الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
تصاعد الاحتجاجات ضد الرسومِ إيجابيات وسلبيات | رجوع
اكدت الاحتجاجات ضد الرسوم المسيئة للنبي (صلى الله عليه وسلم) ان هذه الامة ما زالت تملك ثروة بشرية هائلة متحمسة لدينها وقيمها ومستعدة للتضحية بما تملك دفاعا عن دينها ومعتقداتها، ولم تتأثر بالحملة الاعلانية الظالمة التي تشنها وسائل الاعلام الصهيونية الاميركية، كانت الجماهير الغاضبة تسأل الاوروبيين الذين يتبجحون بحرية الرأي ويعتبرونها فضيلة مقدسة لماذا يسنون القوانين لحماية الرواية الصهيونية عن المحرقة، ويجرمون من يتشكك في اعداد ضحاياها رغم انها وقائع تاريخية تستحق التدقيق، وصدرت احكام على باحثين وعلماء لتشككهم في اعداد ضحايا تلك المحرقة، امثال غارودي وارنست ذو لدن ولا دولف والمؤرخ البريطاني ديفيد ايرفينغ، واوقف عمدة لندن لمدة شهر عن العمل لوصفه صحافيا يهوديا بانه حارس المعتقل النازي؟ ثم يستنتجون بأنها عنصرية ضد الاسلام ووصفه بأنه دين ارهاب ووصف نبيه واتباعه بأنهم ارهابيون. 
من المستغرب ان هذه الرسوم نشرت في سبتمبر وتحرك الشارع ضدها في يناير فما اسباب ذلك؟ ليست هذه المرة الاولى التي تهان فيها مقدسات المسلمين، لقد بدأت الحضارة الغربية بانتهاك حرماتنا واهانة مقدساتنا من قبل الحروب الصليبية، ولم تتوقف، ولن تتوقف ما دامت تلك الدول تدار بعقول شريرة جشعة تخطط للتوسع والهيمنة على الامم والشعوب للسيطرة عليها ونهب ثرواتها، وما دامت المنطقة تحكم بأنظمة مستبدة اعماها الحفاظ على ملكها من ان تدرك خطورة تعاونها مع المحتل الاجنبي ومساعدته على تحقيق اطماعه ومشاريعه في المنطقة دون ان تكترث بما يترتب على ذلك من تدمير شامل للامة ثقافيا وحضاريا وسياسيا، وعلى الرغم من ان ردة الفعل جاءت متأخرة اكثر من اربعة اشهر ومع ذلك كانت انفعالية وعاطفية بعيدة عن التعقل، كان من المفروض دراسة هذا الموضوع خلال هذه الفترة ومعالجته بموضوعية وعقلانية تتناسب مع تراثنا الديني والخلقي، وظروفنا السياسية والدولية ومع العلاقات بالمجتمعات الاوروبية وطبيعتها الثقافية والفكرية وتراعي مصالح الجاليات العربية والاسلامية التي هاجرت الى تلك الدول واستوطنت فيها. 
لقد جاء اول رد فعل رسمي ضد الرسوم من المملكة العربية السعودية وهو نظام له علاقات متميزة مع اميركا، عندما استدعت سفيرها من الدانمرك في اواخر ديسمبر وطالبت حكومتها بالاعتذار عن تلك الرسومِ من هنا بدأ التساؤل عن طبيعة تلك الرسوم وبدأت الصحافة تنشر مقالات، عنها، كما جاءت تظاهرات بيروت التي صاحبها شغب وعرفت بيوم الاحد الاسود بطلب من حكومة السنيورة ودار الافتاء، وهي حكومة علاقتها طيبة مع اميركا واتهمت سوريا بأنها التي حركته ثم اندلعت التظاهرات لتشمل انحاء العالم، وشجعت انظمة المنطقة المستبدة تحريك الشارع واستمرار التظاهرات، وظلت ردود الفعل في تصاعد مستمر، وشابها نوع من العنف، حتى بدا امام العالم ان الزمام بدأ يفلت من ايدي تلك الانظمة الباطشة التي كانت تتظاهر امام العالم بأنها اصبحت عاجزة عن السيطرة على الاوضاعِ لا شك ان تلك الانظمة ارادت ان توجه رسالة الى اميركا والغرب مفادها ان انهيار تلك الانظمة سيؤدي الى انفلات الشارع الغاضب، وان وجود هذه الانظمة ضروري لضبط المارد الإسلاميِ لذا يجب ان تكف عن الحديث عن الاصلاح السياسي وتستمر في دعم تلك الانظمة الفاسدة والحفاظ عليهاِ ومن ناحية اخرى اتاحت تلك التظاهرات فرصة لزعماء المنظمات الاسلامية لإثبات قوتها وقدرتها على تحريك الشارع واضافة كوادر جديدة للمنظمات الدينية لدعم قوتها واثبات اهمية التفاهم معها. 
قد يكون المتضرر الاكبر في هذا العمل الاسلام نفسه والجاليات العربية المسلمة التي استوطنت اوروباِ ان المجتمع الاوروبي مهم وتواجد تلك الجاليات فيه مهم جدا لذا يجب العناية بهم وتنشئتهم تنشئة صالحة ليحافظوا على دينهم وقيمهم ويخلصوا في حب تلك المجتمعات التي وثقت بهم ومنحتهم جنسيتها، ويجب ان يتفانوا في خدمتها ليقدموا صورة رائعة عن الاسلام وخلقهِ واذا القينا الضوء على الدول الاسكندنافية التي نشأت فيها المشكلة فسنجد انها لا تحمل ارثا استعماريا مع الدول العربية والاسلامية، وجاء منها الجنرال برنادوت وداغ همرشولد اللذان اغتالتهما الصهيونية اليهودية لوقوفهما مع الحق العربي في فلسطينِ ولقد تدفقت الجاليات العربية والاسلامية على تلك الدول في منتصف الخمسينات، وتزايدت في الثمانيناتِ واصبح الاسلام الدين الرسمي الثاني في السويد والنرويج والدانمركِ واثار هذا التجمع حفيظة الصهيونية العالمية مسيحية ويهوديةِ وطالبوا من مركز بحوثهم بإصدار دراسات تبرز خطورة التواجد الاسلامي على تلك المجتمعاتِ لا سيما بعد ان استطاع بعض ابناء تلك الجاليات ان يحقق نجاحات في المجال السياسي والثقافي والاقتصاديِ ففي هذه الاثناء تأسست احزاب يمينية جعلت من سياستها محاربة التواجد العربي الاسلامي، وساعدت احداث ال11/9 على ذلكِ وفي اوائل يناير 2006 صرح وزير المال النرويجي كريستان ها الفرسون زعيم الحزب اليساري الاشتراكي بأنه يدعم مقاطعة البضائع الاسرائىلية اذا استمرت اسرائيل في سياستها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وبناء الجدار العازلِ وحذرت رايس الحكومة النرويجية من النتائج الخطيرة التي تترتب على تصريح الوزير النرويجيِ كان من المفروض ان نتحرك وسط هذا الاطار الشاملِ لا سيما ان الصحيفة التي نشرت الرسوم ترفع شعار نجمة داود شعار دولة اسرائىلِ لذا لا يستبعد وجود اطراف صهيونية تعمل على اثارة الفتنة بين المجتمعات الاوروبية والعالم العربي والاسلاميِ وهو طرف معروف عبر تاريخه بالقدرة الهائلة على اثارة الفتن وتدمير العلاقات الطيبة بين الامم والشعوب ليزرع مكانها العداوة والبغضاء ليتسنى له اشعال الحروبِ ولعل انتشار الرسوم ليشمل صحفا اوروبية عديدة يؤكد ان هناك من يعمل لاشعال شرارة صراع الحضارات والاديان التي بشر بها فلاسفة المحافظين الجدد في اميركا واشعلوا الحروب في المنطقة لتخدم اطماعهم. 
وبالرغم من بشاعة تلك الرسوم فانه يجب الا ننساق وراء ردود الفعل العشوائية التي قد تساعد فاعليها على تحقيق مراميهم الدنيئةِ انهم يريدون تمزيق العلاقات بين اوروبا والعالم العربي الاسلامي، وضرب التواجد العربي الاسلامي في اوروبا خاصة بعد نتائج الاستطلاع الذي اجراه الاتحاد الاوروبي لمعرفة رأي الاوروبيين عن الدولة الشريرة في العالم، فأجمعوا على ان اسرائيل هي اخطر دولة تهدد السلام العالميِ لذا يجب ان نحذر كي لا نقع في الكمين الذي نصبه الطرف المعاديِ لقد اسيء للرسول، صلى الله عليه وسلم، في حياته من اعدائه والمنافقين الذين كانوا يعيشون معه، وسجل القرآن الكثير من تلك الاساءات ورد عليهاِ يجب ان نعرف ان الدين الاسلامي اقوى من ان يتأثر بتلك الاعمال التافهةِ وسيرة الرسول بيضاء ناصعة لن تتأثر بما قام به ذلك الصحافي التافه المغمورِ ان الذي سيؤثر سلبا في ديننا هو سلوكنا وتصرفاتنا الحمقاء غير المدروسة. 
هناك من يعتقد ان اميركا وحليفتها اسرائيل هما الطرف المستفيد من تدمير العلاقات العربية الاوروبية وضرب التواجد العربي الاسلامي في اوروبا، وهو طرف لديه قدرة هائلة على ذلكِ لقد شعرت اميركا بتعثر مشاريعها الرامية للسيطرة على المنطقة لنهب ثرواتها واستعباد شعوبهاِ وبدأ الصراع يتغلغل داخل المجتمع الاميركيِ حيث بدأ التساؤل فيه عن جدوى الحروب التي تشنها دولتهم والاموال التي تنفق عليهاِ لذا بدأت تستخدم وسائل بشعة لتغطية ذلك الفشلِ منها تدمير العلاقات العربية الاوروبية، واشعال الفتن بين الشعب اللبناني وتحريض الطوائف بعضها على بعض ليسيل الدم اللبنانيِ وتدمير العلاقات بين سوريا ولبنانِ وضرب وحدة العراق عن طريق تفجير مرقد الامامين ثم حرق مئات من مساجد السنة واشتعال اعمال العنف بين السنة والشيعةِ وبالرغم من ان المراجع الشيعية والسنية في العراق وايران ولبنان اكدت ان المستفيد الاول والاخير من هذه الجرائم التي لم يعرف العراق لها مثيلا هو المحتل الاميركي واسرائيلِ الا ان العنف اخذ في التصاعدِ لذا من حقنا ان نسأل تلك الاصوات التي احتجت على تلك الرسوم وطالبت بمقاطعة الدانمرك لماذا يسكتون عن جرائم اميركا واسرائيل، وقد اهانونا واهانوا مقدساتنا وفعلوا بنا ما تصبح تلك الرسوم امامه امرا هينا؟


8/3/2006
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com