الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
قراءة في كتاب 'محمد مؤسس الإمبراطورية الإسلامية' (2) أهداف الكتاب | رجوع
بينا في المقال السابق ان هذا الكتاب يعتبر مصدرا أساسيا في الفكر الصهيوني الاميركي وان مؤلفه هو جورج بوش، ويقال انه الجد الخامس للرئيس بوش، الف هذا الكتاب ِ1830 كان قسيسا وواعظا وراعيا لإحدى الكنائس الاميركية واستاذا جامعيا يدرس اللاهوت واللغة العبرية والعلوم الشرقية في جامعة نيويوركِ وسنركز في هذا المقال على اهداف البحث لنتعرف من خلال ذلك على الاسباب التي دفعت هذا الكاتب، وهو من رجال الدين المسيحي ليؤلف كتابا عن الدين الاسلامي وعن نبي الاسلام، في فترة كانت بلاده منصرفة الى حرب الابادة ضد سكان القارة الاصليين والتوسع في القارة الاميركية والسيطرة عليها وطرد الاوروبيين منهاِ فما هي الرسالة التي اراد المؤلف ان يبعثها للشعب الاميركي من خلال هذا الكتاب وما مدى اهميتها؟ يقول المترجم ان الكتاب لاقى رواجا وانتشارا لدى القارئ الاميركي حيث اعيدت طباعته اكثر من ثلاث مرات في سنة طباعته ويحتفظ بنسخ منه في مكتبة الكونغرس نظرا لأهميته فما اهم اهداف هذا البحث؟ 
يدعي الكاتب في مقدمته انه سيفضح الخداع والضلال القائمين في الدين الاسلامي، ظنا منه ان ذلك سيؤدي الى هدم هذا المعتقدِ كما يرى ان من اهم اسباب نجاح الاسلام وازدهاره السريع بالرغم مما فيه من انحرافات - على حد زعمه - يرجع ذلك الى ضعف الكنيسة وانحراف رجال الدين المسيحي وانغماسهم في الفسادِ فهو يربط بين ما حققه الاسلام من انجازات عظيمة في بدايات عهده بانحراف الكنيسة ورجالها وعدم اهتمامهم بمحاربة الفساد والجهل اللذين انتشرا في ربوع مملكة المسيحِ فلما تقاعس رجال الدين عن اداء مهامهم واصبحوا جزءا من الفساد وسببا من مسبباته، كان لا بد ان يعاقبهم الله لتفيق الكنائس الضالة ويكونوا عبرة لغيرهم، فأرسل اليهم اسوأ الاعداء وهم المسلمون فأهانوهم ودمروهم وما زالت الكنائس منذ ذلك التاريخ ترزح وتئن متوجعة تحت - مايسميه - الطغيان والضلال المحمدي وتنتظر من يخلصها، وخلاصها في رأيه لا يتم الا بتدمير امبراطورية السارزان وهو اللقب الذي لقبه الاوروبيون للعرب والمسلمين اثناء الحروب الصليبية ويعنون اللصوص والبرابرة، وما لم يتم تدمير تلك الامبراطورية فلن يتمجد الرب بعودة اليهود الى وطن آبائهم واجدادهمِ انه يؤمن بما يؤمن به بعض المسيحيين المتعصبين ان الواجب يحتم عليهم الاستيلاء على العالم الاسلامي واعادته الى المسيحية كما كان قبل مجيء الاسلام وتحويل المسلمين الى المسيحيةِ هذه هي الاسباب الرئيسية التي ادت الى اشعال الحروب الصليبية، يريد ان يحييها مرة اخرىِ لا سيما انه يعتقد ان الكنيسة قد تخلصت من الفساد بعد نهضة البروتستانتِ 
انه يهيب بالشعب الاميركي بصفته الشعب المختار ان يقوم بمهمة تدمير تلك الامبراطوريةِ واكتسب الشعب الاميركي صفة الشعب المختارِ لأن القسس ورجال الدين الذين كانوا ضمن المهاجرين المحاربين ومن قياداتهم، وكانت غالبيتهم من البروتستانت المتعصبينِ ومن المعروف ان من اساسيات الديانة البروتستانتية الايمان بالعهد القديم واعتباره مرجعا اساسيا في العقيدة المسيحية وتصديق جميع نبوءاته، لذلك احيوا عقيدة الشعب المختار وارض الميعاد وضرورة عودة اليهود الى ارض فلسطين واخراج العرب والمسلمين منها تمهيدا لعودة المسيح الثانية ليحكم العالم من القدسِ فلما وصل المهاجرون ارض اميركا شبه القسس ورجال الدين لهم بأن خروجهم كان خروجا توراتيا وان هذه الارض هي ارض بني اسرائيل الجديدة التي وعدهم الله وانهم احق للعيش فيها من الشعوب المتوحشة الذين ليس لهم حقوق فيها بل يجب ابادتهم واخراجهم منها، وانهم هم الشعب المختار الذي اختاره الله لهداية العالم للدين الصحيح ونشر الحرية والديموقراطيةِ 
هذه اللغة الدينية التي استخدمها المهاجرون الاوائل لتبرير حروب الابادة التي شنوها ضد السكان الاصليين، ما زال يرددها قادة اميركا في حروبهم العدوانيةِ فدائما هم في معسكر الخير اما من يتصدى لعدوانهم ويدافع عن ارضه ودينه وشرفه فهو في معسكر الشرِ هذا ما يردده بوش واليمين المتطرف وهو يشن حرب ابادة ضد العرب والمسلمينِ لقد سلط جيشه المسلح بأخطر الاسلحة وافتكها ليدمر مدنا بكاملها وقتل آلاف من الرجال والنساء والاطفال والابرياء والضعافِ ويعتقد انه يحارب تلبية لأوامر الهية ويتحدث عن الخير والشر وكأنه نبي صاحب رسالة الهيةِ وعندما سأله بوب ود ورد عما اذا استشار والده قبل الحرب على العراق ليستفيد من خبرتهِ اجاب انه لا يحتاج لوالده الذي في الارض لأنه سأل والده الذي في السماءِ ويقول في كتاب مهمة للأداء، جئت لأحقق ارادة خالقي، لم اكن استطيع ان اصبح حاكما ما لم أؤمن بخطة الهية تنسخ كل الخطط البشرية، ويقول انه يقرأ الكتاب المقدس يوميا ويصلي من اجل القوة ووضوح الاتجاهِ وهكذا يبدو من خلال هذه اللغة الدينية التي يرددها في خطبه وآرائه كأنه قائد لإحدى الحملات الصليبية التي تسعى لاحتلال العالم الاسلامي لتدمير دينه وقيمهِ لا سيما انه في بداية حربه، التي يدعي انها ضد الارهاب اعلن انه مستعد لإعلانها حربا صليبية، ويحاول مساعدوه تخفيف تلك اللهجة ولكنها تظل ذات دلالات خطيرةِ 
وفي خطاب القاه في بداية ديسمبر الحالي، اكد فيه الرئيس انه وضع خطة للنصر ومجابهة الاخفاقات في العراقِ وانتقد المعارضين لاستمرار الحرب والمطالبين بالانسحابِ فما سر تكرار النبرة الدينية في خطاب الرئيس وهوس هذه الادارة في استمرار هذه الحرب الوحشية وغير الاخلاقية؟ وعدم الاكتراث بضحاياها من آلاف الابرياء من المدنيين والاموال الطائلة التي تنفق عليها؟ ومحاولات الادارة طمس الجهود التي تبذل لكشف التزوير والاكاذيب في الادعادات التي قدمتها تلك الادارة لإعلان الحرب؟ لماذا يشجع اليمين الصهيوني اليهودي والمسيحي استمرار هذه الحرب ويحذر من توقفها؟ وهل هناك علاقة بين ما كتب المؤلف قبل 175 عاما وما طالب فيه من تدمير امبراطورية المسلمين وبين ما يجري من احداث خطيرة في منطقتنا؟ ولماذا بدعم غالبية الانظمة العربية تلك الحرب الظالمة التي تبطش بالشعب العراقي وممتلكاته ويقدمون المساعدات المالية والادبية والاعلامية لانجاح اهداف المعتدين، ويصفون المقاومة العراقية بالارهاب امعانا في ايذاء الشعب العراقي وتلهفها على هزيمته؟ وما سر استمرار المقاومة العراقية الباسلة والشجاعة وتحديها لكل هذه الظروف الصعبة والمريرة؟ وهل ستتمكن المقاومة من هزيمة المشروع الاميركي الصهيوني وتقيم نظاما حرا مستقلا يحترم حقوق الشعب وكرامته؟ وما تأثير نجاح المقاومة في الانظمة العربية المرتبطة بالمشروع الاميركي الصهيوني؟


12/20/2005
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com