الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
طوبى لنخب عربية تقاوم المشروع الاميركي الشرير | رجوع
كل امة عظيمة يصنع تاريخها صفوة من ابنائها، يكونون بمثابة العقل المدبر الذي يرسم الاستراتيجيات والنظريات التي تساهم في عملية التطوير، وتحافظ على وحدة المجتمع وكيانه وقادرة على معالجة الازمات والتحدياتِ وكلما عظم شأن الامة وقدر لها ان تلعب دورا قياديا في تطوير الحضارة البشرية، تعددت المواهب والصفات التي يجب ان تتحلى بها الصفوة القائدةِ ومن اهم تلك الصفات: الوطنية والامانة والشجاعة والذكاء وتغليب المصلحة العامة والقدرة على التمييز بين الحق والباطلِ 
ومن الامم التي تمكنت صفوة من ابنائها من قيادتها، المجتمع العربي الاسلامي، حيث برز في صدر الاسلام الدور القيادي لاهل الحل والعقد، ثم كبار العلماء الذين قادوا عملية التطوير الثقافي لقرون طويلةِ كما برز في اوروبا في اواخر العصور الوسطى مجموعة من المفكرين قادوا اوروبا نحو عصر النهضة وعصر التنويرِ وبعد هزيمة المانيا امام نابليون وظهور اعجاب في المانيا بالثقافة الفرنسية واحتقار للثقافة الالمانية، برزت مجموعة مخلصة من رجال المانيا قادوا بلدهم نحو النصرِ اما المجتمعات الهامشية والهابطة فلا تتيح فرصا لقيادتها الا لاصحاب النفاق السياسي واصحاب الاطماع والمصالح الخاصة ومن لديه استعداد لخيانة الامانة وبيع الاوطانِ وسيقودون مجتمعاتهم نحو الفساد السياسي والمالي والاداري، وينشرون الرشوة والنزاع الطائفي والقبلي ويغلون جميع وجوه الخير والاصلاح في المجتمعِ 
واليوم تواجه الامة العربية والاسلامية محنة عظيمة تتمثل في احتلال العراقِ وبالرغم من ان قوة الاحتلال لم تفصح عن نواياها الحقيقية، الا اننا يجب ان ندرك ان اطماع اميركا في السيطرة على الارض العربية الاسلامية لم تكن وليدة اليوم، بل هي جزء من حلم القوة الذي سيطر على اميركا منذ تأسيسها، حيث كانوا يحلمون بالتوسع ومد نفوذهم، بحجة انهم شعب مختار وصاحب رسالة يجب ايصالها الى الاخرينِ فكان التوسع والاحتكار يمثلان جوهر السياسة التي تحرك تلك الجماعة المهيمنة على اميركا ِ من اجل ذلك اشعلوا الحروب، بادئين بمجازر الهنود للاستيلاء على ممتلكاتهم، ثم السيطرة على عقل الانسان الاميركي وثرواته وبعدئذ تطلعوا لمد نفوذهم الى الخارج، فرفعوا شعارا للاوروبيين (القارة القديمة) وللاميركيين (القارة الجديدة)، اعلانا لطرد الاوروبيين من القارة الاميركية لمدة نفوذهم السياسي والاقتصادي على القارة الاميركية بكاملها شمالها وجنوبهاِ ثم بدأت اطماعهم تتطلع الى القارة القديمة كما استغلوا ضعف اوروبا بعد الحربين العالميتين لبسط نفوذهم خارج القارة الاميركيةِ ولكن بروز الاتحاد السوفيتي كقوة منافسة وقيادته للشيوعية كايديولوجيا تناصر العمال والفلاحين والطبقات الفقيرة، وتخوفهم من امتداد هذا الفكر الى اوروبا الغربية ثم الى اميركا، ركزوا اثناء الحرب الباردة على محاربة الشيوعية واعتبارها محور الشر، وهو التعبير الذي يستخدمونه دائما لتبرير عدوانهمِ 
ولكن بعد سقوط الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتي لم تتغير السياسة الاميركية، بل زاد سعيها في التفرد والهيمنة على العالمِ مما يؤكد ان الحرب الباردة والحروب التي شنتها في اطارها، لم تكن الا وسيلة لاعلان اميركا حروبها على الشعوب والاطاحة بالحكومات لفرض الهيمنة عليهاِ ولكن بعد سقوط الشيوعية بحثت اميركا عن عدو وهمي جديد يساعدها على تحقيق احلامها الرامية الى السيطرة على العالم واحتكار اسواقه ونهب ثرواتهِ فاختارت ارض العرب والمسلمين كمنطقة ثرية واستراتيجية واشد ضعفا من غيرها، فقررت السيطرة عليها وجعلها نقطة انطلاق لصعودها الامبراطوريِ لذلك اعلن راسمو الاستراتيجية الاميركية قبل سقوط الشيوعية بقليل وبعده ان العدو لاميركا الان اصبح العرب والمسلمينِ فقرروا غزو الارض العربية والاسلاميةِ فقدم لهم عميلهم صدام المنطقة على صحن من ذهب في حربه لايران وغزوه الكويت، فتمكنوا من السيطرة على الخليج ومنابع النفط فيه، ومحاصرة العراق لاضعافه وتجويع شعبهِ ثم قدمت لهم احداث 11/9 فرصة ذهبية اخرى فاحتلوا افغانستان، واصبحوا قريبين من منابع الطاقة الجديدة وقادرين على محاصرة القوة الروسية والصينية والجمهورية الايرانيةِ ثم بدأوا يدقون طبول الحرب ضد العراق بحجة محاربة الارهاب والدكتاتورية وانتصارا للديموقراطية وغيرها من الاكاذيب لتبرير عدوانهم واخفاء اطماعهم ونواياهم التوسعيةِ 
وبعد احتلاله تعرض العراق لاعمال سلب ونهب واحراق طالت جميع الوزارات والمؤسسات ما عدا النفط، وقتل الابرياء الذين يطالبون بتحرير بلادهم واعتقال الكثيرين منهم وتعرضهم لاعمال الركل والاهانةِ والغاء سلطة الدولة والقانون، ونزع الاسلحة من الشعب العراقي ما عدا الاكراد، لايجاد فتنة بين العرب والاكرادِ ثم اعلان قوة الاحتلال ان شيعة العراق هم حلفاء لاميركا لانهم تعرضوا للظلم طيلة العهد السابق لايجاد فتنة اخرى بين الشيعة والسنةِ ثم محاولة قوة الاحتلال تشجيع زعماء العشائر والقبائل وشيوخها على اقامة ادارات في مدنهم وقراهم تحت نفوذهمِ فهذه المحاولات تكشف ان الاحتلال يهدف الى تمزيق النسيج الاجتماعي الذي كان يوحد العراقيين منذ عهد الاستقلال، وتفكيكهم الى اقليات وطوائف ومذاهب وقبائل وعشائر قد يعادي بعضهم بعضا ليرجعوا الى المحتل ليفصل بينهمِ ويصور فريدمان في مقال له نظرة اليمين الاميركي المتطرف الى العرب حيث يقول 'بعد احتلاله اصبح العراق لدينا الولاية ال 51 فقد تبنينا طفلا اسمه بغداد'ِ فهذه هي نظرتهم الى العرب نظرة دونية، فهم ينظرون الينا على اساس اننا نسكن فوق بقعة من الارض تهمهم استراتيجيا ولما فيها من مخزون من الثروات فهم يريدون السيطرة عليها، وعلينا الخضوع والطاعة او التعذيب والافناءِ 
بهذه النظرة المتعالية والمتغطرسة جاء الرئيس بوش الى المنطقة ليلتقي ببعض الحكام الذين اختارهم، وكأن المنطقة اصبحت اقطاعية اميركية، يختار فيها من يشاء ويبعد من يشاءِ جاء ليملي شروطه واملاءاتهِ فرض ابعاد الرئيس ياسر عرفات المنتخب من الشعب الفلسطينيِ وفرض عليهم وصف رجال المقاومة الفلسطينية بانهم قتلة وارهابيونِ اما الجيش الاسرائيلي المسلح باكثر انواع الاسلحة فتكا والذي يشن حرب ابادة ضد الشعب الفلسطيني الاعزل فهو في حالة دفاع عن النفس والمجرم شارون رجل سلامِ لاشك ان الرضا بمقابلة الرئيس بوش فوق اي ارض عربية والتحاور معه بشكل ودي، وقواته قد اعتدت على ارض العراق ومازالت تحتل ارضه وتعمل على تفكيكه وتمزيقه، والمتعاون بشكل واضح ومكشوف مع اليمين الاسرائيلي المتطرف، دليل على ان العرب لا يمكن الاعتماد عليهم في الدفاع عن حقوق هذه الامة وصيانة استقلال ارضها والدفاع عن كرامة شعوبها، وان ما تعرض له العراق ستتعرض له اية دولة عربية في المستقبل، لا سيما ان قيادة الاحتلال اعلنت ان احتلال العراق سيكون نقطة بداية لاعادة رسم المنطقة بما يتفق مع المصالح الاميركية والاسرائيلية، وقد تسربت الانباء التي تؤكد ان المشروع الاميركي للمنطقة يقضي باحتلال الدول العربية الكبيرة مثل مصر وسوريا والسعودية، وتمزيقها الى كيانات صغيرة لان وجودها الحالي اصبح لا يرضي الشريك الاسرائيلي، الذي يخطط ليكون الدولة الاقوى في منطقة الشرق الاوسط، سواء في الوقت الحاضر أو المستقبلِ 
وتعتمد اميركا في تحقيق مشاريعها ومخططاتها الرامية الى احتلال ارض العرب والمسلمين، لاضعافهم واذلالهم وتهميشهم ونهب ثرواتهم، على ما تمتلك من قوة عسكرية هائلة فهي الاقوى في التاريخ، وعلى ما تمتلك من امبراطورية اعلامية ضخمة يمتد نفوذها ليشمل مساحات شاسعة من العالم، وتعمل هذه الاجهزة الاعلامية من خلال التضليل وعملية غسل الادمغة، على تجميل وجه الهيمنة الاميركية، وتسعى لتقبل السياسة الاميركية واخفاء ملامحها العدوانية، كما تعتمد على ما تمتلك من مهارة فريدة في سياسة الاغواء والتخويف، وكيف مكنتها هذه المهارة من توريط المجتمع الدولي ليتحالف معها في شن حروبها ويدفع تكاليفها ويمنحها الغطاء القانوني، ثم تحصد وحدها ثمار الحرب الاقتصادية والعسكرية وتبعد الدول التي تحالفت معها، وكيف اغرت دول مجلس الامن لمنحها صفة شرعية لاحتلال العراق والتصرف بثرواته، في مقابل وعد للشركات الفرنسية والروسية والصينية للقيام بدور في اعمار العراق او التنقيب عن النفط، كما تعتمد في تنفيذ مخططاتها على بعض الحكام العرب، الذين دربتهم على تنفيذ اوامرها والخضوع لارادتها واوحت اليهم ان بقاءهم في السلطة يتوقف على رضا اميركا عن سياستهم، كما تعتمد في تنفيذ مخططاتها على النخب العربية الطفيلية والخائنة، التي آلت على نفسها الا ان تكون خادمة مطيعة لسيدها الاميركي تسعى لتعزيز نفوذه في المنطقة واداة اعلامية نتنة تعمل على تسميم عقول شعوب المنطقة وتضليلها وتروج الفكر الاميركي وتزينه، لاقناع شعوب المنطقة بتقبل الاحتلال البغيض والنظر اليه على انه وجه من وجوه الحضارة سيسهم في تقدم المنطقة، كما تعتمد على بعض رجال المال واصحاب الشركات والاثرياء في المنطقة، الذين وعدتهم بالمشاركة في احتكار ثروات المنطقةِ 
والان كيف الخروج من هذه الكارثة؟ وما الدور الذي يجب ان تقوم به نخب عربية صادقة ومخلصة لمواجهة هذه المحنة والتغلب عليها؟ انا على يقين ان هذه الامة امة عظيمة وقادرة على مواجهة هذه المحنة والخروج منها سالمة باذن الله، وانها قادرة على توليد صفوةعظيمة ومخلصة من ابنائها، وكم نتمنى من الل

6/15/2003
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com