الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
انتفاضة المقاومة اللبنانية.. أسباب ونتائج | رجوع
بدأت الأزمة بين المعارضة اللبنانية والموالاة اثناء حرب تموز 2006، وبعد الحرب طالبت المعارضة بتشكيل حكومة وحدة وطنية ورفضت الموالاة طلب المعارضة، واستمرت في اتخاذ القرارات التي تستفز المعارضة، فدفع ذلك إلى استقالة وزراء المعارضة من الحكومة ونظروا إليها على أساس انها حكومة غير شرعية، واعتصمت المعارضة في وسط بيروت واستمر جدل وسجال بين المعارضة والموالاة أكثر من عام ونصف العام، حاولت المعارضة اثناء هذه المدة ان تتجنب وقوع أي صدام مسلح بينها وبين أنصار السلطة وتحملت الاهانات من السلطة، وحتى عندما يعتدى على بعض اعضائها ويقتل بعض منهم في تظاهرات سلمية تبادر إلى سحب أنصارها من الساحة، وتطالب باجراء تحقيق، ويعلق السيد حسن نصر الله على ذلك قائلاً «لو قتلتم منا ألفا فلن تجرونا إلى حرب أهلية»، ولكن ما الذي حدث في 7 ــ 5 وفرض على المقاومة ان تغير قواعد اللعبة وتلجأ إلى الحسم العسكري؟ 
لا بد ان المقاومة شعرت بوجود مؤامرات تحاك ضدها أجبرتها على هذا الخيار. فهناك معطيات في الساحتين العربية والدولية نظرت إليها المقاومة على أساس انها مؤشرات تنذر بوجود عمل خطير ضد حزب الله، ومن أهمها: اغتيال عماد مغنية القائد العسكري لحزب الله واعتقاد المقاومة ان بعض أطراف الموالاة لها ضلع في ذلك الاغتيال. وفي منتصف ابريل الماضي نقلت جريدة الأخبار اللبنانية ان وزير الخارجية المصري هاجم في جلسة مغلقة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الاميركي في واشنطن سوريا وايران بشدة، وحمّلهما ما يجري في المنطقة ولبنان، وقال إن مصر لن تترك لبنان وطالب أميركا بألا تترك لبنان، فاذا كان هذا صحيحا فإنه أمر معيب ومهين ومستغرب، كما ان أطرافا من السلطة اللبنانية أدلوا بتصريحات في واشنطن تحرض الإدارة الاميركية وتشجعها على التدخل في الشأنين اللبناني والسوري. وفي 18 ــ 4، نظمت وزارة الخارجية الاميركية احتفالا خاصا لم يعرف له مثيل سابقا، وذلك بمناسبة مرور 25 عاما على تفجير السفارة الاميركية في بيروت، حيث احضروا أهالي الضحايا واستعادوا عملية التفجير وتحدثت رايس بتلك المناسبة وهددت حزب الله واتهمته بالإرهاب، كما تذكّر بوش تلك المناسبة وندد بحزب الله الإرهابي المدعوم من طهران ودمشق. واقامت السفارة الاميركية في بيروت احتفالا بهذه المناسبة حضره وولش الذي ندد بحزب الله وأشار إلى مغنية الذي دبر الانفجار. وفي أواخر ابريل صدر التقرير السنوي لوزارة الخارجية الاميركية ووصف حزب الله بانه أكثر الجماعات الإرهابية قدرة على استخدام التقنية في العالم، وانتقد الحكومة اللبنانية لعدم نزعها سلاح ذلك الحزب، وشكك التقرير في قدرة الحكومة اللبنانية على محاربة الإرهاب، وانتقد استمرارها في تعريف حزب الله الإرهابي بانه حزب مقاوم وتنظيم سياسي، ورأى ان الحكومة لا تمارس سيطرة كاملة على المناطق التي يسيطر عليها حزب الله. وانتقد الحكومة لعدم قدرتها على تطبيق القرار 1559 الخاص بنزع سلاح الميليشيات ولاستمرارها في اعتبار أن نزع سلاح حزب الله يتم عبر الحوار الوطني لا عبر القوة، وانتقد عدم قدرة لجنة تابعة لمصرف لبنان على تجميد ودائع مجموعتين مرتبطتين بحزب الله، كما أشيع ان السيد حسن نصر الله تعرض لمحاولة اغتيال. 
وفي ضوء هذه المعطيات الخطيرة أعلن الوزير وليد جنبلاط في مؤتمر صحفي، ان حزب الله يمتلك شبكة اتصالات خاصة وكاميرات لمراقبة مطار بيروت، وقال إن هذا يعني ان حزب الله اصبح دولة داخل الدولة، وطالب بتفكيك تلك الشبكة وإقالة مدير المطار الذي يسهل عمليات حزب الله، وهدد الحكومة بانه سيسحب وزراءه اذا لم تتخذ مثل تلك القرارات. واتخذت الحكومة قرارين لتفكيك الشبكة وإقالة مدير المطار، وطالبت الأجهزة الأمنية والقضائية بتنفيذهما. هنا أدرك حزب الله ان الحكومة في اتخاذها تلك القرارات قد تجاوزت الخطوط الحمراء المتفق عليها، وهي عدم المس بسلاح المقاومة، ولقد قال السيد حسن نصر الله انه سيقطع اليد التي تمتد إلى سلاح المقاومة وسيقطع الرقاب، ورأى ان سلاح الاشارة هو الجزء الأهم في الحفاظ على سلاح المقاومة، عندئذ قرر التخلي عن سياسة ضبط النفس ومواجهة الحكومة بالقوة حتى تتراجع عن قراراتها الخاطئة، واستطاع خلال ساعات ان يسيطر على بيروت من دون ان يستخدم سلاحه الاستراتيجي، وان يعتقل المئات في بيروت والجبل وينتزع أسلحتهم ويسلمها للجيش اللبناني. واستطاع بهذا النصر السريع والحاسم والحضاري النظيف، حيث لم تتعرض المناطق التي سيطر عليها للنهب أو التدمير باستثناء إعلام المستقبل، ان ينقذ لبنان من الفتنة وان يهزم المشروع الاميركي في لبنان، ومهد الطريق لبدء الحوار بين الحكومة والمعارضة لمناقشة الأمور الخلافية بينهما والتوصل إلى حلول لها. 
ذهب الجميع إلى الدوحة واستطاعوا خلال أيام التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف، فأعادوا إلى الشعب اللبناني البهجة والسرور وانقذوه من الوقوع في الفتنة التي تدبرها أميركا واسرائيل، فالشكر لله على هذه النعمة، والشكر لدولة قطر، تلك الدولة الصغيرة في حجمها الكبيرة في تصرفاتها وسلوكها، فقد كانت صادقة النية والعزيمة في معالجة تلك المشكلة، ونرجو من الأطراف اللبنانية حكومة ومعارضة ان يكون لهما مشروع وطني لبناني يعالج القضايا الاقتصادية والاجتماعية، والابتعاد عن المشروع الاميركي المدمر، ونتمنى على الشيخ سعد الحريري بصفته يرأس تيارا وطنيا علمانيا مهما للبنان ان يعيد النظر في سياساته، إذ عليه ان يحسن علاقاته مع سوريا فهي جار تاريخي مهم للبنان، وان يحسن علاقاته مع المعارضة، لاسيما المعارضة الوطنية السنية التي تريد المحافظة على عروبة لبنان وتعارض جره للمشروع الصهيوني، أمثال كرامي والحص وميقاتي ويكن وكمال شاتيلا والناصريين وكثير من علماء السنة، وان يحسن علاقاته مع المعارضة الدرزية والمسيحية، وان يمد يده للجميع، واذا اختلف معهم يختلف معهم بموضوعية وتعقل، بعيدا عن التعصب والشحن الطائفي، وان يحيط نفسه بمستشارين جيدين مدركين لهذه الأمور، ونرجو من الله ان يحمي لبنان من فتنة قد تخطط لها أميركا وإسرائيل لتدمير هذا الاتفاق.


5/25/2008
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com