الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
قراءة في كتاب 'محمد مؤسس الإمبراطورية الإسلامية' (1). مرجع أساسي في الفكر الصهيوني الأميركي | رجوع
يقال إن مؤلف الكتاب جورج بوش هو الجد الخامس للرئيس بوشِ ولد 1796 ومات 1859 في أواخر رئاسة واشنطن أول رئيس اميركي، في بداية تأسيس الدولة، وشب وترعرع أثناء حروب الإبادة التي شنوها على سكان القارة الأصليينِ كان قسيسا وأستاذا يدرس العبرية واللاهوت في جامعة نيويورك سيتيِ ولعب رجال الدين دورا بارزا في توجيه السياسة الأميركية منذ تأسيسها، حيث شكلوا تحالفا قويا مع رجال المال والسلاح للسيطرة على الدولة، ثم التوسع داخل القارة الأميركية والسيطرة عليها شمالها وجنوبها ثم التمدد خارجهاِ فالنزعة إلى الامبراطورية وانفراد أميركا بالهيمنة الكونية لم يكن مستبعدا في التاريخ الأميركي منذ تأسيسهاِ وظل ذلك التحالف الثلاثي بين المبشر والعسكري ورجال الثروة قويا متماسكا طيلة التاريخ الأميركيِ وقدم رجال الدين التبريرات الدينية والخلقية لتبرير العدوان، فتحت شعار عقيدة 'الشعب المختار والتفوق العرقي' استحقروا الهنود واستباحوا دماءهم والاستيلاء على ممتلكاتهمِ فرأوا ضرورة إبادة الشعوب المتوحشة كي لا يتلوث العرق الأبيض وليبقى الإنسان 'الأميركي' على الصورة التي خلقها اللهِ فنظروا إلى أنفسهم على أنهم شعب مختار وأصحاب رسالة ومكلفون بمهمة إلهية يجب إبلاغها للآخرين ولو بالقوةِ هذه الأفكار العنصرية التي آمن بها المهاجرون القدامى وسفكوا دماء ملايين الابرياء تحت شعارهاِ ظل يرددها رؤساء أميركا في جميع حروبهم العدوانية والتي زادت عن 200 حربِ من واشنطن إلى بوشِ 
كان المؤلف إذا من رجال الدين، ألف هذا الكتاب عام 1830ِ ونرى فيه ملامح الفكر الصهيوني الأميركي بارزة بوضوحِ فالفكر الصهيوني الأميركي الذي يتبناه المحافظون الجدد المسيطرون على الإدارة الأميركية، ومن أهم خصائصه، كراهية العرب والمسلمين والانحياز الواضح لإسرائيل، يطالبون باعادة خريطة الشرق الأوسط بما يتماشى مع المصالح الأميركية والاسرائيلية، يؤمنون بمبدأ الامبراطورية الأميركية وضرورة استخدام القوة لفرض القيم الأميركية، ويؤمنون بالحرب الوقائية لتحقيق النتائج المطلوبةِ هذه الأفكار الصهيونية ليست جديدة في التاريخ الأميركي بل جذورها ممتدة منذ تأسيس أميركاِ حيث نرى المهاجرين الأوائل الذين ليس لديهم تاريخ طويل يتبنون تاريخ بني إسرائيل ويسقطون الأساطير الإسرائيلية على تصرفاتهم وسلوكهم، فتشبهوا بالتاريخ الإسرائيلي منذ أن وطئت أقدامهم التراب الأميركيِ 
وفي هذا الكتاب يسطر المؤلف فكره الحاقد على العرب والمسلمين وعلى نبيهم، فيصفهم بأنهم أمة منحطة من الهوام والجرذانِ ونادى بضرورة تجميع يهود العالم في أرض فلسطين وتدمير إمبراطورية السارزان، وهو اللقب الذي أطلقه الصليبيون على العرب والمسلمين أثناء الحروب الصليبية، ويعنون اللصوص البرابرةِ وأوضح ذلك في كتابه الثاني 'إحياء رميم بني إسرائيل'ِ فهذه المؤلفات تعتبر مصادر أساسية توضح مصادر الكراهية والحقد الأميركية على العرب والمسلمين، ومرجعا للتطرف الديني الأميركيِ فهم لا يؤمنون بفكرة الحوار والتسامح الديني، بل يؤمنون بفكرة الصراع والحرب لتدمير ديننا وقيمناِ ظلت هذه الأفكار تنتقل عبر التاريخ الأميركي يتبناها الكثير من رجال الدين والأحزابِ فمثلا يفتخر الرئيس ترومان بأنه أحد تلاميذ التوراة ويؤمن بالتبرير التاريخي بقيام وطن قومي لليهود، ويفتخر بأنه قورش الذي أعاد بني إسرائيل من منفاهم بابل إلى أرض فلسطينِ ويعلق الكونغرس على قيام دولة إسرائيل بقوله 'كما خلص موسى بني إسرائيل من العبودية فإن الحلفاء يخلصون يهوذا من أيدي الأتراك القبيحين'ِ وجاء في خطبة رئيس العلاقات الخارجية في الكونغرس هنري كابوت لودج 'إنني لم أتحمل وقوع القدس والأراضي المقدسة تحت سيطرة المحمديين، إن وقوعها في أيديهم لسنوات طويلة كان لطخة في جبين الحضارة يجب إزالتها'ِ 
وفي منتصف القرن العشرين اقتحم الأصوليون مجال السياسة والإعلام بشكل واسع، وأيدوا الحروب العدوانية التي تشنها أميركا على الشعوب لبسط نفوذها وهيمنتهاِ فيصف بيلي غراهام الجيش الاميركي الذي قتل أكثر من 3 ملايين فيتنامي بأنهم جنود المسيحِ وهللوا لانتصار إسرائيل 1967، فإسرائيل الصغيرة تنتصر على الأغيار الأشرار انتصارا إلهيا كاسحاِ ها هي نبوءات الكتاب المقدس تتحقق حرفيا، فداود يقتل جالوت العربيِ ويلخص الرئيس كارتر أسباب علاقة أميركا الوثيقة بإسرائيل بقوله 'آمن سبعة رؤساء من قبلي بأن علاقة أميركا بإسرائيل أكثر من خاصة، لأنها متأصلة في معتقدات وديانة وأخلاق الشعب الاميركيِ إننا نتقاسم معهم ميراث التوراة' وأيدوا اجتياح لبنان 1982 وركبوا دبابة شارون ليشاهدوا مذابح الشعبين الفلسطيني واللبناني، وهدد جيري فالويل جورج بوش على شاشات التلفزيون بأنه لن يحصل على صوت إيفانجيليكي واحد إذا تخلى عن القدس، وطالبوا قادة الليكود بتدمير معاهدات السلام وعدم التنازل عن شبر واحد من أرض إسرائيل المقدسة، ونادى القس بات روبرت سون باغتيال الرئيس الفنزويلي شافيز لأنه يحمي ثروات بلاده من سيطرة الشركات الأميركيةِ هذه النصوص قليل من كثير مما كتبه ويكتبه اليمين الأميركي المتطرفِ وهم لا يتآمرون لأن من يتآمر يتستر ويعمل في الظلام، أما أفكارهم فمدونة وينظرون إليها على أنها استراتيجية سيبذلون وسائل متعددة لتحقيقهاِ وعندما تمكنوا من احتلال مناصب قيادية عليا في البنتاغون والإدارة الأميركية الحالية بادروا لتنفيذ تلك المخططات الإجرامية، فشنوا حروبا مدمرة على أفغانستان والعراق وفلسطين، ويحاولون إشعال فتنة في سوريا ولبنان لزعزعة استقرار وأمن البلدينِ واداروا حملة اعلامية ضخمة ظالمة ومضللة لتشويه سمعة العرب والمسلمين ولتبرير اعتداءاتهم، حتى ظن بوش ان احلامه الصهيونية قد تحققت، فأعلن ان المنطقة من افغانستان الى المغرب أصبحت تحت النفوذ الاميركيِ فشعوب الشرق الاوسط الكبير ودوله سيتحولون الى عبيد يتصرف بهم السيد الاميركي كيف يشاءِ 
ولكن بفضل المقاومة العراقية الباسلة وصمود الشعب الفلسطيني ويقظة الشرفاء في سوريا ولبنان، بدأ المشروع الاميركي يتعثر، واظهرت نتائج الاستطلاعات الاميركية تدهور شعبية بوشِ وبدأ نواب من الكونغرس ديموقراطيين وجمهوريين ينتقدون سياساته ويطالبون بوضع حد لتلك الحرب، ويناقشون فضائح تلك الادارة، ويواجه بوش بتظاهرات شعبية عدائية صاخبة في الارجنتين والبرازيل ومنغوليا وكوريا الجنوبية واليابان تستنكر جرائمه الوحشيةِ في حين يهب معظم حكام المنطقة لمؤازرة هذه الادارة الفاشلة التي تسعى لحرق المنطقة واذلال شعوبهاِ ويقف معهم في الخندق نفسه بعض الليبراليين العرب ومن يزعمون أنهم من المثقفين، يقفون مرحبين بالاحتلال ومرددين بكل غباء وجرأة مزاعم الاحتلال، انه جاء لنشر الديموقراطية وتثقيفنا كما فعل مع فرنسا والمانيا واليابانِ فأميركا لا تنوي احتلال المنطقة لأن تاريخها يختلف عن اوروبا التي خططت لاحتلال المنطقة في القرنين ال19 وال20ِ متجاهلين انها كانت في تلك الفترة منشغلة في ابادة الهنود والسيطرة على القارة الاميركية وطرد اوروبا منها ثم محاربة الشيوعيةِ وهي الآن متفرغة لاحتلال المنطقةِ لا شك ان هذا المسلك الشاذ والغريب لهذه الطبقة من الحكام والمثقفين الذين يسخرون امكاناتهم وطاقاتهم لخدمة من جاء لتدمير الامة دينا وقيما واقتصادا، بحاجة الى دراسة لكشفهم وفضحهمِ 


3/12/2005
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com