الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
القيادات العربية والتحديات الصعبة | رجوع
تلعب القيادات دورا مهما في نهضة الأمم والشعوب وتطويرها أو تحطيمها وإذلالهاِ ولنا في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أسوة حسنة، إذ استطاع خلال الفترة الوجيزة التي قضاها مع أمته ان ينتشلها من الفوضى والضياع، ويقضي على التناحر والتفكك القبلي، ويبني أمة موحدة تنتشر فيها مبادئ وقيم فاضلة كالإيمان والتقوى والعدالة والمساواة والحرية والكرامة والشجاعةِ لقد ظل طوال تلك الفترة مجتهدا متصلا مع السماء يستمد منها ذلك النور العظيم، لينقله الى الإنسان العربي، فكان ذلك النور كالمطر المبارك الذي أتى على أرض طيبة، فأنبتت نباتا طيبا أنار البشرية بأسرهاِ لقد قامت دولة على أسس سليمة تمكنت من قيادة العالم روحيا وفكريا وعسكريا طوال ستة قرون. 
ان أمتك يا رسول الله تتعرض لعدوان يقوده أعداء قساة متوحشون، يريدون إذلالها واستعبادها ونهب ثرواتهاِ لقد تم اغتصاب أرض فلسطين واحتلال أفغانستان والعراق، وتتعرض شعوبها لمذابح ومجازر وحشية واعتداءات خسيسة لحقوق الإنسان وامتهان لكرامتهِ وبوش وبلير يفتخران بمذابح المدنيين ويدعيان انهما يواجهان معركة في العراق ولا بد لهما من الانتصار. 
عن أي معركة تتحدثون؟ عن أقوى جيش في العالم يحاصر المدن ويضرب الأحياء السكنية بوحشية وهمجية بالطائرات والصواريخ والقنابل العنقودية، ويحصد القناصة من على أسطح المنازل ومآذن المساجد ومن طائرات الهليكوبتر المدنيين ليقتلوا الأطفال والنساء والشيوخ ويهدموا المساجد والمساكن على من فيها ويحرقوا سيارات الإسعاف لمنعها من إسعاف الجرحى وتركهم ينزفون حتى الموت، بل يذهبون الى المستشفيات لاعتقال الجرحى؟ 
وبعد ذلك كله، وقف بوش الى جانب حليفه النازي والسفاح شارون، ليعلن بكل وقاحة انه قرر منع اربعة ملايين لاجئ فلسطيني من حق العودة الى ديارهم التي اقتلعوا منها، وأقر بيهودية دولة اسرائيل ومنحها الحق بطرد العرب المقيمين فيها، ورفض انسحاب اسرائيل الى حدود 67 وأيد بقاء المستوطنات في الأراضي المحتلة وبناء الجدار العنصري العازلِ فألغى بذلك جميع القرارات الدولية المتصلة بتلك الأمور، متجاهلا الأمم المتحدة والتسوية السلمية واللجنة الرباعيةِ فأعطى لذلك السفاح الضوء الأخضر ليرتكب ما يشاء من جرائم، متعهدا انه لا توجد قوة دولية أو دين أو أخلاق يستطيع أن يفرض عقوبة ضد اسرائيلِ فعاد ذلك المجرم مبتهجا بتلك الوعود، ليحول الضفة والقطاع الى حقل رماية، معلنا ان موسم الصيد قد بدأ، معتبرا أرض فلسطين متنزها للصيد، وان شعبها مجرد حيوانات يقتل منهم متى شاء ويدمر ممتلكاتهم السكنية والزراعيةِ وبهذا حول بوش أميركا الى بلد معاد للأمن والسلام والعدالة، وجعل من رئيسها إنسانا شريرا يسعى للتخريب واشاعة الفوضى الدولية وحريصا على تكريس شريعة الغاب، منتهكا حقوق الإنسان والتقاليد والأعراف الدولية، مدمرا المنظمات الدولية التي اجتهدت الشعوب الحرة والقيادات الفكرية العالمية لتأسيس مبادئها وتكريس قيمها، من أجل بناء حياة أفضل للإنسانية وتخليصها من ويلات الحروب التي يشعلها مجرمون طامعون أمثال نابليون وهتلر وموسوليني، لينشروا بدلا منها الأمن والحب والسلام؟ 
وبعد تلك الجرائم، تأتي فضيحة تعذيب المعتقلين العراقيين والاعتداء على كرامتهمِ وحاول بوش في البداية ان يتستر عليها ويقلل من قيمتها، معتبرا ما حدث مجرد تصرف فردي، وكشفت الصور ان هناك آلافا قد تعرضوا للتعذيب والاعتداءات الجسمية والجنسية، مما ىؤكد ان التعذيب كان قاعدة عامة في تلك السجون وليس عملا فردياِ واعترفت كاربينسكي، التي أعفيت من منصبها، ان المخابرات الأميركية هي التي أوصت بتعذيب المعتقلين لنزع الاعترافات منهمِ وقالت مديرة منظمة العفو الدولية انها لم تفاجأ بصور التعذيب، لأنها كانت على علم بذلك، وانها قدمت تقريرا عنه للحكومتين الأميركية والبريطانية منذ شهر فبراير ولكنهما تجاهلتا ذلكِ أما الميجر جنرال جيفري ميلر الذي حل محل كاربينسكي، فهو المسؤول عن معتقل غوانتانامو وقد زار العراق في شهر سبتمبر 2003، وقدم مقترحات لجعل استجواب المعتقلين يصبح أكثر كفاءة، مما يؤكد الإصرار على الاستمرار بسياسة التعذيبِ وأشار روبرت فيسك في مقالة له ان هناك اسرائيليين يقومون بتعذيب المعتقلين العراقيين، وان ما يجري في العراق مشابه لمذابح صبرا وشاتيلاِ وقال ان كاربينسكي اعترفت بوجود غرباء يستجوبون معتقلين في غرف تعذيب لم يسمح لنا بدخولها أو الاقتراب منها. 
وبعد تلك الجرائم، وقع بوش عقوبات ضد سوريا، واشترط لرفع تلك العقوبات تعاون سوريا مع أميركا في كل من الملف العراقي والفلسطيني واللبنانيِ أي ان تتقبل سوريا شروط اميركا واسرائيل لإذلال الشعبين العراقي والفلسطيني وتركيعهما لقبول إملاءات أميركا واسرائيل المذلة والمهينةِ ان ما يقوم به بوش من اعتداءات ضد العرب والمسلمين، ما هو الا امتداد لسياسة الثقافة العنصرية التي آمنت بها الجماعات التي احتكرت السلطة في أميركا منذ تأسيسها، وهم اتحاد رجال المال والسلاح والدينِ وترتكز تلك السياسة على تعظيم الذات واحتقار الآخرين والتوسع والاستيلاء على ممتلكات الغير بالقوةِ فتحت شعار انهم رسل العناية الالهية لإنقاذ البشرية ونشر الحرية، شنوا حروبهم التوسعية والعدوانية ابتداء من مجازر الهنود والتوسع في أراضي المكسيك، وإشعال الفتن وأعمال التخرب والانقلابات في دول أميركا اللاتينية والوسطى، للقضاء على الحكومات الوطنية وإقامة حكومات عميلة ترعى المصالح الأميركية وتحطم المصالح الوطنية في تلك الدولِ ان ما يفعله بوش هو امتداد لتلك السياسة، انه يرى في نفسه انه رسول العناية الالهيةِ ان يسوع نزع من يده الكأس ليضع فيها الكتاب المقدس ليصبح انسانا آخر، ان ربه يوصيه بنشر الحرية في الدول العربية والإسلاميةِ انه يقتل الأبرياء ويستعبد الشعوب ويسلب ثرواتها لينشر الحريةِ ان بوش ما هو إلا واجهة تنفذ إرادة ورغبة القوة المسيطرة في أميركا وهي اليمين الصهيوني مسيحيين ويهودا وشركات النفط والمال والسلاحِ ورحيله لن يؤثر في تغيير تلك الاستراتيجية، فهذه الجماعة ستأتي بشخص آخر ينفذ إرادتهاِ ان استراتيجيتها ترتكز على أهمية السيطرة على المنطقة العربية والاسلامية للاستفادة من ثرواتها وموقعها الاستراتيجي لمحاربة أي قوة تنافس اميركا في المستقبل، ليصبح القرن ال 21 قرنا أميركيا. 
ان أميركا لا تستطيع تحقيق أهدافها الرامية الى إذلالنا وتدمير ثقافتنا وديننا ونهب ثرواتنا، لو ان في هذه الأمة قيادة تتحرك فيها النخوة العربية والإسلامية وتتصدى لهذا العدو الغاشمِ لقد تحولت بعض الحكومات العربية الى طابور خامس تساعد المعتدي ليحقق أهدافه، فالتقرير السنوي الأميركي يمدح الكثير من الحكومات العربية على الجهود المتميزة التي تبذلها لمحاربة أعداء أميركا والمحافظة على المصالح الأميركيةِ ان وزراء الخارجية العرب اجتمعوا للتحضير للقمة القادمة، ما أهمية هذه القمة؟ وهل تستطيع ان تقدم لهذه الأمة أمرا ذا قيمة يعينها في محنتها؟ ما أهمية هذه القمة وفيها قيادات تفتخر بأنها حليفة لأميركا وستساعدها على تحقيق أهدافها الاجرامية؟ حكومات تسمي الاحتلال تحريرا وتصف المواطن العراقي الذي يدافع عن أرضه وشرفه وكرامته بأنه ارهابي؟ حكومات تشجع على قيام جمعيات تجمع الأموال لمناصرة جنود الاحتلال ومن جاء معهم من المرتزقة وتحرم تأسيس الجمعيات التي تريد ان تمد يد العون للشعب العراقي المعتدى عليه؟ حكومات لزمت الصمت ازاء جريمة تعذيب المعتقلين العراقيين التي استنكرتها الحكومات الحرة، بل ان بعضهم تمادى في حب أميركا واعتبر ما يحدث للعراقيين تكريما لهم بمقارنته بما يحدث في عهد صدام؟ ولعل هذا الصمت هو الذي جعل ريتشارد ارميتاج نائب وزير الخارجية الأميركية يصرح بان تأثير صور تعذيب السجناء العراقيين في أوروبا أعظم من تأثيرها في الدول العربية. 
ان الأمة العربية، طوال تاريخها حتى قبل الاسلام، لم تعرف انحطاطا كالذي تشهده في هذه الأيامِ وانها لن تستطيع مقاومة المشروع الصهيوني الخطير إلا بوجود قيادات جديدة، تقدر عظمة هذه الأمة التي لم تعرف اليأس طوال حياتها، ولم ترض بالذل والعبودية وتجسد آمالهاِ قيادة كصلاح الدين الذي حطم أحلام الصليبيين، أو قطز ونائبه الظاهر بيبرس وهما من المماليك ولكن تحركت فيهما النخوة العربية والإسلامية، فهبا لإنقاذ الأمة من المغول. 
ولكننا لا نريد ان تأتي قيادة مخلصة عن طريق الصدفة، بل يجب ان تجتهد النخب العربية المثقفة وتعمل على تطوير أنظمة الحكم الفاسدة والمستبدة التي لا هم لها إلا سرقة أموال شعوبها والتعاون مع الأعداء وإهدار حقوق المواطنين. 
direct lender payday loans
guaranteed payday loans
Yes we should be fast payday loans up if a smaller taxes.