اشادة بالموقف العربي المناهض للعدوان الأميركي | رجوع
تبنت سوريا هذا الموقف الشجاع، واستمالت اليه بعض الدول العربيةِ ولسوريا مواقفها المشرفة قديما وحديثا. نذكر منها: موقفها الحازم ضد العدوان العراقي على ايرانِ لاعتقادها ان ذلك العدوان سيضعف المنطقة ويستنزف ثرواتها البشرية والمادية ويقدمها لقمة سائغة لاعدائهاِ وقفت ذلك الموقف والعراق قوي ومدعوم من الدول الكبرىِ وألسنة الكويتيين واقلامهم تشيد بمدح المجرم صباحا ومساء وتقدم القرابين امام سفارته تمجيدا وتعظيما له واحتفالا ببطولاته الزائفةِ وتكبدت خسائر فادحة عندما اوقفت ضخ النفط العراقي عبر اراضيها استنكارا لذلك العدوانِ ووقفت الموقف نفسه واشد لما احتل العراق الكويت وطالبت باخراجه بكل الوسائل. واليوم تقف ضد العدوان الاميركي المرتقب على العراقِ والعراق ضعيف منهوك القوى انهكه نظام فاسد جثم على صدره اكثر من 30 عاماِ ايمانا منها ببشاعة الجرم الذي سترتكبه واشنطن وخطورة المشروع الذي تحضره للمنطقةِ فالعدوان على اي دولة واحتلالها لنهب ثرواتها يعد جريمة في حد ذاته تستنكرها الاديان والشرائع السماوية والمواثيق الدوليةِ فكيف اذا كان العدوان سيقع على بلد عربي وجار ومسلم، وسيكون احتلاله مقدمة لاحتلال المنطقة العربية، واعادة تشكيلها وفق المصالح الاميركية ـ الاسرائيلية؟ عندئذ ستتضاعف المسؤولية ويصبح السكوت جريمة لا تغتفر. ان اعادة تشكيل المنطقة وفق المصالح الاميركيةِِ هذا التشكيل الذي يردده الرئيس بوش وافراد ادارته، يعني كما يتسرب من الوثائق الاميركيةِ تفكيك الدول العربية الكبيرة مثل: مصر وسوريا والعراق والسعودية وتمزيقها الى كيانات عرقية هزيلةِ كي لا يبقى في المنطقة دولة او شعب يمتلك ارادة حرة يعارض الشروط والاملاءات التي تنوي اميركا فرضها على المنطقة لاذلالها واخضاعها تحت الهيمنة الاميركية ـ الاسرائيليةِ انهم يتصورون ان اخضاع المنطقة من افغانستان الى المغرب العربي بموقعها الاستراتيجي وثرواتها الضخمة تحت الهيمنة الاميركية سيساعد على تحقيق رغبة الادارة الاميركية الملحة في قيادة العالم والسيطرة عليهِ ان تفرد اميركا في قيادة العالم والهيمنة عليه، كان حلما راود الادارات الاميركية منذ تأسيسها، وبرز واضحا بعد الحرب الثانية، ولكنه تعرقل بسبب ظروف الحرب الباردةِ ثم برز بوضوح بعد سقوط الشيوعيةِ فالوثائق التي تتسرب من البنتاغون تؤكد على ان اميركا يجب ان تكون الضامن الوحيد للنظام العالمي الجديدِ وانها ستتحرك لمنع تكوين نظام امني في اوروبا يهدد توازن القوى في حلف شمال الاطلسيِ ويجب اقناع الدول المنافسة لاميركا الا تتطفل لتلعب دورا اكبر من حجمهاِ فيجب ردع اي امة او مجموعة من الامم عن تحدي الارادة الاميركيةِ فهي تريد ان تبني استراتيجية شبيهة بالاستراتيجية التي قامت الحرب الثانية لتقويضهاِ استراتيجية تقول ان اميركا فوق الجميع تماما، كما كانت تقول به النازية: المانيا فوق الجميعِ انها تريد تهميش الشعوب والامم الاخرى، وان تحتل بقواتها العسكرية الدول ذات الموارد الطبيعية والمخزون النفطي والموقع الاستراتيجي، لنهب ثرواتها وفتح اسواقها امام المنتج الاميركي والانطلاق منها للسيطرة على باقي دول العالمِ انها تريد اعادة عصر الاحتلال العسكري البغيض. ومن يتمعن في الخطاب الاميركي سيدرك بلا عناء مدى استهتار الادارة الاميركية بدول العالمِ فالرئيس بوش قال في معهد 'انتربرايز' في اواخر شهر فبراير: 'انه اتخذ قرار الحرب بغير رجعةِ وان احتلال اميركا للعراق لن يستمر يوما واحدا اكثر من الضرورة ـ وواشنطن هي التي ستحدد الضرورة ـ وان احتلال العراق سيكون لصالح العراق والعرب لانه سيخلص العراق من نظام دكتاتوري ويحل محله نظام ديموقراطي سيلهم المنطقة باسرها'ِ قال هذا الكلام قبل مؤتمر القمة العربي ثم قال مثله في 6/3 وكرره في خطابه الاسبوعي 8/3، اي بعد مؤتمر القمة العربي والمؤتمر الاسلامي ومؤتمر عدم الانحياز ومؤتمر الدول الافريقية، والتي عارضت جميعها العدوان المرتقب واستنكرته، وهكذا تجاهلت الادارة الاميركية رأي اولئك الحكام وشعوبهم، ولم تحترم المظاهرات والمسيرات التي قام بها الملايين من شعوب العالم في اكثر من 600 مدينة في جميع القارات، ولم تستمع الى تقريري البرادعي وبليكس اللذين اشادا في تعاون العراق، وكأنها تريد ان تقول للعالم بأسره: لا خيار امامكم سوى الرضوخ لإرادة الادارة الاميركية. لعل الادارة الاميركية تعلم ان العالم ليس بالسطحية والسذاجة ليصدق مزاعمها التي تدعي ان العراق تلك الدولة الصغيرة التي انهكتها الحروب ونظام قاسى من الحصار والعقوبات ونظام فاسد، من الممكن ان يهدد امن اميركا التي تبعد عنه آلاف الاميال او يهدد امن العالم بأسرهِ او ان يصدق ان اميركا ذات التاريخ الدموي والشرير، من الممكن ان تتحول فجأة وفي ظل ادارتها اليمينية المتطرفة الى دولة طيبةِ تنفق المليارات وتجيش جيشا جبارا لتنشر مبادئ الديموقراطية ولتحسين المستوى الثقافي والاقتصادي في العالم العربي والاسلامي، لقد كشفت المظاهرات والمسيرات التي قام ويقوم بها احرار العالم ومؤتمرات القمم المتعاقبة وتقرير بليكس والبرادعي، ان العالم لن تضلله الادارة الاميركية ذات الثراء الفاحشِ وانه يدرك حقيقة اطماعها ونزعتها التسلطية العدوانية التي تحاول اخفاءها تحت ستار النيات الطيبة. ان اسرائىل هي الشعب الوحيد الذي يشارك ادارة اليمين الاميركي المتطرف في الرأي وينتظر عدوانها على احر من الجمر هو وقيادته، ولا عجب في ذلك، فاليمين الاسرائىلي مشارك مع اليمين الاميركي في التخطيط لهذا العدوان، وان اسرائىل ستستفيد منه فائدة كبيرة، يقول شاؤول موفاز وزير الدفاع الاسرائىلي في خطاب القاه امام المنظمات اليهودية: 'ان لنا مصلحة كبرى في اعادة تشكيل المنطقة بعد احتلال العراق' كما قال افرام هاليفي رئيس الموساد السابق والمستشار الامني لاسرائىل: 'ان اثارة الصدمة بعد احتلال العراق ستكون واسعة الشمول، فبعد التخلص من صدام ستنهار جميع احجار الدومنة'ِ فاسرائيل بعد احتلال العراق واضعاف المنطقة تعتقد انها ستتمكن من احراز نصر نهائي على الفلسطينيين، وجعل القدس عاصمة موحدة لاسرائىل، وضم معظم الضفة او جميعها، وطرد اعداد كبيرة من الفلسطينيين منهاِ وتغيير النظام الاسلامي في ايران واعادة الروابط الاسرائيلية الايرانية القديمةِ ومن ثم الهيمنة على عالم عربي ضعيف لا يستطيع ان يجابه اسرائيل القوية التي تمتلك اسلحة الدمار الشامل والمتحالفة مع اميركا وايران وتركيا. ان الدول العربية المعارضة للعدوان تدرك ان الاخطار التي ستواجه الامة تفوق الاخطار التي واجهتها في اعقاب اتفاقيات سايس بيكو واغتصاب فلسطين، لذلك تطالب بالتحرك لوقف ذلك العدوانِ ولكن من المحزن والمخزي ان تنبري اقلام عربية وتتحول الى ابواق تروج للفكر الاميركي الصهيوني، وتشارك العدو الاسرائىلي فرحته في النيل من هذه الامة، وتحقر من شأن هذه الامة وتفت من عضدها، انها تسخر من الشعب البحريني الصغير لانه يتظاهر ضد العدوان الاميركيِ وتشمت بعمرو موسى ووفد وزراء الخارجية العرب لان العظيمة رايس استنكفت عن مقابلتهمِ ويهاجمون علماء الازهر الشريف لانهم قاموا بواجبهم الديني والقومي ونددوا بالعدوان الاميركي، ويفسرون احتجاج العالم باسره على ظلم الادارة الاميركية وافتراءاتها بانه شكل من اشكال الغباء والغوغاءِ ان احرار العالم ومفكريه في اميركا واوروبا والعالم العربي والاسلامي والافريقي اصبحوا اغبياء وغوغاء ما عدا هؤلاء المرتزقة فهم العلماء والحكماءِ ولكن بالرغم من اننا نعلم ان اميركا تستطيع ان تحقق نصرا سريعا على العراق، ولكنها لن تهنأ ولن تستطيع ان تنفذ مخططها العدواني على الامة بل ستعلم بعد حين انها قد حفرت قبرا لنهاية حضارتهاِ فتاريخ هذه الامة يشهد انها لم تتوان في مواجهة الغزاةِ لذا فانها قادرة على شحذ قواها وتسخيرها لتحطيم المعتدين، وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.
3/16/2003
|