|
|
|
|
 |
لماذا بكى أبو بكر؟ | رجوع
لماذ بكى أبوبكر؟ د. عبدالمحسن حمادة نشر في 21-05-2025 لما نزلت الآية «... الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا...» (سورة المائدة - 3)، بكى أبوبكر، رضي الله عنه، ولما سُئل عن سبب بكائه، أجاب أن النبي أدى رسالة ربه كاملة، والكمال يعني أنها غير قابلة لا للزيادة ولا للنقصان، أي أن مهمة النبي قد انتهت، وسيرحل عنا رسول الله. وبالفعل نزلت الآية في حجة الوداع، وقالها الرسول في خطبة حجة الوداع، وهو واقف عند جبل عرفات، وبعد أن عاد إلى المدينة بفترة وجيزة، انتقل عليه السلام إلى جوار ربه. وبعد وفاته اهتزت المدينة، وارتد بعض المسلمين، وقال بعضهم: لو كان محمد رسولاً لما مات، كما امتنع بعضهم عن أداء الزكاة، وصعد أبوبكر المنبر، وقال: من كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وتلا عليهم الآية «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَد خَلَتْ مِن قَبلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَو قُتِلَ ٱنقَلَبتُم عَلَىٰٓ أَعقَٰبِكُم وَمَن يَنقَلِب عَلَىٰ عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيئا وَسَيَجزِي ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ» (سورة آل عمران - 144)، وطلب من الحضور أداء الصلاة. وبعد أن تمت البيعة لأبي بكر تجهز لقتال المرتدين ومانعي الزكاة، واعترض عمر على قتال مانعي الزكاة، محتجاً بحديث، «أُمرت أن أحارب الناس حتى ينطقوا بالشهادة، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم»، فردّ عليه أبوبكر قائلاً: «ويحك يا ابن الخطاب، أجبارٌ بالجاهلية خوار في الإسلام؟ والله لو منعوا عني عقالاً كانوا يؤدونه للرسول لحاربتهم عليه». وهكذا كان موقف أبي بكر، كان موقف الحاكم الحازم الحريص على المحافظة على وحدة الدولة التي أسسها الرسول وحمايتها من التفكك. فالزكاة كانت أهم مورد مالي لبيت مال المسلمين، وبيت المال بمنزلة خزينة الدولة في العصر الحديث، الذي تجبى إليه الأموال للإنفاق منها على احتياجات الدولة. وهكذا، تمكنت دولة الإسلام الناشئة من اجتياز أول أزمة تواجهها بفضل قدرتها على توحيد الصف لمعالجة مشكلتها، فأصبح ذلك الموقف مثلاً يضرب فيقال «ردة ولا أبا بكر لها». المهم علينا أن نعرف كيف نستفيد من تلك المواقف لمعالجة الأزمات التي تواجهنا. يجب التركيز على الحكومة، فعليها أن تكون حازمة وغير مترددة في اتخاذ الإجراءات لحماية مصالح الأمة، والابتعاد عن المصالح الخاصة، وأن تكون مثلاً أعلى لكل ما تدعو إليه، فلا تدعو إلى التقشف وهي مبذرة، وإذا دعت إلى الجهاد فعليها أن تكون في مقدمة صفوف المجاهدين. وأن تكون ملمة بقدرات الدولة فلا تحمّلها فوق طاقاته وإمكاناتها فتعرضها للأخطار والفشل، وعليها أن تستشير أصحاب الرأي وتستفيد من الآراء. فالدين الإسلامي أوصى نبيه بالشورى قائلاً «... فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» (سورة آل عمران - 159)، أي قبل أن تتخذ رأياً عليك أن تشاور أصحابك، وخاصة أصحاب الرأي. وامتدح المؤمنين بقوله «وأمرهم شورى بينهم» (سورة الشورى - 38)، وسمى سورة من سور القرآن بالشورى. ولدينا مثل ترى «ما خاب من استشار». نرجو من الله أن يوفقنا لصالح دولتنا وشعبنا.
اقرأ المزيد: https://www.aljarida.com/article/98485
5/21/2025
|
|
 |
|
|
|
|