تعست النخبة العربية المساندة للعدوان الأميركي | رجوع
انها مجموعة أطلقت على نفسها النخبة المثقفة، متوهمة انها تتميز عن غيرها بالذكاء والعبقرية، لذا تعتقد ان ما تقدمه من آراء ما هي إلا حقائق يجب التسليم بصحتها، ومن يعارضها فهو سطحي وغوغائيِ من هذا المنطلق تبنت الفكر الصهيوني الأميركي، وأرادت فرضه وترويجه على الشعب العربيِ ومن الغريب اننا نجد من بينهم من كان يحمل لواء الماركسية أو القومية العربية أو الفكر الإسلاميِ ولكنهم تخلوا عن تلك المبادئ وانضموا تحت خدمة السيد الأميركي، الذي ظنوا انه لا يقهر وانه سيوصلهم الى المجد والجاهِ فهم جماعة انتهازية بطبعهم لا يهمهم الالتزام بمبدأ، بل جبلوا على حب الذات والبحث عن الطرق التي توصلهم الى تحقيق أطماعهم مهما كانت قذارة تلك الوسائلِ وفي هذا السياق نادوا ان تخضع الأمة العربية والاسلامية للارادة الاميركية وتنفيذ مطالبها المذلة والمهينة، ظنا منهم ان الأمة العربية والاسلامية أمة ضعيفة ومهزومة، والضعيف ليس له كرامةِ وإمعانا في تضليل أمتهم فإنهم يطالبونها بتقبل الاحتلال الاميركي وعدم مقاومته، زاعمين انه سيساهم في نشر الديموقراطية والقضاء على انظمة الحكم الاستبدادية وتحسين المستوى الاقتصادي والثقافي واصلاح التعليم لنزع الطبيعة الشريرة من الإنسان العربي، تلك النزعة التي يدعون انها تكونت لديه نتيجة لأنظمة الحكم الاستبدادية ومناهج التعليم المتخلفة، لاسيما مناهج الدين الاسلامي والتاريخ الاسلامي والعربي واللغة العربية وآدابهاِ فهم ينادون بأن نسمح لأميركا ان تفرض مناهج التعليم التي تراها قادرة على اصلاح شعوب المنطقة وتطهيرها من الشرور كما فعلت مع المانيا واليابانِ أي علينا من وجهة نظرهم ان نرضى بالاحتلال الاميركي أكثر من نصف قرن لكي نصبح شعوبا متقدمة. وعلى هذه النخبة ان تدرك ان كل من يقرأ تاريخ الثقافة العربية، سيدرك ان الأمة العربية، تعي تماما انها تعيش في فترة تخلف ثقافي وتدرك خطورتهِ فهي ليست بحاجة لهذه الجماعة المرتبطة بأعداء الأمة والجاهلة بتاريخ أمتها الثقافي، والتي برهنت على انها لا تبالي ولا تكترث بمصالح هذه الأمة ولا بحاضرها أو مستقبلها لتذكرها بذلكِ فهذه الأمة تبذل جهودا جادة لمعالجة ذلك التخلف. كما انها تدرك أهمية الاتصال بالحضارة الغربية لتحقيق التقدم العلميِ فهي منذ مطلع القرن ال 19 وحتى اليوم ترسل البعثات من شبابها للدراسة في الجامعات الأوروبية والاميركية، وتستقبل الخبراء من تلك الدول ليساهموا في تطوير مؤسساتها الاقتصادية والتعليمية، ولكن لم يقل أحد اننا يجب ان نستعين بجيوش الاحتلال أو نسمح لتلك الجيوش بأن تحتل دولنا لتساهم في تقدمناِ فهناك إجماع لدى الأمة العربية والاسلامية يؤكد على ان جيوش الاحتلال الاميركي قد قدمت الى المنطقة لخدمة أهداف وأطماع استعمارية، ولتنفيذ مخططات ضارة بحاضر هذه الأمة ومستقبلها. لقد كان سقوط العراق واحتلاله وتعرضه لأعمال السلب والنهب، ورؤية جنود الاحتلال وهم يطأون بأحذيتهم رأس الأسرى العراقيين موجهين وجوههم نحو التراب، ورؤية أبناء الشعب العراقي واقفين في طوابير يستجدون جنود الاحتلال ليملأوا خزانات سياراتهم من الوقود أو الحصول على الغاز لبيوتهم، وهم يعرفون ان ثروتهم النفطية تسرق من أرضهمِ والتعمد في تصوير هذه المناظر المهينة أمام الملأ، نقطة سوداء وعار في جبين الأمة العربية والاسلامية، كشف ضعفها وتفككها، وعدم قدرتها على الدفاع عن نفسها، وخيانة بعض الأنظمة لأمتهاِ لقد حزن العالم العربي والاسلامي للوضع المأساوي الذي وصل اليه الشعب العراقي الشقيقِ ما عدا هذه الجماعة التي دربت تدريبا جيدا لتقوم بحملة اعلامية كاذبة ومضللةِ لقد بدأوا حملتهم الاعلامية منذ ان بدأت أميركا تدق طبول الحرب على العراق، فبدأوا بتمجيد الأميركان والترحيب بقدومهم وشتم العرب والمسلمين والسخرية منهم، محاولين تصوير الاحتلال بأنه أمر نبيل وسام لإقناع الجماهير العربية بتقبله والترحيب به. ان هذه الجماعة التي لم تعرف طوال حياتها شرف الكفاح ضد الاحتلالِ تريد ان تتخذ من مادتها الاعلامية أداة لتثبيط عزم الأمة وإدخالها في حال من اليأس، تشعر من خلالها انه لا جدوى من مقاومة الاحتلالِ انها تريد من الأمة ان تنشغل بجرائم صدام وتتذكر فضل اميركا التي خلصتهم من ذلك النظام الوحشي، متناسين ان جرائم صدام كانت معروفة، لاسيما لدى الأميركان، فهو رجلهم الذي صنعوه لتدمير المنطقة وتسليمها لهمِ لذا يجب ألا تشغلنا تلك الجرائم عن التفكير في الواقع المخيف الذي يجب التركيز عليه، ويتمثل في وجود قوة احتلال مسلحة بأخطر الأسلحةِ ويدعي قادة ذلك الاحتلال ان احتلال العراق سيكون مقدمة لحروب أخرى في المنطقة لإعادة تشكيلها وفق المصالح الأميركية والاسرائيليةِِ لذا أصبحت معرفة أهداف الاحتلال وكشف مخططاتها وطرق مقاومته مطلبا ملحا للإنسان العربي المخلص لأمته والواعي بخطورة الأوضاع التي تمر بها الأمة. لقد أثارت تلك المطالب النبيلة حفيظة وأحقاد النخبة العربية التي نذرت نفسها لخدمة المحتلين والدفاع عن مصالحهمِ ومن ثم صبوا جام غضبهم على كل من ينتقد الاحتلال الاميركي ولا يصفه بأنه تحريرِ حتى فصائل الشعب العراقي لم تسلم من هجومهم، فهم يستغربون موقف الشعب العراقي الأبي الذي انتفض ونادى بأعلى صوته: لا لنظام صدام ولا للاحتلال الأميركيِ فهم ينتقدون الشعب العراقي لأنه تنكر لفضل أميركا التي حررته من نظام صدام، ويطالبونه بأن يرضى بالذل والعبوديةِ ولعل من أهم أسباب انزعاج تلك النخبة من سماع أصوات الأحرار التي تندد بالاحتلال وتطالب بالحرية، لأن تلك الأصوات النبيلة تكشف في الوقت نفسه الجانب الوطني المضيء في الجانب الآخر الذي يرفع شعار الحرية والاستقلالِ فالحرية قيمة انسانية عليا عرفتها البشرية منذ فجر تاريخها، وكافحت بكل الوسائل لنيل حريتهاِ فالإنسان إذا سلبت منه حريته ستنتفي عنه صفة الإنسانية ويصبح أقرب الى الحيوان منه الى الإنسانِ لأنه سيعيش ذليلا منقادا مسلوب الكرامة والإرادةِ لذا لن تجد شعبا يرضى بالعبودية والاحتلال سوى الشعوب الوضيعة والدنيئةِ فكيف تطالب هذه النخبة العرب والمسلمين وفي مقدمتهم الشعب العراقي صاحب التاريخ العظيم ان يرضى بالعبودية والاحتلال؟ ان ديننا وتاريخنا الحضاري والثقافي يحرمان علينا الرضى بما تنادي به هذه الجماعة. ومع إيماننا بأن تأثير هذه الجماعة محدود في الساحة العربية والاسلامية، فهي تكتب في صحافة محلية لا يتجاوز نسبة من يقرأها 0.05% بالنسبة للعالم العربي والاسلاميِ فالعالم العربي والاسلامي في غالبيته الساحقة موحد ضد الاحتلال وأقوى من ان تؤثر فيه مثل هذه الجماعةِ ومع ذلك، نعتقد ان على المثقفين العرب المخلصين لأمتهم ألا يقللوا من خطورة هذه الجماعةِ فعليهم تقع مسؤولية دراسة هذه الظاهرة الغريبة عن جسد الأمة العربية، وكيف تم إعدادها وزرعها في جسم الأمة ومن يؤويها من الأنظمة ويشجعها على الاستمرار في تعظيم المحتلين وتمجيدهم، وعلى شتم العرب والمسلمين والسخرية منهم وتشجيع استمرار الخلافات بينهم وإفشال كل الجهود الرامية الى توحيد الصف العربي، ليؤكدوا صحة آرائهم المريضة التي تزعم ان الأوضاع العربية المتردية لا تجعل العرب أمام خيارات يمكنهم ان يمايزوا بينها، فما أمامهم من خيار سوى الاستسلام للارادة والمطالب الاميركيةِ فباسم الواقعية يطالبون العرب بالكف عن المناداة بالحرية، فهي شعارات لا معنى لها، فلا جدوى من المطالبة بها ما دمنا غير قادرين على تحقيقهاِ لذا يجب ان نرضى بما يقدمه المحتلون ويجودون به عليناِ انهم يريدون ان يجروا معهم الأمة في مستنقع الخيانة الذي ركسوا فيه لكي لا يبقوا فيه وحدهم عراة ومكشوفينِ هذه طبيعة المنافقين يودون ان يكفر جميع المؤمنين كما كفروا لكي لا يبقوا في الكفر وحدهم فينكشف أمرهمِ فهم يبحثون عن الوسائل والدسائس ليفرقوا وحدة صفوف المؤمنينِ ان الخطورة تكمن في ان تمتد هذه الظاهرة الخطيرة الى الشعب العراقيِ فقد يكون الاحتلال قد أعد جماعة اعلامية وتربوية، ودربها على تبني الفكر الاميركي والصهيوني، ونشره في صفوف الشعب العراقي، للتأثير عليه من خلال اعلام ونظام تربوي موجهين توجيا محكما لنزع الشعب العراقي من أمته العربية والاسلاميةِ وليصبح رديفا للاحتلال ومعاديا لأمته، مستغلين ظروف المعاناة التي عاشها الشعب العراقي في ظل نظام الحكم الاستبداديِ انها حقا خسارة جسيمة للأمة العربية والاسلامية ان تخسر الشعب العراقي العظيم المناضل والمكافحِ لذا يجب ان ندرك خطورة هذا الفكر وعدم الاستهانة به، والتفكير في محاصرته واستئصاله. |