مدلولات نجاح قمة دمشق | رجوع
لا شك ان نجاح قمة دمشق، على الرغم من الضغوطات الاميركية لمنع انعقادها او افشالها اذا انعقدت، يمثل انتصارا للارادة العربية واستقلالها، وهزيمة وتحديا للارادة الاميركية، ومظهرا آخر من مظاهر الفشل للمشروع الاميركي في المنطقة. فمنذ ان قررت اميركا غزو المنطقة وتدميرها اخذت تبحث عن ادوات تساعدها على تنفيذ مخططاتها الاجرامية، ورأت ان الانظمة العربية ستكون في مقدمة تلك الادوات. فطلبت من سوريا المساعدة في القضاء على المقاومة العراقية لترسيخ احتلال العراق، والقضاء على المقاومة والممانعة اللبنانية لإلحاق لبنان بالمشروع الاميركي - الصهيوني والقضاء على ثورة الشعب الفلسطيني. هكذا تنظر الادارة الاميركية إلى الانظمة بكل عنجهية واستهتار، تريدها ادوات لتنفيذ مشاريعها. ولما رفضت سوريا تلك المطالب حلت عليها اللعنة الاميركية، وقال بوش انه يئس من الرئيس السوري واصبحت سوريا محورا للشر، تجب معاقبتها حتى تخضع للأوامر الاميركية. ومن وسائل معاقبتها اظهارها بمظهر الدولة المعزولة عربيا ودوليا. وبما ان انعقاد مؤتمر القمة في دمشق سيعني كذب تلك المزاعم، لذلك بذلت شتى المحاولات لمنع انعقاد القمة في دمشق او تأجيلها، ولما انعقدت ونجحت بكل المقاييس لم تستطع تلك الادارة ان تكظم غيظها فاخذت تردد على لسان مسؤوليها عن فشل القمة، فهذا وولش مساعد وزيرة الخارجية صرح اثناء زيارته الاخيرة للكويت بفشل قمة دمشق، واعلن ساركوزي بتصريحات لا تليق برئيس دولة كبرى عندما اشاد بتغيب بعض القيادات العربية عن القمة واعتبره رسالة لحكومة دمشق وعقابا لها لتغير من سياساتها. وانبرت بعض الاقلام العربية لتنفث سمومها قبل انعقاد القمة وبعد نجاحها، تثير الشكوك قبل انعقادها وتسخر من نتائجها. ونحن نعلم ان الشعب العربي اسمى واكبر من ان يتأثر بتلك الدعاية الهابطة. وعندما يشيد الاشراف من ابناء هذه الامة، المدركون لأخطار المشروع الصهيوني بنجاح قمة دمشق، فانهم لا يعنون اطلاقا ان نتائجها قد جاءت ملبية لطموحات الشعب العربي. فهذا امر لا يتوقعه احد، بل كل ما يعنون انهانجحت في انعقادها، في حين ارادت اميركا الا تنعقد، انعقدت في دمشق عاصمة الدولة المعارضة للمشروع الاميركي. راهنوا انها لن تنعقد قبل ان تقدم دمشق تنازلات للمشروع الصهيوني وانعقدت ولم تقدم دمشق التنازلات.ادعوا ان القيادة السورية المتهورة لن تتمكن من ادارة المؤتمر بنجاح حتى نهاية جلساته، واثبتت القيادة السورية الشابة حسن قيادتها لادارة المؤتمر، حيث تمتعت بذكاء وهدوء وديموقراطية وشفافية وحكمة وراعت مشاعر القيادات العربية الحاضرة والغائبة وظروفهم ولم تسبب احراج احد. عندئذ اشاعوا انها لم تأت بجديد. وهذا لا يعيب القيادة السورية، بل موجه للقيادات العربية، على الرغم من اننا نعرف ان غالبية الشعب العربي، خصوصا النخب الثقافية، اصبحت لا تعلق آمالا كبيرة على نتائج القمم العربية لانها ادركت ان غالبية الانظمة العربية لا تملك القوة والشجاعة اللتين تمكنانها من اتخاذ القرارات الصعبة التي تهم شعوب المنطقة، وانها لا تستطيع تنفيذ الكثير من القرارات السهلة التي تتبناها تلك القمم. ومع ذلك ظلت معظم شعوب المنطقة ترغب في المحافظة على استمرار انعقاد تلك المؤتمرات ولن ترضى بالتفريط فيها. لانها تنظر اليها على اساس انها رمز ومظهر من المظاهر التي توحد الامة وتخفف من ضعفها وتشرذمها. وتنظر اليها على اساس انها المؤسسة العربية التي يجتمع تحت قبتها الحكام العرب ويستظلون بظلها في كل عام مرة او عند حدوث امر طارئ ليخاطبوا شعوبهم وامتهم من فوق منابرها، ويسجل تاريخ هذه الامة ما يقولون، حتى يأتي اليوم الذي يرتفعون فيه الى مستوى الاحداث التي تتطلبها المرحلة التاريخية. ان الحفاظ على بقاء مؤسسة الجامعة العربية والسعي الى تطويرها وعدم التفريط فيها، اصبح واجبا قوميا. بعد ان اتضحت ابعاد المشروع الصهيوني الاميركي المدمر للمنطقة. انها تريد تدمير الجامعة العربية، على الرغم من ضعفها وضآلة انتاجها، لانها تكره وجود اي عمل عربي مشترك، مهما كان ضعيفا، وانها ستسعى الى تدميره واستبداله بنظام شرق اوسطي جديد يكون لاسرائيل فيه الحضور الاقوى. نأمل ان تكون القيادات والشعوب العربية قادرة على ان تدرك اخطار اهداف المشروع الاميركي في المنطقة واساليبه وكيف تحمي المنطقة من ذلك المشروع المدمر.
9/4/2008
|