المشروع الأميركي استخفاف بعقل العرب والمسلمين | رجوع
لم تجد الادارة الاميركية شعبا تستخف بعقله وفكره سوى الشعب العربي المسلم، فبعد احتلال افغانستان والعراق، وقتل آلاف الابرياء، واعتقال آلاف اخرى، وتعذيب السجناء والتعاون الفاضح مع السفاح شارون، قدمت مشروع الشرق الاوسط الكبير، زاعمة انها ستدعم الاصلاح السياسي والاقتصادي في المنطقة، وهكذا يرفع زعماء امبراطورية الشر الذين ارتكبوا ابشع المجازر عبر تاريخهم راية الديموقراطية وحماية حقوق الانسان، امعانا في التضليل والخداع وتبريرا للعدوان، وعلينا ان نذكر نماذج من احتكاك المنطقة مع اميركا لنتعرف على نواياهاِ ففي عهد ايزنهاور قام بسحب تمويل السد العالي لمعارضة حكومة عبدالناصر سياسة الاحلاف الاميركية ضد الاتحاد السوفيتي، لكنه وقف بحزم ضد العدوان الثلاثي على مصر، وما كان ذلك لمؤازرة الشرعية الدولية، بل لمحاربة النفوذ البريطاني الفرنسي في المنطقة لتحل اميركا محلهما، اذ رأى المخططون الاميركيون ان الوقت كان مناسبا لبدء مسيرة الهيمنة الاميركية على العالم، والسيطرة على الطاقة والحصول على امتيازات جديدة للشركات الاميركية، مما ادى الى طرح مشروع ايزنهاور 'ملء الفراغ السياسي'ِ وبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، رأى المسيطرون على السياسة الاميركية ان شخصية كارتر الهادئة والمعنية بحقوق الانسان لا تتناسب مع مخططهم الرامي الى محاربة الشيوعية بلا هوادة، وتفكيك الاتحاد السوفيتي، وفضلوا ريغن لأداء تلك المهمة. وبعد انتهاء الحرب الباردة، ظن الكثير ان نهاية الصراع الدولي قد تساعد على توفير جو ملائم لتنمية انسانية شاملة، وتأسيس نظام دولي يدعم الشرعية الدولية، ويمنع الاقوياء من السيطرة على الضعفاء، الا ان تكتل المصالح الكبرى المتمثل في المركب الصناعي العسكري التجاري الاميركي، الذي التقت مصالحه مع افكار التيارات الصهيونية الدينية المتطرفة في اميركا واسرائىل، فقد اقتضت مصالحهم الاستمرار في اشعال الحروب، ولو امعنا النظر في الحرب الحضارية التي يستند اليها انصار هذا التيار لوجدنا انها تحمل المبررات نفسها التي استخدمت لمحاربة الشيوعية، فالاسلام في نظرهم عقيدة وحشية ترفض الديموقراطية والاقتصاد الحر والعولمة، والعرب والمسلمون متخلفون اقتصاديا واخلاقيا، ولا يقيمون وزنا للحرية الفردية، وليس لهم ضمير ولا امان، الى غير ذلك من الافتراءآت لتبرير الحرب على ارضهم، لذلك تبنوا سياسة صدام الحضارات ونهاية التاريخ، اي ان الحضارة الاميركية ستخوض معارك مع الحضارة العربية والاسلامية، وستنتصر عليها، ومن هنا نجد تصميم الادارة الاميركية على استخدام القوة لفرض الهيمنة على اي بلد لا يعجبهم نظامه، او يرون ان لأميركا مصالح حيوية فيه، مستهينين بالقوانين الدولية والرأي العام العالمي، ومتجاهلين حلفاءهم، بل لا يتورعون عن تهديد حلفائهم اذا انتقدوا سياساتهم العدوانية. وسط هذا الجو المشحون بالحقد والكراهية والعداء للعرب والمسلمين، قدمت اميركا مشروع الشرق الاوسط الكبير، وهو لا يختلف عن مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي نظر إليه شيمون بيريس 1993، فالمبادرة في الاصل مخطط صهيوني يهدف الى دمج اسرائىل في المنطقة، ودعمها لتتمكن من قيادة المنطقة، وقد لمحت اميركا للمبادرة في منتدى دافوس 2003، عندما اتهم روبرت زوليك الممثل التجاري الاميركي دول المنطقة بعدم الاستقرار السياسي والفساد والبيروقراطية ومقاومة الاصلاح، واعلن ان اميركا ستدعم الدول المسالمة في المنطقة، واعتبر الاردن والمغرب وقطر والبحرين نموذجا للاصلاح، ورشحها لقيادة الاصلاح في المنطقة، وناقش لقاء دافوس 2004 وثيقة الإصلاح واعداد القادة العرب الشباب، ووصف باول الاردن بانه دولة المستقبل، ويتضح ان اميركا تسعى الى تهميش الدول العربية الكبيرة، واضعافها لصالح المحور الرباعي، وانها ترمي من وراء ذلك إلى ان يضرب العرب بعضهم بعضا ويتنافسوا لنيل رضا اميركا واسرائىل وتكشف تصريحات وزير خارجية البحرين على هامش المؤتمر نجاح السياسة الاميركية، عندما قال بعد لقائه مع وزير خارجية اسرائىلِ 'انه فخور باليهود الذين يعملون في دولتنا، وعلى العرب ان يعترفوا بالمأساة التي عاشها اليهود في المحرقة لفهم مكامن هويتهم'ِ وفي مقال نشرته روز اليوسف يوضح الدور الخطير الذي تلعبه اميركا لصنع شرخ عميق في جسد هذه الامة، اذ رأت ان رئيس مركز ابن خلدون دِ سعدالدين ابراهيم الذي يحمل الجنسية الاميركية، والذي يتمتع بحمايتها والممول من قبلهاِ يعمل على اثارة الفتن والصراعات داخل المجتمع المصري، فهو يسعى الى اقامة جسر من التفاهم بين اميركا وجماعة الاخوان المسلمين، ويدعي انه كثف اتصالاته معهم في انتخابات 2000، وقدم لهم الدعم والمشورة، ويعتقد انه من الممكن دمقرطة الاخوان، وتطبيع العلاقات بينهم وبين الغرب واميركا وتقديمهم كبديل لانظمة الحكم القائمة في المنطقة، كما انه من ناحية اخرى يتاجر في مشاكل الاقباط، ويحاول اشعال الفتن بينهم وبين المسلمين، مما يؤكد ان اميركا لا تكتفي بإشعال الفتن بين انظمة الحكم العربية ليعادي بعضهم بعضا، بل تسعى ايضا لإشعال فتن طائفية وحزبية في كل بلد عربي، لإضعاف العرب وتمزيقهم لتسهل الهيمنة عليهم، ولعل ما يحدث في السعودية جزء من ذلك المخطط، فهي لا تهتم بالاخوان ولا الليبراليين ولا الاقباط او السنة والشيعة والاكراد، ولا بأي حكومة عربية، فالجميع في نظرها متوحشون هدفها تمزيقهم للسيطرة على ارضهم وثرواتهم، ولنا في تاريخها مع الهنود عبرة عندما تظاهرت انها ستناصر فصيلا على آخر ثم ابادت الطرفين، فليس لها حليف ولا صديق حقيقي سوى الصهيونية واحلامها وجشع المستثمرين واطماعهم. مما سبق، يتضح لنا ان المهيمنين على السياسة الاميركية بعد سقوط الشيوعية رسموا استراتيجية تقضي باحتلال ارض العرب والمسلمين، واتخاذها جسرا لتحقيق احلامهم في السيطرة على العالم، وتحقيق امن اسرائىل، لهذا احتلوا افغانستان والعراق، ويهددون سوريا وايران، ويشعلون الفتن في مصر والسعودية، وقد اكد الجنرال انتوني زيني القائد السابق للقوات الاميركية في منطقة الشرق الاوسط في حديث تلفزيوني لبرنامج 60 دقيقة ان ادارة بوش شنت الحرب على العراق لمساعدة اسرائىل، وان المسؤولين عن اشعال تلك الحرب هم اليهود في البنتاغون، فهم المحافظون الجدد الذين خطفوا السياسة الخارجية الاميركية، وان الادعاء بأن العراق يمثل تهديدا للامن القومي الاميركي مجرد اكذوبة، وهكذا بدأت تتضح اهداف الحرب الحقيقية وغير المعلنة، وان اميركا متشبثة بتلك الاهداف، الا انهم لما فوجئوا بالمقاومة العراقية الباسلة لجأوا الى الامم المتحدة التي تجاهلوها في البداية وداسوا على قراراتها، متظاهرين بأنهم غيروا من سياساتهم العدوانية، ومدعين انهم سيسلمون السيادة للعراقيين في 30/6 وطالبين دعم مجلس الامنِ الا ان اختيارهم للدكتور اياد علاوي رئىسا للحكومة العراقية الجديدة، وهو شخص وثيق الصلة بالمخابرات الاميركية والبريطانية، يؤكد سوء النية الاميركيةِ وانها لن تتخلى عن اطماعها في العراق بل انها تتبع اساليب من الحيل لانجاح مخططاتهاِ اذ اختارت حكومة تدافع عن التواجد الاميركي. ومما يؤكد ايضا سوء النية الاميركية اختيار جون نيغروبونتي سفيرا لأميركا في العراقِ والتأكيد على ان تلك السفارة ستضم آلافا من العاملين وانها ستكون اكبر سفارة اميركية في العالمِ فهو يهودي من المحافظين الجددِ وله سجل حافل في رعاية العمل الوحشي الذي تميز به عندما كان سفيرا لأمريكا في الهندوراس 81،-85، حيث اقامت اميركا في تلك الفترة قواعد لها في الهندوراس، لتدريب مرتزقة الكونترا والارهابيين لتقويض الحكم الوطني في نيكاراغوا والسلفادور وغواتيمالا وقمع المعارضين للتواجد الاميركي في الهندوراسِ وتعاونت مع الجنرال الفاريز لأداء تلك المهمة، الذي اصبح رئىسا للقوات المسلحة في الهندوراسِ وقد ارتكب اعمالا وحشية ضد المعارضين كالخطف والقتل والتعذيبِ وتعاون مع عصابات المخدرات مستعينا بمراكبهم لنقل المعدات العسكرية للارهابيينِ كما زودوه بأموال المخدرات التي كانوا يبيعونها في اميركا تحت حماية من المخابرات والادارة الاميركيةِ وقد اخبر السفير الاميركي في الهندوراس جاك بينز واشنطن بتلك الانتهاكات، الا ان ادارة ريغن تجاهلت ذلك واستبدلت نيغروبونتي به، الذي امر بشطب تلك التقاريرِ وقدم بدلا منها تقارير كاذبة اكد فيها انه لا يوجد سجناء سياسيون في الهندوراسِ فأخفى الحقائق لتضليل الكونغرس والشعب الاميركيِ فقام بجهود لتدمير شعوب تلك المنطقة واقتصادها، ومن المؤكد انه سيقوم بدور مدمر في العراق والمنطقة الممتدة من باكستان الى المغربِ وستكون بغداد عاصمة ذلك العمل الشريرِ لا سيما ان شعوب المنطقة من العرب والمسلمين وانها قريبة من اسرائيل وتمتلك احتياطيا ضخما من البترولِ وسيساعده على اداء تلك المهمة وجود اكثر من 160 الفا من قوات الاحتلال و20 الفا من المرتزقة الذين عرفوا بحراس الامنِ وعملاء من العرب والمسلمين الذين باعوا امتهم وشرفهم للشيطانِ وسيعملون جميعا لإنجاح المخطط الاميركيِ فالحرب على العرب والمسلمين ليست رغبات عابرة بل نابعة من استراتيجية راسخةِ ومشروع الشرق الاوسط وسيلة من وسائل انجاح ذلك المخطط الخطيرِ ولن تتخلى اميركا عن مخططها الا اذا هبت المنطقة لتدافع عن دينها وامنها وشرفهاِ فالامة بحاجة الى قيادات وطنية شعبية تلتحم بالجماهير تجسد آمالهم وترفع من معنوياتهم وتحرك فيهم النخوة العربية الاسلاميةِ لا سيما بعد ان تخلى بعض الحكام عن مسؤولياتهم واماناتهم تجاه امتهم واصبح بعضه
6/26/2004
|