ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها | رجوع
يحذر الله المؤمنين من ان يكونوا مثل هذه المرأة المريضة الحمقاء، التي تفتح باب منزلها في كل صباح للعاملات اللاتي تستأجرهن ليعملن معها في غزل الصوف. فاذا جاء المساء طلبت منهن نقض عملهن ليعملن افضل منه في الغد. وهكذا تمر الايام والسنون دون ان تحقق اي انجاز من عملها. إن اسلوب العمل الذي تتبعه تلك المرأة هو ضياع للوقت والجهد والمال، وهي أمور مهمة بالنسبة للإنسان والامة، يجب المحافظة عليها وعدم اهدارها. فالاسلام لا ينهى عن شيء الا لاعتقاده بخطورته على مستقبل الانسان والامة، ولا يأمر باشياء الا لاعتقاده باهميتها بالنسبة للانسان وتحقيق اهداف الامة وتمكينها من القوة والعزة واستمرارية التقدم. ان المرض الذي اصيبت به تلك المرأة قد تصاب به مجتمعات بشرية، وقد يكون المجتمع الكويتي نموذجا واضحا لتلك المجتمعات المصابة بذلك المرض. فالأسلوب الذي يتبعه في ادارة الازمات ومعالجة المشكلات مطابق الى حد كبير لاسلوب تلك المرأة. لذلك نراه فاشلا في معالجة الكثير من مشكلاته وعاجزا عن تحقيق اهدافه او وضع تصور مستقبلي لما سيؤول اليه مستقبل الدولة ضمن اطار خطة مدروسة واضحة الاهداف والمعالم ومحددة الوسائل. ان الكثير من المشكلات التي تواجهنا لا نجد لها حلولا، فقد نشكل لجانا لمعالجة تلك المشكلات، وكلما انتهت لجنة من عملها وقدمت تقريرها، شكلت لجنة أخرى لا لتبدأ من حيث انتهت اللجنة السابقة بل لتبدأ من الصفر. وهكذا تمر الايام والسنون وتتراكم علينا المشكلات والتحديات من دون أن نجد لها حلولا. فمشكلة البدون عمرها اكثر من اربعين عاما ولم نتوصل إلى حل لها، مع علمنا بخطورة استمرارها، قانون الايجار المعمول به منذ أكثر من خمسين عاما، والذي وضعه خبراء يعيشون في عقلية وظروف الاربعينات من القرن الماضي، يعاني منه المجتمع ويعترف الجميع بعدم صلاحيته ولا يوجد مجتمع يطبقه سوانا. والقانون الجديد مازال يناقش في المجلس منذ اكثر من خمس سنوات. وقانون 'املاك الدولة' ونحن نعرف ان اكثر من 90% من مساحة اراضي الدولة مازالت مملوكة للدولة، والمجتمع بحاجة ماسة الى قانون ينظم استملاك تلك الاراضي واستثمارها لبناء مشاريع تنموية تحتاج اليها الدولة وتساهم في تحقيق النهضة العمرانية. بينما يظل القانون المرتقب داخل نفق مظلم يخضع لجدل ونقاش عقيمين داخل اللجان ولا يعرف الخروج إلى النور. ويتساءل الكثير متذمرا وساخطا لماذا تتقدم دول الخليج ونحن نتخلف؟ واصلاح التعليم وتطويره وهو امر ملح وضروري، نشكل اللجان ونستدعي الخبراء لوضع استراتيجيات لمستقبل التربية وننفق الملايين على هذا المشروع. وبعد اقراره يأتي وزير جديد يشكل لجانا ليبدأ من الصفر. وكذلك الحال في وزارة الاسكان يأتي وزير مجتهد ويضع خطة للرعاية السكنية واستراتيجية لتشييد مدن جديدة، لا تتكلف خزينة الدولة الانفاق عليها بل يتحمل القطاع الخاص معظم التكاليف. وبعد تبني الدولة لهذا المشروع واقراره من مجلس الوزراء يأتي وزير آخر يسير بعكس هذا الاتجاه وينسف العمل بكامله ولا يجد من يناقشه ويحاسبه. وكذلك الحال في صندوق الاجيال القادمة، الذي فكر فيه الامير الراحل جابر الاحمد وخطط له وهو وزير للمالية. ثم نماه ورعاه وهو رئيس للوزراء وولي العهد وامير. وجعل بناءه والمحافظة عليه وتنميته هدفا رئيسيا واستراتيجيا لخطة التنمية الكويتية. حتى اصبح دخل الكويت من عائداته يعادل دخلها من البترول. فأصبح مثلا يحتذى وعلما من اعلام الفكر الحضاري البشري المتميز، والذي يجب ان يهتدى به لبناء مستقبل جيد للاجيال القادمة. ومن الامثلة التي توضح لنا ضعف الدولة، انه بعد ان كثرت الاعتداءات على املاك الدولة، واقيمت عليها الدواوين والملاحق وحمامات السباحة والدكاكين. وغضبت الحكومة من تلك المخالفات، فأصدرت القرارات الصارمة التي تطالب بازالة تلك المخالفات ومعاقبة المخالفين. ولكن سرعان ما تبين ان المخالفين كانوا اقوى من الحكومة. إذ كشف تحديهم لها عجزها وعدم قدرتها على تنفيذ قراراتها، فأجبروها على التراجع. فأدى ذلك إلى تزايد المخالفات كما ونوعا. من الخطورة ان نعيش في ظل دولة فاشلة. عاجزة عن معالجة مشكلاتها وعن وضع تصور لمستقبل الدولة والمحافظة على مستقبل الاجيال القادمة. وعن تربية مواطن يحب دولته ويرضى ان يعطيها اكثر مما يأخذ منها. وان نوصل الى مراكز القرار الحكومي والشعبي قيادات صالحة تكون قدوة لغيرها.
6/14/2007
|