قتلت ملايين من الابرياء واعتقلت الآلاف بصورة وحشية وعشوائية، والأسوأ من ذلك تدعي أن الله أوحى اليها للقيام بتلك المهمة المتوحشة، والآن، وبعد مضي أكثر من سبع سنوات أدركت هذه الإدارة المتعجرفة انها تسير في طريق مسدود، وانها أوشكت ان تعلن خسارة حربها التي أعلنتها على الإرهاب. هذا ما تؤكده الوقائع العسكرية اليومية في أفغانستان وتداعياتها الأمنية والسياسية في باكستان والأوضاع الخطيرة والمتفجرة في العراق. ان أميركا لم تخسر الحرب على الإرهاب فحسب، بل خسرت ذاتها واصدقاءها وحلفاءها، عندما استعدت تلك الإدارة بكل عنجهية وتكبر الشعوب العربية والإسلامية، فهل تستطيع الإدارة الأميركية المقبلة ان تصلح الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الحالية وتعيد النظر في السياسات والمغامرات العسكرية التي اتبعت طوال السنوات السبع الماضية والتي لم يستفد منها سوى تجار المال والسلاح والنفط؟! أم ان مراكز القوة والنفوذ ستضغط لاستمرار تلك الأخطاء؟!
10/23/2008
|