الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
الدوائر وحل المجلس سوء فهم أم نية مبيتة؟ | رجوع
كان تقسيم الكويت الى 25 دائرة انتخابية مشروعا حكوميا 100%، تبنته الحكومة بعد حل المجلس عام 76، ولم تحدد الحكومة عندئذ موعدا لاعادة الانتخابات مما يؤكد أنها كانت عاقدة النية والعزم على التفرد في السلطة، او إعادة المجلس ولكن وفق تصوراتها، لذلك شكلت لجنة لتنقيح الدستورِ وظلت الدولة طيلة أربع سنوات تحكم من قبل مجلس وزراء خاضع لتوجيهات الأسرة الحاكمة، بعيدا عن اي رقابة شعبيةِ وفي هذه الاثناء بدأ الفساد يتفشى في المؤسسات والاجهزة الحكومية، كما برزت أخطار الحرب العراقية الايرانية لدخول الحكومة طرفا في ذلك الصراعِ في ظل هذه الظروف رأت الحكومة أن هناك حاجة ملحة لوجود مجلس يشاركها تحمل تلك الاعباء والمسؤوليات فاعادت الانتخابات عام 81 ولكن وفق تقسيم الكويت الى 25 دائرة انتخابية. 
وقدم هذا المشروع بعض الخبراء والمستشارين اعتقادا منهم ان هذا التقسيم سيعزز النفوذ القبلي والطائفي داخل المجلس ويضعف المد الوطني والقومي الذي سيطر على روح المجلس طيلة الستينات والسبعينات، ومن ثم سيأتي بمجلس ضعيف تسهل السيطرة عليه وتوجيههِ كما قدم اولئك الخبراء مقترحات لتعديل مواد الدستور بهدف اضعاف المجلس وتقليص دوره الرقابي والتشريعي وتعزيز اختصاصات الحكومة وامتيازاتهاِ وعلى الرغم من ضعف مجلس 81 فإنه رفض مقترحات الحكومة لتعديل الدستور ولكنه اقر تقسيم الدوائر ال 25. 
وبعد مرور 25 عاما على تطبيق هذا المشروع ثبت فشلهِ لانه لم يأت إلا بمجالس صورية ضعيفة، من السهل السيطرة عليها والتحكم فيها، عاجزة عن تحقيق الاصلاح ومحاربة الفساد وعن اداء دورها الرقابي والتشريعي بجدية وفاعليةِ مليئة باعضاء جاءوا الى المجلس عن طريق شراء الاصوات والذمم بالمال، أو عن طريق تقديم الخدمات ونقل الاصواتِ وساعدهم في ذلك اصحاب القوة والنفوذ المتسببون في تفشي الفساد والذين ارادوا السيطرة على المجلس ليحدوا من دوره في محاربة الفساد والمفسدين. 
عندئذ بدأ التحرك الشعبي لتقليص عدد الدوائر، واقيمت عدة ندوات ومحاضرات في شتى انحاء الكويت لتوضيح سلبيات قانون الدوائر الحالي وعيوبهِ وقدم المجلس بعض المقترحات لتقليص الدوائر وكانت الغالبية العظمى مقتنعة بفساد الوضع القائمِ عندئذ تدخلت الحكومة وتظاهرت بأنها مقتنعة بفساد الوضع القائم، وتعهدت بدراسة الموضوع وتقديم مشروع جديد لرسم الدوائر الانتخابية لتتم الانتخابات القادمة ضمن اطاره. 
وظلت الحكومة منذ 2004 وهي تشكل اللجان تلو اللجان وتماطل وتسوف ومن ثم حددت يوم 15/5/2006 كموعد نهائي لتقديم مشروعها الذي سينتهي الى تقليص عدد الدوائر بعد ان اجلت هذا الموضوع اكثر من مرةِ وفوجئ الجميع بطلب الحكومة احالة مشروعها الذي قدمته الى المحكمة الدستوريةِ من هنا تأكد للجميع ان الحكومة غير جادة في الاصلاح ومصرة على ابقاء الاوضاع على ما هي عليه لاجراء الانتخابات وفق القانون الحالي الذي اقرت نفسها بعيوبه وسلبياتهِ لذلك تفجر الوضع وتظاهرت جموع غفيرة من شباب الكويت وشيوخها ينادون بالاصلاح وتقليص الدوائر، ووقفت جميع جمعيات النفع العام والنقابات العمالية والطلابية الى جانب تقليص الدوائر، ولأول مرة نسمع هتافات تنادي بسقوط الحكومةِ أي ان الكويت وقفت بجانب تقليص الدوائر بينما وقف مجلس وزراء غير منتخب ومعه قلة من النواب في الجانب المضادِ فكيف قرأت الحكومة هذا المشهد الشعبي وطالبت بحل مجلس الامة لعدم تعاونه معها؟ من هو المخطئ من يطالب بالاصلاح ام من يريد الابقاء على الفساد؟ 
لا شك ان من ينادي بتقليص الدوائر يهدف الى ايجاد مجلس يشعر اعضاؤه أنهم ينتمون الى امةِ فيجب ان يكرسوا وقتهم وجهدهم لخدمة القضايا المصيرية لهذه الامة، وبخاصة الاصلاح السياسي والاقتصادي واصلاح نظام التعليم ومحاربة الفساد والمفسدين، نائين بأنفسهم عن المصالح الشخصية او القبلية او الطائفيةِ وقد يتطلب ذلك تأسيس أحزاب وطنية تتنافس تنافسا شريفا في معارك الاصلاح السياسي والتنمويِ وفي ظل هذه الظروف يجب ان تؤمن الدولة بمبدأ تداول السلطة، ويختار رئيس الوزراء من الكتل النيابية الفائزة في الانتخابات وتكون له السلطة الحقيقية ويختار وزراءه وفق معايير الكفاءة والوطنية والاخلاص للدولةِ وان يكون لهذه الحكومة برنامج واضح ومحدد المعالم يمكن تقييمها ومحاسبتها في ضوئه. 
أما من يعارض تقليص الدوائر فإنه سيشجع الطائفية والقبلية والفئوية ويصر على تشكيل مجلس ينجح جل اعضائه بدعم طائفي او قبلي او عن طريق شراء الاصواتِ ومن ثم ستتشكل غالبية المجلس من اعضاء مبعثرين ليس لديهم مشروع وطني يوحدهم ويركزون جل اهتمامهم على خدمة مصالحهم الخاصة وخدمة الفئة القليلة التي ساهمت في نجاحهم، ويتجاهلون قضايا الدولة المصيرية، وقد يتحول المجلس إلى أداة للفسادِ من أجل ذلك وقف شباب الكويت وشاباتها لدعم الإصلاح تخوفا من أن تغرق الكويت في الفسادِ فما هي ابعاد الرسالة السياسية التي قرأتها الحكومة من تلك الجموع؟ ولماذا اعتقدت انهم قد تجاوزوا الخطوط الحمراء التي ادت الى حل المجلس؟


4/6/2006
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com