قراءة هادئة في النطق السامي.. وتمعن في تداعياته | رجوع
لقد جاء النطق السامي معبرا عما كان يدور في نفس سمو الامير من آمال وآلام كانسان وقائد لهذه الدولة وأب للاسرة الكويتية. كان الخطاب شاملا لمواضيع مهمة للانسان والدولة. وسنركز في هذا المقال على الاسباب التي دفعت سموه لحل المجلس السابق وتداعياتها على الحياة السياسية. لقد جاء الخطاب بعد ان قام سموه بحل المجلس السابق، وهو امر كان يكرهه. ولكنه اضطر الى ان يلجأ اليه لوقف تدهور العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وبذل سموه وسائل متعددة وقدم نصائح كثيرة لاصلاح تلك العلاقة، ولكنه لم يجد اذنا مصغية. لذا اشتمل الخطاب على بعض النصائح للاعضاء الجدد جسد فيها كثيرا من مظاهر الانحراف والتجاوزات التي كان يمارسها بعض اعضاء المجلس السابق وأدت الى تدهور العلاقة بين السلطتين. واكد سموه ان امانة المسؤولية في هذه المرحلة الدقيقة تفرض عليه التدخل دوما، حتى لا تكون مصالح البلاد مطية للاهواء والتجاذب. لقد كان للخطاب صدى عظيم لدى الشعب الكويتي ولقي ترحيبا وتأييدا واسعين، وتدل ردة الفعل العظيمة لهذا الخطاب على ان الشعب قد سئم تدني لغة الحوار السائدة في المجلس والتطاول على المسؤولين من دون مراعاة لخلق الاعضاء ودفاعهم عن الاعتداءات على املاك الدولة وما يقدمونه من مقترحات غير مدروسة سيؤدي تنفيذها الى تدمير اقتصاد الدولة. واصبح من الصعوبة اقناع الاعضاء بالتراجع عن اخطائهم. لهذا، رأى غالبية الشعب ان هناك نوعا من الفوضى والغوغائية بدأ يسيطر على روح المجلس، لهذا لقي حل المجلس قبولا وتأييدا واسعين في الشارع الكويتي. آملين ان يؤدي الحل الى اصلاح المسار الديموقراطي. ولكن بعد عودة المجلس بدأ بعض الاعضاء في تقديم المطالب نفسها ذات الكلفة المالية العالية والبعيدة عن روح العلم، التي ادت الى توتر العلاقة بين الحكومة والمجلس، والتي حذر منها صاحب السمو. اي ان هناك اصرارا على الخطأ وعدم التراجع عنه.. فما الحل؟ على الرغم من ان الشعب الكويتي مصاب باحباط واستياء شديدين من تدني مستوى اداء المجلس، واهتمام اعضائه بالمصالح الخاصة، وتركيزهم على كثير من القضايا الهامشية وتجاهلهم للقضايا المهمة. ولكن هذا لا يعني اطلاقا انه سيرضى بالقضاء على نظامه الديموقراطي وتحطيم ما حققه طيلة تاريخه من مكاسب وحقوق طبيعية. فالديموقراطية ــ بما تتضمنه من مبادئ وقيم، كالحرية والعدالة والمساواة ــ لا يستغني عنها الانسان الحر ولا الشعب الفاضل، فمن دونها سيفقد انسانيته ويصبح لا قيمة لوجوده. ومن هذا المنطلق، فإننا عندما نستنكر تدني مستوى اداء المجلس، يجب ان نستنكر بصورة اشد تلك الاصوات التي استغلت تلك الظروف وبدأت ترتفع مدعية ان الديموقراطية في الكويت قد فشلت ولا جدوى منها، ويطالبون باستبدال مجلس الامة بمجلس استشاري معين او يعين معظم اعضائه. اي أنهم سينزعون أهم مبدأ من مبادئ الديموقراطية وهو مبدأ سيادة الامة، حيث تستمد الديموقراطية الحقيقية اساسها الشرعي من مبدأ سيادة الامة او الشعب. اما المجلس الذي يقترحون تشكيله فستكون سيادته للحكومة. ومن ثم سيصبح جزءا من الجهاز الحكومي وتتسرب اليه الامراض الموجودة في الاجهزة الحكومية. وسيتكون من موظفين مدربين على تنفيذ الاوامر لا يجرؤون على مراقبة الحكومة ومحاسبتها على اخطائها ولا يشرعون الا القوانين التي ترضى عنها الحكومة، وسيصبحون عاجزين عن تحقيق الاصلاح ومحاربة الفساد. وفي ضوء هذا التصور، نرى ان هذه الاصوات التي تطالب بالقضاء على الديموقراطية هي اصوات تدعو الى الفتنة. لانها تدرك ان الشعب لا يرضى بالمساس بنظامه الديموقراطي وقد يتحرك لمواجهة الاجراءات التي ستنال نظامه. وقد يؤدي ذلك الى حدوث زعزعة وعدم استقرار. لذا نتمنى عدم الاستماع الى تلك الاصوات المشبوهة. فلا تجوز معاقبة شعب بأسره على بعض اخطاء بسيطة من الممكن علاجها واصلاحها، اذا توافر تعاون حقيقي وجاد بين العقلاء في الحكومة والمجلس. فنتمنى ان يبادر رئيس المجلس مع العقلاء في المجلس والحكومة، الى اصلاح الخلل. لا سيما ان رئيس المجلس اشاد بالنطق السامي لسمو الامير ورأى ان صاحب السمو هو والد الجميع وهو المسؤول عن السلطات الثلاث في البلاد، وتمنى ان يعي اعضاء المجلس والحكومة اهمية ما جاء في كلمة سموه من نصائح وتوجيهات. وقال: علينا ان نقرأ ما بين السطور لكي نفهم رغبات سمو الامير ونعرفها، حتى نستطيع ان ننفذها التنفيذ الصحيح.
6/18/2008
|