الاتفاقية الأمنية تكشف أهداف غزو العراق | رجوع
لن تهتم اميركا بأن يكتشف العالم اهدافها من غزوها للعراق، فطوال تاريخها ترتكب المجازر وجرائم الابادة وتحاول ان تصادر قرارات الامم المتحدة وتفسر القوانين الدولية وفق معاييرها الخاصة بعيدا عن معايير الاخلاق والعدالة الانسانية. فهي تطالب باصدار العقوبات الدولية وتطبيقها على الامم والشعوب اذا اقتضت مصالحها ذلك، ولكنها ستدوس تلك القرارات اذا تعارضت مع مصالحها. انها تريد ان تضع نفسها فوق الامم المتحدة والقوانين الدولية ظنا منها ان قوتها ستحميها من العقوبات الدولية وتفرض على العالم ان يصدق اكاذيبها واضاليلها. من هذا المنظور سنفهم الاتفاقية الامنية التي تريد اميركا فرضها على الشعب العراقي، والتي يتضح من بنودها التي تسربت منذ ايام ان قوات الاحتلال تريد ان تحتفظ بـ50 قاعدة اميركية وان تمنح قوات الاحتلال حق السيطرة الدائمة على قواعدها والسيطرة على المجال الجوي العراقي، وتمنح حق القيام بحملات عسكرية، وان تعتقل من تشاء من المواطنين العراقيين من دون استشارة حكومة العراق، ويُـمنح جنود الجيش الاميركي ومقاولوه حصانة كاملة تعفيهم من محاسبة القضاء العراقي وان تبقى تلك القوات فترة غير محدودة، اي ان هذه المعاهدة ستلغي استقلال العراق وسيادته على ارضه وثرواته، لابقائه تحت الاحتلال بشكل دائم، وتحويله الى قاعدة عسركية اخطبوطية تشن العدوان على الآخرين الذين ترى اميركا انهم من الدول المارقة، لتنشر من خلال تلك القاعدة عدم الاستقرار في المنطقة. وهكذا ستلغي تلك المعاهدة الظالمة استقلال العراق وسيادته وتحويله الى بلد تحت الانتداب الاميركي، هذه الدولة التي تعتبر من اهم الدول العربية تاريخا وثروة وثقافة وثقلا، ومن اوائل الدول العربية التي دافعت عن حريتها حتى نالت استقلالها بجدارة ثم اصبحت من الدول المؤسسة لعصبة الامم والامم المتحدة والجامعة العربية تتحول الى دولة منزوعة السيادة، فالاهداف الحقيقية من غزو العراق السيطرة على ارضه للاستفادة من موقعه الاستراتيجي وسرقة ثرواته الطبيعية والقاء شخصيته العربية المهمة لانهاء دوره الاقليمي، وخاصة دوره في الصراع العربي الاسرائيلي، وتحويله الى دولة مسالمة لا وزن لها ولا قوة. ان هذه المعاهدة لا مثيل لها في الاتفاقيات الدولية التي وقعت بين دولة الاحتلال ودولة محتلة، فلا يحق لدولة الاحتلال ان تفرض معاهدات مجحفة تسلب بنصوصها حقوق سيادة الدولة المحتلة واستقلالها، انها تريد ان تشرع الاستعمار والهيمنة الاميركية بقوة السلاح، ويجب الا ننخدع بأكاذيب المحتل واضاليله وما يدعيه بان هناك جوا ديموقراطيا حقيقيا في العراق، وان الاتفاقية خاضعة للتفاوض، ومن ثم قد يخفض عدد القواعد او يغير بعض بنودها للتمويه والتضليل، والحقيقة ان المعاهدة ليست مشروعا مطروحا للنقاش بل معدة للتوقيع، فيجب رفضها من حيث المبدأ فلا يجوز توقيع اتفاقية بين دولة محتلة وشعب واقع تحت الاحتلال تحت تهديد السلاح. يضاف الى ذلك الموقف العربي المخزي حيث ساعدت معظم الأنظمة العربية المحتل على تحقيق أهداف أميركا ولم يتجرأ نظام عربي على مناهضة الاحتلال، فبينما تتظاهر الشعوب الأوروبية في انكلترا وايطاليا احتجاجاً على زيارة بوش وينددون بسياسته التدميرية في العراق وأفغانستان، يستقبل بوش بحفاوة بالغة في الدول العربية ولا تتحرك الشعوب العربية احتجاجا على زياراته. ان مثل هذه الظروف الصعبة تفرض على المقاومة العراقية الباسلة التي بدأت منذ أن وطئت اقدام المحتل أرض العراق، أن تعيد النظر في برامجها وسياساتها. فعلى الرغم مما قدمت من تضحيات وما حققته من انجازات عظيمة أرهقت المحتل وأنهكت قواه. لكنها لن تستطيع تحرير العراق وهي تعيش في ظل هذه الحالة من التشرذم والانقسام. ان العراق في حاجة الى قيادة وطنية جديدة شجاعة، ذات مشروع وطني واضح توحد صفوف المقاومة وتوحد خطابها السياسي والاعلامي بصيغة وطنية ديموقراطية جديدة تنبثق من فكر أبنائه لا من فكر المحتل والمتعاونين معه. فمتى يستطيع العراق الذي قهر الغزاة طوال تاريخه أن يعجل بظهور تلك القيادة التي سترغم الغزاة على الخروج من أرض الرافدين الحبيبة مهزومين أذلاء؟
6/23/2008
|