الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
عدالة الميراث في الإسلام | رجوع

عدالة الميراث في الإسلام

«يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ..». (النساء: 11).
يرى بعض المفسّرين ان سبب نزول الآية ان امرأة سعد بن الربيع أتت إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فقالت ان سعد استُشهد معك في احد، وهاتان ابنتاه جاء عمهما استحوذ على ماله وميراثه، ولم يترك لهما شيئا. وكان العرب قبل الاسلام لا يورثون النساء، بحجة انهن لا يحملن السلاح للدفاع عن القبيلة، وكذلك كان الصغار يحرمون من الميراث. كما كانت الديانات السابقة لا تعطي البنت ميراثا اذا كان لها اخوة من الذكور. فسألته رأيه فقال لها: سيقضي الله في امرك، فنزلت آيات الميراث. فاعطى بنات سعد الثلثين ولزوجته الثُّمن والباقي لعمهما. وذكر المفسّرون أن معنى يوصيكم يأمركم ويطالبكم.
وفي نهاية الآية 11، التي حدد الله فيها نصيب الابناء والآباء من التركة، قال «..آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا»، فتوضح الآية اننا كبشر قد لا ندرك من هو الأكثر قربا إلينا، الاب ام الام ام الابناء. ولكن توزيع التركة جعلها الله فريضة منه لا يجوز الاجتهاد فيها أو التلاعب بها. وفي الاية 12 ذكر نصيب الزوج والزوجة ومتى يزيد أو ينقص. وفي الآية 176 في آخر سورة النساء ذكر نصيب الاخ والاخت اذا لم يكن للمتوفى اولاد. وبيّنت الآيتان 13 و14 من سورة النساء ان تقسيم التركة هو حد من حدود الله التي لا يجوز للانسان أن يتعداها. كما طالب الاسلام بألا يتم تقسيم التركة حتى يخصم منها الدين ووصية المتوفى، على ألا تزيد الوصية عن الثلث.
بينت آيات الميراث أن تقسيم التركة أوامر من الله قدمها لعباده، وعلينا ألا نتكبر عليها. فمن يطالب بتعديلها فهو يتحدى أوامر الله، ويتكبر عليها، ويدّعي أنه سيقدم قانونا أكثر عدالة مما قدمه الله لعباده. وفي ضوء هذا نرى ان ما أقدم عليه الرئيس التونسي وحزبه نداء تونس في 13/8 بمناسبة العيد الوطني للمرأة من تعديلات على قانون الميراث الاسلامي ونادى بالمساواة بين الجنسين في الميراث ادعاء منه أنه أنصف المرأة التونسية وأعاد اليها حقوقها.. نقول له ان علماء المواريث يؤكدون أن توريث المرأة نصف ميراث الرجل ليست قاعدة ثابتة في كل حالات الميراث، بل محصورة في أربع حالات، وهناك أكثر من 30 حالة ترث المرأة مثل الرجل.
ونود أن نذكر أنه لما قامت الثورة في تونس في زمن ما كان يسمى «الربيع العربي» لم يطالب الثوار بمختلف توجهاتهم بتعديل قانون الميراث. بل ركّزوا على العدالة والحقوق السياسية وتحسين ظروف المعيشة، حيث حلت تونس في المرتبة الرابعة من حيث نسبة الفقر في الدراسة التي أجراها البنك الدولي 2015. أي بعد جيبوتي التي تصدرت القائمة ثم السودان، فالمغرب. فبدلا من أن يجري الرئيس التونسي وحزبه دراسات جادة لإخراج تونس من خط الفقر ومعالجة مشكلاتها الصعبة، لجأوا إلى امور لا يوجد من يدافع عنها. بل ظن أنه سيجد من يثني عليهم ويصفهم بالتحضر والتمدن. ورد أحد النشطاء السياسيين على ذلك بنشر صور لنساء تونس الثريات وهن يرتدين الملابس الفاخرة ويمتلكن السيارات الضخمة والمنازل الحديثة وهن أقلية في المجتمع، وسيستفدن من هذا القرار. في مقابل نشر صور لنساء تونس الفقيرات وهن الاكثرية وأكد أنهن لن يستفدن من هذا القرار، لأنهن لن يرثن من أسرهن سوى الفقر.



8/27/2018
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com