شهدت الأعوام الـ 40 الماضية ارتفاعا هائلا في أسعار النفط، وكان بإمكان ايران أن تستثمر تلك العائدات الضخمة لتطوير الصناعة والزراعة والتجارة والتعليم لتصبح في المنطقة كاليابان أو كوريا الجنوبية. لا سيما أن إيران تملك كثيراً من العوامل التي تساعدها على النهضة. فقد كانت دولة حضارية منذ العصور القديمة. وما زالت إيران قادرة على تحقيق النهضة. فلديها الثروة الزراعية والمائية والحيوانية وكثير من المعادن. وموقع جغرافي متميز. وشعب حيوي محب لأرضه وللعمل والانتاج. ولكن الحكومات الإيرانية حرمت إيران وشعبها من تلك الثروات وأنفقتها على الميليشيات التي كوّنتها في الدول المجاورة، ظنا منه أنها ستمكنها من السيطرة على تلك الدول ومن ثم ستتمكن من تكوين الامبراطورية التي تحلم بها.
تذكرنا الحكومات الايرانية بالنظام السوفيتي عندما كان قادة الكرملين يحلمون بالسيطرة على دول العالم. ومن ثم أنفقوا أموال الدولة على الأحزاب الشيوعية خارج روسيا، في حين كان النظام يتآكل داخل روسيا، ما أدى إلى انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكّكه. هذا ما تقوم به الحكومة الايرانية تنفق أموال الدولة على الميليشيات والحروب. والشعوب الإيرانية تعاني من الفقر والجوع والبطالة. أدى ذلك إلى ثورة الشعب الإيراني ضد تلك الحكومات وطالبوا بسقوطها وسقوط جميع الشعارات التي ترفعها. ونادوا بحكومة تهتم بإيران والإيرانيين. ولكن معظم السياسيين أصيبوا بالصمم فلم يستمعوا لتلك الأصوات وقابلوها بالقمع.
وفي العراق لما أصبحت سطوة تلك الميليشيات واضحة في حكم العراق تردت الأوضاع السياسية والاقتصادية والخدمات حتى ثار الشعب العراقي ضد تلك الأوضاع. لم يكن من المتوقع أن يعاني العراق من العطش ولديه نهران، أو يعاني من انقطاع الكهرباء ولديه أموال ضخمة.. لقد ثار الشعب العراقي ضد الفساد ونظام المحاصصة وسوء الخدمات والنفوذ الإيراني. ومما يؤكد اتساع النفوذ الايراني في العراق أنه لما أعلن حيدر العبادي أنه لا يتعاطف مع العقوبات الأميركية المفروضة على ايران، ولكنه سيلتزم بها لحماية مصالح العراق. لكن هذا الموقف المتوازن لم يعجب الميليشيات العراقية الموالية لايران فعقدت مؤتمرات واجتماعات أعلنت فيها أنها تستنكر موقف العبادي وانه لا يمثل الاجماع العراقي، وأعلنت انها تتصامن مع ايران حكومة وشعبا. حتى ابراهيم الجعفري وزير الخارجية العراقي وقف ضد رئيس وزرائه. ولما اعلن العبادي انه سيزور ايران لشرح موقفه اعلنت ايران انها لا ترحّب بالزيارة. من الواضح أن تلك الميليشيات المتحكّمة بالعراق اتخذت ايران قدوة تقتدي بها فستقودها الى الفشل كما قادت حكومتها اذا كان الغراب دليل قوم، فسيقودهم الى الأرض الخراب.